300 طن مدخرات السوريين من الذهب.. و70 بالمئة من أعضاء مجلس الذهب العالمي سوريون
شهدت أسعار الذهب خلال السنوات الأخيرة زيادات متوالية نتيجة نمو الطلب عليه لكونه الملاذ الآمن أثناء الأزمات الاقتصادية.
وبين التقرير الصادر عن مجلس الذهب العالمي أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي شهدت ارتفاعاً شديداً في شراء منتجات الذهب الاستثمارية، ما عوض انخفاض الاستهلاك في صناعة الحلي والأغراض الصناعية وسجل الطلب العالمي على الذهب زيادة سنوية بنسبة 38 بالمئة ليصل إلى 5ر1015 طناً في الربع الأول من العام الجاري.
ويقدر المجلس أن إنتاج العالم من الذهب يقدر بـ 2300 طن العام الماضي وتنتج بلدان جنوب إفريقيا 72 بالمئة من انتاج العالم من الذهب تليها الولايات المتحدة وكندا واستراليا والصين بينما تستهلك الهند لوحدها خمس إنتاج العالم من الذهب سنوياً.
ويجمع الخبراء ان أسباب ارتفاع اسعار الذهب تتمثل في ضعف الدولار الأمريكي وانخفاض قوته الشرائية بالمقارنة مع العملات الأخرى واستمرار التذبذب والانخفاضات المستمرة في أسواق المال العالمية إضافة إلى انخفاض أسعار النفط.
وبهدف تنشيط الحركة في سوق الذهب المحلي وإخراجه من حالة الركود التي فيها تدرس وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالتعاون مع مصرف سورية المركزي إعداد وصياغة مشاريع قوانين تخص استيراد وتصدير الذهب المصنع والخام والمشاركة في المعارض الخارجية.
وحول موعد صدور هذه القوانين يقول جورج صارجي رئيس الجمعية الحرفية للصياغة والمجوهرات في تصريح لنشرة سانا الاقتصادية إنها ستصدر خلال الأيام القليلة القادمة تلبية لمطالب جمعيات الصاغة في سورية وسعيها لإيجاد منافذ خارجية.
يبين صارجي أن المطالب تتضمن السماح بتصدير الذهب المصنع أسوة بدول الجوار والسماح باستيراده للاطلاع على الموديلات الجديدة إضافة إلى ضرورة المشاركة بالمعارض الخارجية في دول الخليج والمعارض العالمية والسماح ببيع كميات الذهب المصنع التي ستشارك في المعارض واستيراد الذهب الخام ما يؤدي إلى تشغيل اليد العاملة في هذا المجال فضلا عن تحقيق عائدات بالعملة الصعبة.
وعن تصدير الذهب المصنع واستيراد الذهب الخام يشير رئيس الجمعية إلى أن ذلك سيتم من خلال البنك المركزي والحصول على الموافقة مقابل تقديم تعهد خطي بالبنك المركزي بناء على كتاب من جمعية الصاغة والحرفيين يوضح انتساب الحرفي للجمعية ويبين الوزن والعيار والسعر بالنسبة للذهب المصنع المراد تصديره ويمنح فترة سيتم تحديدها لإعادة استيراد الكمية نفسها بشكل خام.
ولإثبات مدى نجاح هذه القوانين دعا صارجي إلى وضعها موضع التجريب لمدة عام على الاقل بهدف للتأكد منها وعائداتها التي يتوقع أن تكون مجزية لأن صناعة الذهب السورية جميلة ومتقنة وهي من أرخص أجور التصنيع في كل دول العالم حيث لا تتجاوز أجرة الغرام النصف دولار مقارنة بغيره من الدول.
ويوضح رئيس الجمعية ان الذهب يعد أكبر عائد اقتصادي للدولة ويساهم بنحو60 بالمئة من الدخل الوطني لافتاً إلى أن سورية تكسب من أجور التصنيع نحو 200 ألف دولار في حين ان لبنان تكسب من أجور التصنيع 1 مليار و800 مليون دولار بينما تركيا تكسب 63 مليار دولار.
ويضيف صارجي أن الذهب يعد ثروة قومية وملاذا آمنا للشخص إذ أن استيراد البسة وعطور بمليار دولار مثلا يكون مصيرها التلف أما الاستيراد بمليار دولار من الذهب يصبح سعرها بعد سنة ملياراً و200 مليون دولار مبيناً أنه لا يوجد طلب على الشراء حالياً من اجل الزينة والادخار بل على العكس هناك بيع ذلك أن ارتفاع سعر الذهب يدفع الناس إلى بيع مقتنياتهم وشراء أشياء أخرى.
وفيما يتعلق باستهلاك كميات الذهب يبين رئيس الجمعية أن دمشق لوحدها تستهلك حوالي 300 كيلو غرام شهرياً من الذهب مبينا ان كمية الذهب المتداولة في حالات الركود تكون بين 7-8 كيلو غرامات وحينما تكون الحركة نشطة فإن التداول يتراوح بين 30 -40 كيلو غراماً مضيفاً أنه توجد نسبة كبيرة من ادخار الذهب لكونه أفضل من العملة حيث يبلغ 300 طن في السوق السورية 10 بالمئة منها عند الصاغة و90 بالمئة عند الناس.
وبالنسبة لانتساب سورية إلى مجلس الذهب العالمي يشير صارجي إلى أنه يتطلب أن تتحول جمعية الصاغة إلى نقابة إضافة إلى شروط أخرى لم تتحقق بعد مشيراً إلى أن مجلس الذهب العالمي مقسم إلى عدة أقاليم يرأس الإقليم الذي يضم باكستان وإيران والخليج وتركيا رجل أعمال سوري كما أن 70 بالمئة من مجلس الذهب العالمي سوريين.
وفيما يخص تحرير الذهب يبين صارجي أن تحريره يساهم في زيادة عائدات خزانة الدولة وتدفق الاستثمارات الأجنبية من دول الخليج إلى سورية لتأسيس منشآت صناعية ومراكز توزيع ما يؤدي إلى خلق فرص صناعية ومراكز توزيع الصادرات السورية من المشغولات الذهبية إلى العالم وخاصة دول الجوار والخليج العربي لأن من أهم متطلبات التصدير وجود قطاع صناعي حديث ومرن يسمح بالمنافسة في السعر والجودة.
ويضيف صارجي أن الحركة الضعيفة التي تشهدها سوق الذهب تتأتى من طلب المضطرين لتقديم الذهب كمهر للعروس اذ ان معظم أصحاب المواسم الزراعية في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية والذين كانوا عاملاً هاماً في إنعاش سوق الذهب سابقاً عزفوا عن شراء الذهب بسبب الجفاف وتأثر محاصيلهم.
ويشير رئيس الجمعية الى ان أحد الحلول المتاحة لإنعاش السوق هو صناعة مشغولات ذهبية بعيارات أقل مثل عيار 18 أو 14 أو 12 كما هو معمول به في الدول الغربية والسماح بالاستيراد والتصدير.
ومن جانبه يرى أيهم أسد الباحث الاقتصادي أن استمرار أسعار الذهب بالارتفاع في الأسواق المحلية يعود إلى ارتفاع أسعاره عالمياً ما يؤثر سلباً على المشتغلين في هذا القطاع أولا وعلى مستهلكي الذهب ثانيا مبينا أن انخفاض الطلب على الذهب نتيجة ارتفاع أسعاره قد يؤثر سلباً على ما يقارب 10 مهن يدوية رئيسية مرتبط بعملة إنتاج وبيع الذهب مثل مهن تصنيع قوالب بيع عدد صياغة.. النقاشين.. أصحاب المحلات.. مركبي الأحجار.. ملمعي الذهب وغيرهم.
ويضيف الباحث الاقتصادي أن ذلك سيؤثر على بائعي الذهب سلباً وبشكل مباشر وخاصة أنه يوجد في مدينة حلب لوحدها حوالي 5000 محل لصياغة الذهب موزعة ما بين مشغل وواجهة عرض في حين انه يوجد في دمشق ما يقارب 400 مشغل و300 واجهة لعرض الحلي.
ويرى أسد أن ارتفاع أسعاره ستؤثر على عدم بقائه كملجأ ادخاري آمن لبعض الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل ما يشير إلى أن سوق لذهب في سورية قد تبقى في حالة ركود إلى أن تنخفض الأسعار عالمياً.
ويقول أسد إن المؤشرات الاقتصادية الدولية تشير إلى أن الاتجاه التصاعدي لأسعار الذهب آخذ بالاستمرار لغاية النصف الثاني من عام 2010 أي حتى يخرج الاقتصاد العالمي من حالة الركود التي يعيشها الآن.
ويضيف الباحث انه عندما تسترد أسواق المال عافيتها وتلتقط الصناعات التي تدهورت جراء الأزمة المالية العالمية أنفاسها ويستعيد الدولار قوته وتستقر الثقة بالأسواق وتبدأ نتائج السياسات الاقتصادية التي اتخذت لمعالجة الأزمة بالظهور حينها يتوقع أن يستقر سعر الذهب عند مستويات أخفض من الحالية مع الأخذ بعين الاعتبار استقرار إمدادات العرض من الخام الأصفر قدرته على تلبية الطلب.
وحول اثر ركود أسواق العقارات العالمية يوضح أسد أن الأزمة العقارية حولت جزءاً كبيراً من الثروة باتجاه الذهب كاستثمار آمن وشديد السيولة بدلاً من الاستثمار في الجانب العقاري إضافة إلى تحول المضاربين نحو الذهب والمضاربة بأسعاره بعدما فقدت أسواق المال الأساسية في العالم جاذبيتها إذ أدى ذلك إلى رفع أسعاره إلى مستويات قياسية.
ويوضح الباحث الاقتصادي ان قدرة المستهلكين ورغبتهم في الشراء هي التي تتحكم في الطلب على المجوهرات، وعادة ما يزداد الطلب في فترات استقرار الأسعار وحينما تبدأ في الازدياد تدريجياً بينما يقل في فترة تذبذب الأسعار لافتا الى ان الارتفاع الثابت في الأسعار يعزز القيمة المتأصلة للمجوهرات الذهبية والتي تعد سببًا جوهريًا في الإقبال عليها.
وتتمثل قيمة الذهب الاقتصادية في القدرة على إعادة استخدامه مرة أخرى كما يرى الباحث وذلك من خلال امكانية صهره وإعادة تنقيته ثم استخدامه من جديد ففي الفترة من 2003-2007 ساهم الذهب المعاد تدويره بحوالي 26 بالمئة من تدفقات المعروض السنوي وبالرغم ما يتسم به إنتاج مناجم الذهب من عدم مرونة نسبية يضمن الذهب المعاد تدويره وجود ذهب معروض يسهل التجارة فيه عند الحاجة ما يساعد على ثبات أسعاره.
ويتم استخراج الذهب من المناجم الموجودة في جميع قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية حيث لا يسمح بالتعدين اذ يوجد نحو400 منجم للذهب موزعة في أنحاء العالم كافة حيث ساهمت دول شرق آسيا وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط بنسبة 72 بالمئة من الطلب العالمي وفقاً لإحصائيات العام الماضي بينما ساهمت خمس دول فقط بنسبة 55 بالمئة من الطلب هي الهند وإيطاليا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين حيث تتحكم مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة في كل سوق من أسواق هذه الدول.
ويوفر الذهب فرصًا أفضل لتنويع الثروات مقارنة بالكثير من الأصول البديلة حيث أوضحت الدراسات المستقلة أنه حينما يلحق الفشل بالأصول البديلة وأساليب التنويع التقليدية أثناء الأوقات التي يعاني السوق فيها من الضغوط وعدم الاستقرار ويكفى أن تتضمن الحافظة المالية الذهب ولو بنسبة قليلة كي يتحسن أداؤها خلال أوقات الاستقرار وعدم الاستقرار المالي على حد سواء.