الجيش الباكستاني يواجه مهمة صعبة في وزيريستان
واصلت القوات الباكستانية الاحد قصف مواقع طالبان بالمدفعية الثقيلة في اطار العملية الكبرى في جنوب وزيرستان المستمرة لليوم الثاني على التوالي والتي ادت الى مقتل 20 ناشطا بحسب مسؤولين امنيين.
وجنوب وزيرستان هو جزء من منطقة القبائل الباكستانية المحاذية للحدود الافغانية والتي يعتبرها القادة الاميركيون اخطر مكان في العالم وحيث لجأ الاف من عناصر طالبان والقاعدة اثر سقوط نظام طالبان في افغانستان عام 2001.
وقصفت القوات الباكستانبة بالمدفعية الثقيلة مواقع طالبان ليلا بعد التقدم على ثلاث جبهات في اطار الهجوم الذي خططت له منذ اشهر ويطرح اكبر تحديا حتى الان في الحرب الباكستانية ضد الناشطين الاسلاميين.
وقال مسؤولون امنيون ان 17 الى 20 ناشطا قتلوا لكن لم يتسن التاكد من هذه المعلومات بسبب تعذر الوصول الى المنطقة وعدم اصدار الجيش بيانات حول حصيلة القتلى.
وتعهدت باكستان باستئصال الناشطين بعد موجة من الهجمات في البلاد حصلت في الايام الاخيرة.
ويواجه الجيش الباكستاني مهمة صعبة جدا لسحق شبكات طالبان في جنوب وزيريستان في ارض يصعب اختراقها وحيث ينتشر اخطر الناشطين في العالم كما يرى محللون.
ورسم القادة العسكريون على مدى اشهر مخططات المعركة للاستيلاء على وزيريستان مستفيدين من موجة تاييد شعبي للعملية التي اعتبرت ناجحة ضد طالبان في وادي سوات.
لكن المهمة في جنوب وزيريستان ستكون اصعب بكثير نظرا لثقافة الحرب المنتشرة في هذه المنطقة حيث ان قبائلها عرفوا بمقاومتهم للبريطانيين في القرن التاسع عشر، ولان ارضها الجبلية مليئة بالكهوف والغابات الكثيفة.
وقال رحيم الله يوسفزاي الخبير في شؤون القبائل ان "الحرب في وزيريستان لن تكون سهلة، انها اصعب بكثير من سوات".
واضاف "وزيريستان تشبه ثقبا اسود. ويعاني الجيش اساسا من نقص في معلومات الاستخبارات، وحتى الجيش يصف وزيريستان على انها ثغرة في الاستخبارات".
وجنوب وزيريستان جزء من منطقة القبائل الواقعة في شمال غرب البلاد والخارجة عن سلطة باكستان. وتعتقد الولايات المتحدة ان قادة القاعدة بينهم اسامة بن لادن نزحوا مع الاف من عناصر طالبان الى هذه المنطقة اثر الاطاحة بنظام هذه الحركة في افغنستان في اواخر 2001.
و"العدو" في هذه المنطقة معتاد على المعارك ومدرب بشكل جيد، فيما الجيش تنقصه القدرات الجوية الحيوية والخبرة المتطورة جدا في مكافحة التمرد. وبين المقاتلين في وزيريستان هناك عناصر من وسط آسيا وعرب وشمال افريقيا.
كما ليس هناك اي ترسيم للحدود ما يتيح للناشطين الفرار الى افغانستان المجاورة او الاختفاء في اقليم شاسع تسيطر على سكانه البالغ عددهم 600 الف نسمة قبيلتا محسود ووزير.
وتطرح الثلوج الكثيفة المرتقبة في الشهرين المقبلين مع بدء فصل الشتاء تحديا اخر للجيش الذي حدد قادته مهلة ستة الى ثمانية اسابيع لاستكمال المهمة.
وتوعدت حكومة باكستان بهجوم واسع النطاق منذ اشهر. وتكثفت الضغوط الاميركية والمحلية على الجيش للتحرك بعد موجة من الهجمات التي شنها ناشطون وخلفت اكثر من 170 قتيلا هذا الشهر.
لكن العملية العسكرية المتسرعة ردا على الهجمات المحرجة التي كشفت عن ثغرات امنية، قد لا تاتي بنتائج.
وقال محمود شاه المسؤول الامني السابق عن الاقاليم القبلية السبعة في باكستان لوكالة فرانس برس ان "توجيه ضربة قوية لطالبان يحتاج لاستراتيجية جيدة، وعملية سابقة لاوانها للجيش قد تخلق الكثير من المشاكل".
ويقول الجيش ان العملية ستكون محصورة بمعاقل بيت الله محسود، زعيم الحرب الذي قتل بصاروخ اميركي ودفع بعناصر طالبان الى ان ينشطوا في قتل رجال الامن والمدنيين في باكستان.
وقال مسعود شريف رئيس مكتب الاستخبارات الباكستانية سابقا ان "طالبان سيخوضون حرب عصابات. وعلى الجيش التركيز على الاستيلاء على هيكلية القيادة او تدميرها والا فانهم سيشكلون شبكة مجددا".
ويقدر الجيش ان حركة طالبان الباكستانية لديها ما بين 10 الاف و20 الف عناصر في جنوب وزيريستان. ويقول الخبراء ان العملية ولكي تنجح كان يجب ان يسبقها مفاوضات لكسب ثقة رجال قبائل الباشتون الباكستانية.
ورجال القبائل عايشوا كل حملة كبرى استهدفت المنطقة بما يشمل الحرب الافغانية في الثمانينات ضد الاتحاد السوفياتي السابق.
وقال يوسفزاي ان "عملية ضد قوة من طالبان تخوض حرب عصابات يجب ان تكون انتقائية وتركز على معلومات استخباراتية. كما من المطلوب القيام بعمل سياسي في المنطقة وكسب ثقة القبائل".
وثاني اكبر قبيلة تهيمن قرب الحدود الافغانية هي قبيلة وزير ولديها اتفاق للبقاء محايدة تقنيا. لكن قسما صغيرا فقط من قبيلة محسود الكبرى وقع اتفاق سلام مع الحكومة الباكستانية.
ويقول المسؤولون الحكوميون في شمال غرب البلاد انه تم التوصل الى اتفاقات مع عدد من وجهاء القبائل في جنوب وزيريستان ومع قادة في شمال وزيريستان المجاور للبقاء محايدين في حال شن هجوم بري.
لكن العمليات العديدة التي تمت في شمال غرب باكستان لاقت نجاحا محدودا وادت الى مقتل الفي عنصر من الجيش منذ العام 2002.
والهجمات في وزيريستان عامي 2004 و 2005 انتهت باتفاقات سلام اعتبر البعض انها اعطت مجالا للناشطين لكي يعيدوا تسلحهم.