تعميق الانقسام الفلسطيني .. بقلم هشام منوّر
أن تسعى حركتا ( فتح ) و( حماس ) إلى تجاوز الخلافات القائمة بينهما وإعادة بناء جسور الثقة والوحدة بين جناحي فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، فهذا أمر لا مجال للمشاحة فيه أو حوله ..
وأن تحاول "إسرائيل"، كعادتها، نثر بذور الخلاف وإثارة الفتن وحياكة الدسائس لتعطيل هذا المطلب الوطني، وترسيخ حالة الانقسام القائمة، فهو شأن "مفهوم" ومعلومة غاياته ومكاسبه بالنسبة لها، بما أن وحدة الصف الفلسطيني لن تكون في صالحها في جميع الأحوال. أما أن تحاول بعض الأطراف الدولية التي تدعي حرصها على رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط ترسيخ الانقسام الفلسطيني وتعطيل أي جهود لتجاوز واحدة من أسوأ المراحل التي عرفتها القضية الفلسطينية عبر تاريخها، فهو أمر يستحق التوقف عنده طويلاً وملياً.
تقرير صحيفة الغارديان البريطانية الذي اتهم ضباطاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي أي إيه) بالتعاون "الوثيق" مع جهازي الأمن الوقائي والاستخبارات العامة التابعين للسلطة الفلسطينية، و"إشرافهم" المباشر على عمليات تعذيب قامت بها أجهزة السلطة ضد معتقلين سياسيين من حركة حماس يتساوق مع تقارير إعلامية تم تداولها في الآونة الأخيرة وتؤكد على طلب الحكومة الأمريكية من القاهرة عدم الاستمرار في جهودها في ملف المصالحة الفلسطينية التي استحالت قصة إبريق الزيت المعروفة، أو على الأقل تأخير توقيع اتفاقية المصالحة في الوقت الحالي.
ومنذ أن شرعت الولايات المتحدة بمشروع دايتون في الضفة الغربية لتدريب عناصر أمن السلطة الفلسطينية، بعد أن أغلقت "إسرائيل" معسكرات التدريب في الضفة الغربية، وفرضت قيوداً على عمليات التدريب المحدودة في مدينة أريحا، والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة وسلطة رام الله يتطور إلى أبعاد جديدة. العميد (عدنان الضميري)، الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية، نفى ما جاء في الصحيفة البريطانية، وأوضح أن الهدف مما يشاع من هذه الأخبار هو "التعتيم على أي إنجاز لأجهزة الأمن الفلسطينية في حفظ الأمن بالضفة الغربية"، وأن عناصر هذه الأجهزة "ذوو كفاءة وليسوا بحاجة إلى أي جهة لتساعدهم في القيام بعملهم" ويبقى السؤال: ما هو عملهم بالضبط؟.
وتؤكد مصادر فلسطينية وجود زيارات متكررة تقوم بها طواقم تابعة للجنرال الأمريكي (دايتون) إلى مراكز الاعتقال والتحقيق الفلسطينية في إطار التنسيق الخاص باستقاء المعلومات التي يتم الحصول عليها من المعتقلين. كما أكد دبلوماسيون غربيون أن العلاقة بين (السي آي إيه) وجهاز الأمن الوقائي وجهاز الاستخبارات العامة الفلسطيني من القرب لدرجة أن ضباط (السي آي إيه) كانوا يشرفون على عمل الجهازين، ويعتبرونهما أولوية أمريكية، وذراعاً من أذرعة الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب.
رئيس وزراء السلطة، سلام فياض، لم ينف في برنامج تلفزيوني محلي أن أجهزته تحتجز نحو 600 من ناشطي حماس، لكنه قال إن هذا الاحتجاز أمني وليس سياسياً، مشيراً إلى أن الخطة الأمنية لحكومته بدأت باعتقال جماعات مسلحة تابعة لحركة فتح على خلفية خرقها القانون، "فنحن لا نستهدف أي تنظيم سياسي"، على حد زعمه.
استهداف المقاومين، على اختلاف انتمائهم، وفضح ممارسات أجهزة الأمن تجاههم في هذا التوقيت بالذات، الغاية منه إفشال أي صيغة للمصالحة الفلسطينية، دون أن يعني ذلك نفياً لتلك الإجراءات أو عدم شجبها أياً كان مصدرها بعد أن أصبحت حقيقة واضحة… ومؤلمة.