سورية وإسبانيا..علاقات صداقة تاريخية تميزت بتعاون بناء ومستمر
ترتبط سورية وإسبانيا بعلاقات متميزة يعززها التعاون المتصاعد في جميع المجالات.
وحققت هذه العلاقات تطورا مهما في السنوات الأخيرة بعد الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس الأسد لإسبانيا في أيار عام 2001 ومن ثم زيارة ملك إسبانيا خوان كارلوس والملكة صوفيا لسورية في تشرين الأول من عام 2003 وزيارتا الرئيس الأسد إلى إسبانيا عامي 2004 و2008.
واتسمت العلاقات السورية الإسبانية منذ نشوئها بالتعاون والحوار البناء القائم على تقاسم وجهات النظر تجاه قضايا المنطقة والعالم مستندة في ذلك الى العلاقات التاريخية والتواصل الحضاري والثقافي بين البلدين.
وتأتي زيارة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو إلى سورية في إطار استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين بما يسهم في خدمة مصالحهما المشتركة وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وذلك انطلاقا من أهمية الدور الحيوي الذي يضطلع به الجانبان على المستويين الإقليمي والدولي وقرب تولي إسبانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل.
وأسهمت الزيارات المتبادلة للمسؤولين في البلدين في تطوير التعاون الثنائي والتنسيق الذي كان قائما خلال العقود الماضية وعمقت علاقات الصداقة بين الشعبين في البلدين وكان آخرها زيارة وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخل موراتينوس إلى دمشق في أيلول الماضي حيث بحث مع الرئيس الأسد تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين والعلاقة المتنامية مع الاتحاد الأوروبي والأوضاع في المنطقة وآفاق السلام وزيارة السيد وليد المعلم وزير الخارجية إلى مدريد في تموز الماضي.
وتأكيدا على عمق العلاقات السورية الإسبانية والتواصل الحضاري والثقافي بين دمشق وغرناطة شاركت غرناطة توءمها دمشق عرسها الثقافي في عام 2008 كعاصمة للثقافة العربية بحفل موسيقي في غرناطة ضمن مجموعة الفعاليات الخارجية للاحتفالية بحضور السيدة أسماء الأسد وجلالة الملكة صوفيا التي حرصت على الحضور إلى دمشق لحضور ختام الفعاليات الثقافية السورية الإسبانية التي أقيمت ضمن فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية.
وقال السفير الإسباني في دمشق خوان سرات في تصريح سابق لوكالة سانا بمناسبة العيد الوطني لبلاده: إن زيارة رئيس الوزراء الإسباني إلى دمشق ضمن جولة في المنطقة تؤكد المكانة والدور الكبير الذي تتمتع به سورية في هذه المنطقة مشيرا إلى ان العلاقات السياسية بين سورية واسبانيا ممتازة وأن بلاده ملتزمة بالسلام العادل والشامل المبني على القرارات الدولية ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد.
وأكد السفير الاسباني دعم بلاده لتوقيع اتفاق الشراكة السورية الاوروبية وقال إن هذا الاتفاق سيطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين وسيعطي رجال الاعمال الاسبان صورة حقيقية عن سورية.
وترجع العلاقات السورية الاسبانية الى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي حيث تم توقيع معاهدة الصداقة والتعاون بين البلدين عام 1952 واتفاق التعاون الثقافي 1972 وعدد من البرامج التنفيذية فى أواخر الثمانينيات إضافة الى العديد من الاتفاقات في مجالات السياحة والنقل والإعلام والزراعة واتفاق توءمة بين مدينتي دمشق وتوليدو الاسبانية إضافة الى الاتفاق الموقع بين البلدين على إنشاء المجلس الاستشاري لرجال الأعمال بين سورية واسبانيا.
وأكدت إسبانيا في أكثر من مناسبة دعمها لمواقف سورية والتزامها بشكل تام بالسلام العادل والشامل.
وفي المجال الاقتصادي تميزت علاقات البلدين بالحيوية والاستمرار والسعي المشترك الى تعزيزها عبر العمل على زيادة التبادل التجاري والتعاون في المجالات الاستثمارية والتنموية والفنية حيث اتفقت سورية وإسبانيا خلال انعقاد الملتقى الاقتصادي السوري الإسباني في تموز 2008 بمدريد على التعاون في مجال الطاقات المتجددة وتشجيع الشركات الاسبانية على العمل في سورية كما تم الاتفاق بشكل مبدئي على تقديم الدعم الاسباني لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في سورية وأبدى الجانب الاسباني استعداده الكامل لدعم تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية وعلى المستوى الأوروبي أيضا.
وأبدى الجانب الإسباني خلال الملتقى استعداده لدعم تأسيس برنامج للتمويل الصغير لمكافحة الفقر عبر تأسيس مؤسسة سورية اسبانية للتمويل الصغير وكذلك تشجيع الشركات الاسبانية للعمل في مشاريع البنى التحتية في سورية.
ويعد اتفاق التعاون لعام 1977 الإطار القانوني الناظم للعلاقات الاقتصادية السورية الاسبانية وغيرها من الدول الأوروبية لكونه يعطي أفضليات تجارية للمنتجات السورية أحادية الجانب إذ يتم بموجبه دخول المنتجات الأوروبية إلى السوق السورية وفق التعرفة الجمركية السورية فيما تسمح البروتوكولات المالية الأربعة التي يتضمنها الاتفاق منح مساعدات فنية للمشاريع التنموية في سورية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين سورية وإسبانيا عام 2007 نحو 4ر18 مليار ليرة سورية منها 4ر5 مليارات واردات من إسبانيا في حين تشكل الصادرات نحو 13 مليار ليرة سورية وبدءا من عام 1992 سجل الميزان التجاري بين البلدين فائضاً لمصلحة سورية ووصل هذا الفائض إلى 407ر4 مليارات ليرة عام 2000 من إجمالي التبادل التجاري البالغ 162ر12 مليار ليرة بعدما كان يسجل عجزاً لمصلحة إسبانيا.
وتتمثل أهم الواردات السورية من أسبانيا.. بزيوت التشحيم والقضبان الحديدية والحديد الصب والخيوط الصوفية والمضخات الهوائية والألواح والصفائح الحديدية.
وعلى صعيد التعاون الثقافي يعد المركز الثقافي الإسباني ثربانتس خير دليل على هذا التعاون الثقافي المثمر بين البلدين حيث وصل عدد الطلاب السوريين المسجلين في كل عام في هذا المركز إلى 3000 طالب والعدد في تزايد مستمر كما أثمرت هذه العلاقات الجيدة عن افتتاح قسم اللغة الإسبانية في جامعة دمشق.