هل يستمر الانخفاض في قيمة الدولار؟
نشهد في ايامنا هذه انخفاضاً مستمراً للدولار وصل الى ادنى مستوياته أمام اليورو والجنيه الاسترليني، والدولار يمثل عملة أكبر اقتصادات العالم (الولايات المتحدة الاميركية) وتربط العديد من الدول عملاتها بالدولار او بسلة عملات دول صناعية كبرى يمثل الدولار فيها
وزناً نسبياً كبيراً وهو بذلك يستولي على ثلثي احتياطيات النقد الاجنبي في العالم و80% من مبادلات سعر الصرف الأجنبي وبه يتم دفع قيمة أكثر من 50% من صادرات العالم بما فيها البترول حيث يصل حجم التداول بالدولار عالمياً حوالي ثلاثة ترليونات.
والسؤال الذي يردده كثيرون الآن لماذا ينخفض الدولار وهل يستمر هذا الانخفاض؟
إن الادارة الأميركية تشجع انخفاض الدولار من أجل زيادة الصادرات الأميركية وتقليل عجز الميزان التجاري فعندما يكون الدولار قوياً تقل كلفة شراء السلع والخدمات من خارج أميركا وفي المقابل تصبح الصادرات الأميريكية غالية للمشترين الأجانب الأمر الذي يدفع بزيادة معدلات التضخم ، ويعزز انخفاض الصادرات من تراجع الإنتاج الأميركي أما ارتفاع كلفة الواردات فيخفض من معدلات التضخم في حين سيزيد ارتفاع الصادرات من الإنتاج الأميركي.
ويؤثر بنك الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على السياسة النقدية الدولية وأسعار الصرف الأجنبية من خلال خفض أسعار الفائدة ما يدفع المستثمرين إلى الاستثمار خارج الولايات المتحدة فيقومون بتحويل الدولار إلى عملات أخرى فيزيد عرض الدولار وتنخفض قيمته.
إلا أن انخفاض سعر الدولار لن يؤثر بالشكل الكافي لإحداث توازن يجعل سعرالسلع المنتجة في الولايات المتحدة يوازي سعر السلع المنتجة في الهند والصين أو المكسيك التي تصدر اليها، بسبب الانخفاض الكبير للتكلفة فيها، بالاضافة الى أن هذه الدول تحاول ابطال مفعول انخفاض الدولار من خلال استثمار فوائضها التجارية في اصول بالدولار بدلاً من تحويل كامل قيمة صادراتها الى عملاتها المحلية ما يعني استمرار العجز في الميزان التجاري الاميركي. بالاضافة الى ان 60% من الناتج الاجمالي الاميركي يأتي من شركات اميركية تعمل خارج الولايات المتحدة، اي ان الطلب داخل الولايات المتحدة هو على انتاج اميركي يتم تصنيعه خارجها، وليس من مصلحة الولايات المتحدة التضييق على عمل شركاتها التي نقلت مصانعها للخارج لتخفيض تكاليفها والحفاظ على قدرتها التنافسية.
ويبقى السؤال هل سيستمر هذا الانخفاض في سعر صرف الدولار؟ لا يوجد اي خبير او عالم يستطيع توقع اسعار صرف العملات في العالم، فهذا الفن لم يستطع احد ان يتقنه حتى الآن، والتوقعات التي توضع من قبل الخبراء غير دقيقة، لكن بحسب اغلب المراقبين من المتوقع ان يستمر انخفاضه اذ ان هناك رأياً عاماً بين الاقتصاديين ان الضغوط التي تدفع الدولار الى الانخفاض ستستمر في الفترة القادمة نظراً لانها ترتبط باوضاع هيكلية يصعب تغييرها في الاجل القصير.
ولكن إلى أي مدى ينخفض الدولار ؟ فالإجابة غير واضحة لأنها ترتبط بالإجراءات التي يمكن أن تتخذها الاقتصاديات الكبرى في العالم مثل اليابان والاتحاد الأوروبي إذا رأت أن سعر عملتها أمام الدولار ارتفع بشكل يهدد فرص صادراتها.
لكن الامر الواضح بلا شك ان استمرار التقلب في سعر الدولار يسبب ارتباكاً للشركات الدولية التي تواجه حالة من عدم وضوح الرؤية بالنسبة لأسعار صرف العملات.
ويسبب ايضا قلقا شديدا لمن يودعون اموالهم بالدولار ويجدون انفسهم بين نارين: يخشون التخلي عنه فيعود للارتفاع، ويخشون الاستمرار في الاحتفاظ به فيخسرون