إضاءة على مشروع قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد
من المعلوم أن قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي 84/1953 طرأت عليه تعديلات عديدة أهمها التعديل الجاري بمرسوم تشريعي 13/1979 وقد أظهرت التطبيقات العملية لهذا القانون وجود ثغرات عدة يتوجب معالجتها ..
ولعل أهمها وبشكل عاجل موضوع الاختصاص القيمي والاختصاص المحلي ودعاوى رد القضاة ودعاوى المخاصمة والنصوص الخاصة بالحجز الاحتياطي تضاف إلى ذلك استحداث نصوص جديدة غايتها منع المماطلة والتسويف وإطالة أمد التقاضي وقد ورد إلى مجلس الشعب مشروع قانون يعدل بعض أحكام قانون أصول المحاكمات النافذ.
وتضمن المشروع سبع عشرة مادة جاءت لتعدل أو تلغي بعض المواد المعمول بها حالياً ويمكن الإشارة إلى أهم التعديلات كجوهر ومضمون وفق ما يلي:
1- تم تعديل الاختصاص القيمي لمحاكم الصلح بحيث أصبحت تنظر في الدعاوى التي مبلغها 200000 ل.س بدلاً من عشرة آلاف ليرة سورية.
2- تم إلغاء المادة 82 النافذة والاستعاضة عنها بنص جديد مفاده أن الاختصاص في الدعاوى العينية العقارية والشخصية العقارية ودعاوى الحيازة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه.
وإن موضوع الاختصاص المحلي هنا من النظام العام وعلى المحكمة إثارته تلقائيا وهذا من حق الأطراف في أي مرحلة كانت عليه الدعوى وهنا نشير إلى أن المادة 52 هي الفيصل في تحديد قيمة الحق المدعى به حيث ان المدعي هو الذي يقدر قيمة دعواه وفي حال الاختلاف يصار لتحديد القيمة عن طريق الدوائر المالية وفي حال تعذر ذلك يلجأ إلى الخبرة وبالتالي فإن أي دعوى عينية عقارية أو شخصية عقارية أو حيازة تكون قيمة الحق المدعى به تتجاوز مئتي ألف ليرة سورية تختص للنظر بها محكمة البداية المدنية التي يكون في دائرتها موقع العقار.
أما ما دون ذلك فتختص للنظر فيها محكمة الصلح المدنية التي يكون في دائرتها العقار وهذا التشريع اقتضته ضرورات عملية بغية الحفاظ على عقارات المواطنين من تلاعب البعض وإقامة دعاوى في غير المحاكم التي يكون في دائرتها العقار.
3- جاءت المادة السادسة من المشروع لتعالج موضوع تثبيت التخلف عن الحضور لجلسة المحاكمة وآثاره والمعذرة المشروعة والتنسيب للدعوى والجديد فيها اعتبار المتخلف الذي قبلت معذرته مبلغاً الميعاد الجديد للجلسة حكماً وكذلك فإنه في حالة تنسيب الدعوى لأي سبب كان فالإعلان عن الميعاد الجديد في لوحة إعلانات المحكمة يعتبر تبليغاً لمن كان حاضراً قبل جلسة التنسيب.
4- جاءت المادة الجديدة لتلغي المادة 179 السابقة من القانون النافذ ولتحدث أحكام جديدة في موضوع رد القضاة والجديد فيها أن طلب الرد لا يجوز تقديمه إلا من محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة واستناداً إلى صك توكيل خاص إضافة لذلك تم تعديل مبلغ التأمين حيث أصبح خمسة آلاف ليرة سورية لكل قاض مطلوب رده من قضاة الدرجة الأولى أو الثانية أو احد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية وعشرة آلاف ليرة إذا كان من قضاة محكمة النقض أو أحد ممثلي النيابة العامة لديها, وخمس وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان أحد قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض أو أحد ممثلي الهيئة العامة لديها.
وفيما يتصل بهذا الموضوع تم إلغاء المادة /189/ بحيث لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية ما لم تتوفر أسباب تستدعي ذلك حيث يحق للمحكمة الناظرة في طلب الرد وقف الدعوى الأصلية ولو قبل أن يتم التبليغ (في غرفة المذاكرة) بشرط تبيان الأسباب وأيضاً جاءت المادة الثانية لتقرر حق المحكوم له بالرد بحكم اكتسب الدرجة القطعية في أن يطلب إعلان بطلان الحكم بمذكرة يقدمها إلى المحكمة الناظرة في الطعن في أي مرحلة كان عليها الطعن تأسيساً على أن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية أضحى باطلاً .
5ـ جاءت المواد /9ـ 10ـ 11ـ 12/ من المشروع المذكور لتلغي بعض أحكام موضوع الحجز أو تضيف أو تعدل وأبرز ما جاء فيها إضافة رد طلب إلغاء الحجز تلقائياً في حال عدم الاختصاص المحلي إضافة إلى أن على طالب الحجز إيداع مبلغ يعادل ثلاثة بالمائة من المبلغ المحجوز من أجله أو كفالة معادلة (تجارية ـ صناعية ـ مصرفية …) تأمينات تعويض للمحجوز عليه حيث يصار في حال رفض دعوى أصل الحق للحكم بمبلغ التأمين لصالح المحجوز عليه مع عدم الإخلال بحقه في المطالبة بالتعويض الإضافي عند قيام المقتضى وكذلك قررت المواد المستحدثة بإعادة التأمين لطالب الحجز في حال الحكم له بحكم مبرم كما جاءت بفقرة جديدة هي رقم /4/ تضاف إلى المادة /321/ من قانون أصول المحاكمات النافذ لتقنن الاجتهاد حيث أجازت للمحكمة أن تقضي بحصر نطاق الحجز على ما يكفي لوفاء الحق وأعفى المشرع طالب الحجز من إيداع التأمين إذا كان السند المستند إليه حكماً أو سنداً رسمياً واجب التنفيذ أو جهة عامة أو مصرف عام .
6ـ تم إلغاء المادة /491/ واستعيض عنها بنص جديد تضمن وجوب تقديم دعوى المخاصمة باستدعاء من قبل محام أستاذ بموجب سند توكيل خاص إضافة إلى تعديل مقدار التأمين حيث أصبح /25000/ خمس وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان القاضي أو القضاة المخاصمون من قضاة محكمة النقض و /10000/ عشرة آلاف ليرة سورية في حال مخاصمة بقية القضاة وأنه في حال صدور القرار برد الدعوى شكلاً أو موضوعاً يحكم على طالب المخاصمة بمصادرة التأمين وبغرامة لا تقل عن /10000/ عشرة آلاف ليرة سورية ولا تزيد عن /100000/ مئة ألف ليرة سورية .
7ـ جاءت المادة الخامسة عشر من المشروع لتعالج مسألة الاختصاص في الدعاوى المنظورة بتاريخ نفاذ هذا القانون .
والذي سيكون بعد 60 يوماً من تاريخ صدوره حيث جاءت لتنص بأنه على المحاكم أن تحيل مختلف الدعاوى التي أصبحت غير مختصة محلياً للنظر بها إلى المحاكم المختصة دون أي رسم أو طلب أو معاملة أما الدعاوى الأخرى فتبقى منظورة من قبل المحاكم القائمة أمامها من تاريخ نفاذ هذا القانون وأما في حال تجديد الدعوى ينظر فيها من قبل المحكمة المختصة وفق أحكام هذا القانون ومعلوم أن تجديد الدعوى يكون في حالتين : بعد الشطب وبعد ورودها من النقض ..
وأخيراً إن هذا المشروع هو موضوع حوار غني وساخن تحت قبة مجلس الشعب الآن حيث أقرت بعض مواده والمواد الأخرى قيد النظر ولعل الأبعاد التطبيقية لهذه النصوص وعلى ضوء استحضار الإشكالات العملية والثغرات التي نجمت عن تطبيق الأحكام المعمول بها حالياً بهذا الخصوص في القانون النافذ ومدى قدرة النص القانوني المستحدث أو الجديد على معالجة تلك السلبيات والثغرات وترجمة موجبات التشريع الجديد هو مرتكز الحوار والنقاش في مجلس الشعب يسوِّر ذلك حماسة وانتصاراً لا حدود له القضاء والمحاماة بالوجه المسكون باحترام مبدأ سيادة القانون والإيمان بالعدالة والحقوق .
المحامي أحمد حاج سليمان
عضو مجلس الشعب
رئيس فرع نقابة المحامين بحلب
باعتباركم عضوا في مجلس الشعب يرجى إضافة هذا النقد لمفكرتكم :
شطب الدعوى بعد النقض غير منصوص عليه قانوناً . ففي حال الشطب لا يحكم بالنفقة إلا من تاريخ التجديد ( هكذا الاجتهاد وليس قانوناً ) ومع أن هذا الاجتهاد جائر من وجهة نظري إلا أنه ينطبق على استدعاء الدعوى . أما الدعوى التي تم تجديدها بعد النقض حيث أصبح حق المدعيه بالنفقة ثابت بحكم النقض فإن شطب طلب التجديد يجب أن يطال هذا الطلب وليس استدعاء الدعوى ( لأنه إذا طال استدعاء الدغوى فقد تم إهمال قرار النقض كلياً ) . هذه أولاً أما ثانيا فإن المادة 82 مرافعات مصري فهي تشترط للشطب عدم كون الدعوى جاهزة للفصل . وهذا غير منصوص لدينا في قانوننا والاجتهاد مضطرب . حبذا لو طرح هذا الموضوع في مجلس الشعب لتعديل قانون أصول المحاكمات بوضوح كيلا يبقى للبعض فرصة التفسير العشوائي .
ودمتم