مباحثات سورية فرنسية موسعة.. اعتماد صيغ عملية وآليات تنفيذية للارتقاء بعلاقات التعاون.. عطري وفيون: دفع التعاون الاقتصادي لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين
جلسة مباحثات سورية فرنسية موسعة جرت في رئاسة مجلس الوزراء صباح أمس برئاسة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد ناجي عطري ونظيره الفرنسي فرانسوا فيون وحضور أعضاء وفدي البلدين.
وقال المهندس عطري إن زيارة رئيس الوزراء الفرنسي إلى سورية تأتي تتويجا لمرحلة جديدة من مراحل التعاون الثنائي بين البلدين تقوم على قاعدة متينة من علاقات الصداقة التاريخية والمصالح المشتركة والثقة المتبادلة التي رسختها لقاءات الرئيسين بشار الأسد و نيكولا ساركوزي وتوجيهاتهما الرامية إلى إعادة الدفء والحيوية لهذه العلاقات ووضعها في مسارها الصحيح الذي يلبي مصلحة البلدين الصديقين ويخدم عملية الأمن والاستقرار في المنطقة.
عطري: ضرورة توسيع آفاق التعاون السوري الفرنسي في ميادين التدريب الإداري والمالي والمصرفي والتعليم العالي والفني والتقني وعقد الشراكات الاستثمارية بين رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية في البلدين
وأعرب رئيس مجلس الوزراء عن أمله في أن تسهم المباحثات بين الهيئات والمؤسسات والفعاليات الاقتصادية السورية والفرنسية في تعزيز التعاون المشترك وتطويره في ميادين الاقتصاد والتجارة والصناعة والنقل وغيرها موضحا أن هذه الزيارة تشكل فرصة ثمينة لبحث سبل الارتقاء بعلاقات التعاون واعتماد الصيغ العملية والآليات التنفيذية الكفيلة بتحقيق ذلك وترجمة ما يتم الاتفاق عليه وتفعيل الاتفاقيات الموقعة والالتزامات المتبادلة ولاسيما ما يخص منها قطاع النقل الجوي والاستفادة من التجربة الفرنسية في مجال دعم الإصلاح الاقتصادي والإداري في سورية.
وأكد المهندس عطري ضرورة توسيع آفاق التعاون السوري الفرنسي في ميادين التأهيل والتدريب الإداري والمالي والمصرفي والتعليم العالي والفني والتقني وعقد الشراكات الاستثمارية بين رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية في البلدين داعيا الشركات الفرنسية إلى توسيع نشاطاتها وتعزيز استثماراتها ومشاركاتها في تنفيذ وإقامة المشاريع التنموية والسياحية في سورية ولاسيما مشاريع الطاقة والنفط والغاز والطرق والسكك الحديدية وتطوير البنى والمرافق الخدمية.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط من توتر وعدم استقرار بسبب الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ومواصلتها نهج العدوان وبناء المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية.
وقال المهندس عطري إن سورية تعبر على الدوام عن رغبتها في تحقيق السلام العادل والشامل ولكن عملية السلام تحتاج إلى طرفين ولا يمكن لها أن تتحقق من طرف واحد حيث ترفض إسرائيل السلام ما أدى إلى توقف الجهود وتجميد المبادرات التي بذلت على مسار السلام وأخرها جهود الوسيط التركي الذي قام بدور نزيه أثناء المباحثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل مؤكدا أن استمرار إسرائيل باحتلال ومصادرة الأراضي العربية وإقامة المستوطنات وتهويد القدس المحتلة يعرقل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وأضاف أن سورية تتطلع إلى أن تلعب أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص دورا أساسيا وفاعلا في تحريك عملية السلام والضغط على إسرائيل للانصياع لمتطلباتها وفق مرجعية مؤتمر مدريد وقرارات الشرعية الدولية المتضمنة عودة الجولان العربي السوري والأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وضمان حق العودة للشعب الفلسطيني وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس مؤكدا أهمية دعم المجتمع الدولي لصيغة المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي جرت بوساطة تركية .
ودعا رئيس مجلس الوزراء أوروبا إلى الضغط على إسرائيل ودفعها لرفع حصارها الجائر عن غزة وفتح جميع المعابر والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين وحث المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته تجاه غزة والمبادرة إلى إعادة أعمار ما دمرته آلة العدوان الإسرائيلية الوحشية. وجدد موقف سورية الداعي إلى تحقيق المصالحة السياسية بين جميع أطياف المجتمع العراقي ومكوناته السياسية والاجتماعية وخروج قوات الاحتلال الأجنبي من العراق والحفاظ على وحدة أرضه وشعبه.
وأكد المهندس عطري حرص سورية على بناء أفضل العلاقات مع لبنان بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
فيون: رجال الأعمال والشركات الفرنسية ترغب بالاستثمار في سورية بما يدعم عملية البناء والتنمية
بدوره قال فيون إن فرنسا تحرص على تحقيق تعاون مشترك ناجح ومثمر مع سورية والارتقاء بعلاقات التعاون الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية القائمة بين البلدين.
وجدد فيون رغبة بلاده ورجال الأعمال والشركات الفرنسية للعمل والاستثمار في سورية بما يدعم عملية البناء والتنمية منوها بالتقدم الذي حققته سورية في المجال الاقتصادي نتيجة الجهود والخطوات الاقتصادية التي بذلتها في المجالات كافة رغم الظروف التي مر بها الاقتصاد العالمي في هذه المرحلة.
وأشار رئيس الوزراء الفرنسي إلى أن عملية التنمية في الشرق الأوسط تتطلب تحقيق السلام والأمن والاستقرار فيها مؤكدا دور سورية الأساسي والفاعل في إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وأعرب فيون عن استعداد فرنسا للعمل من أجل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل بالتعاون والتنسيق مع تركيا التي لعبت دورا أساسيا في هذه المفاوضات مؤكدا أن بلاده ستبذل كل جهودها لاستئنافها .
وقال رئيس الوزراء إن بلاده تؤيد قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وتحرص على تحقيق المصالحة الفلسطينية.
وبعد ذلك استعرض وفدا البلدين آفاق التعاون المشترك بين سورية وفرنسا في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليم .
وبحث أعضاء الوفدين والفعاليات الاقتصادية السورية والفرنسية مجالات التعاون المشترك لزيادة حجم التبادل التجاري والعمل على الاستثمار في سورية في مجالات النقل والطاقة وتطوير المرافئ البحرية وتعزيز منظومة النقل البحري والسكك الحديدية.
حضر جلسة المباحثات من الجانب السوري عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية و وزراء المالية والدولة لشؤون مجلس الشعب والثقافة والنقل والصناعة والاتصالات والتقانة والاقتصاد والتجارة ونائب وزير الخارجية والسفيرة السورية في فرنسا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب ورئيس وأعضاء جمعية الصداقة السورية الفرنسية في المجلس ومدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية.
ومن الجانب الفرنسي وزيرة الاقتصاد والصناعة والتشغيل ووزير الثقافة والاتصال والوزير المكلف العلاقات ما بين مجلس الوزراء والبرلمان و السفير الفرنسي في سورية وعدد من أعضاء البرلمان ومستشارة رئيس مجلس الوزراء للاتصال ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الدبلوماسية ومستشار تقني للشؤون الدبلوماسية.
كما حضر عدد من المديرين المعنيين ورؤساء غرف التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والملاحة البحرية ورجال الأعمال من كلا الجانبين.
وعقد المهندس عطري مع فيون اجتماعا ثنائيا بحثا خلاله علاقات التعاون والصداقة التاريخية التي تجمع بين البلدين والرغبة المشتركة بتوطيدها وتوسيع آفاقها بما يحقق المصلحة المشتركة في ميادين التعاون كافة.
وتناول اللقاء بحث سبل وآليات بناء شراكة حقيقية وشاملة بين سورية وفرنسا تشمل الاقتصاد والتجارة والثقافة والطاقة والنقل والنفط والتعليم العالي والجامعات السورية الفرنسية والاستفادة من الخبرات الفرنسية في مجال التدريب والتأهيل والإصلاح الإداري والتخطيط الإقليمي والإدارة المحلية ودور رجال الأعمال والشركات الفرنسية في العمل والاستثمار في سورية.
وأكد عطري وفيون أهمية المتابعة المستمرة والدائمة لقضايا وموضوعات التعاون المشترك من خلال تفعيل عمل اللجان المعنية واقتراح إحداث لجنة عليا سورية فرنسية برئاسة رئيسي مجلسي الوزراء في البلدين .
وكان مجلس الأعمال السوري الفرنسي بدأ أعماله صباح أمس بحضور عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية و كريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل الفرنسية.
وأشار الدردري إلى ما شهدته العلاقات السورية الفرنسية خلال السنتين الماضيتين من تطور نتيجة الإرادة السياسية والثقة المتبادلة في كلا البلدين أملا أن تشكل فرنسا جزءا هاما من العملية الاستثمارية والتطور الاقتصادي في سورية.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء إن سورية مع نهاية عام 2010 تكون أنجزت الخطوات الأساسية للتحول الاقتصادي من ناحية التشريعات والمؤسسات نحو اقتصاد مفتوح تنافسى يعتمد مبادىء السوق ويسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية.
بدورها نوهت لاغارد بالتعاون المثمر والشراكات بين رجال الاعمال السوريين والفرنسيين التى تدل على بدء العمل بشكل فعال فى تطوير العلاقات السورية الفرنسية.
وقالت لاغارد ان مستوى العلاقات الاقتصادية ونوعية الاستثمار بين بلدينا لا يعكس فقط الحرارة السياسية التى بدأت تتطور وانما يعكس الرغبة الحقيقية والجماعية بان نكثف جهودنا فى المجالات الاقتصادية والدبلوماسية لتحويل هذا البحر الذى نتشارك به الى بحر للتبادل وللغنى الاقتصادى والثقافى.
وقدم الجانبان عرضا للواقع الاقتصادى فى كل من سورية وفرنسا والتحديات التى واجهت اقتصادى البلدين نتيجة الازمة المالية العالمية والظروف المناخية والخطط التى وضعها كل منهما لتجاوز هذه التحديات موءكدان ان هذا اللقاء يشكل فرصة حقيقية لرجال أعمال البلدين للتعاون والاستثمار.