العدالة الأميركية:غائبة أم مُغَيبة أم خطفها المحافظون الجدد؟ بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
حين يدقق المرء في تصريحات وتصرفات وسلوك رموز الإدارات الأميركية يشعر بأن سلوك بعضهم إرهابي. فالجنرال جيفري هاموند قائد قوات الأميركية في بغداد الذي هرع إلى زعماء العشائر في منطقة الرضوانية من بغداد
ليقدم اعتذاره عن حادثة قيام أحد جنوده بالتدرب على الرماية على المصحف الشريف بتاريخ 11/5/2008م. وخاطبهم قائلاً: أتيت إليكم طبعاً للصفح وارجوا أن تغفروا لي ولجنودي. وأنا أعترف أن تصرفات هذا الجندي ليست سوى سلوك إجرامي. ويبدوا أنه أعتبر أن الإقرار بجريمة جنوده وتقديم اعتذاره كاف ووافٍ على جرائمهم, وأنه لا حاجة لمحاسبة بعض جنود بلاده على سلوكهم الإجرامي والإرهابي!!!!!
والجندي الأمريكي ستيفن دي غرين أقر باغتصابه مع رفاقه لفتاة عراقية لم تبلغ بعد سن الرشد, ومن ثم قيامه مع رفاقه بقتلها مع أسرتها وإحراق جثثهم كي يطمسوا جريمتهم القذرة.و بعد أن كشف النقاب عن الجريمة أقر مفاخراً أمام المحكمة الأمريكية بجريمته,وأعترف بأنه قال عدة مرات لضابط أمريكي من رؤسائه بأنه يريد قتل كل العراقيين .ورغم إقرار المحكمة بأن الجريمة لا يمكن تصورها ولا تبريرها ولا الصفح عن مرتكبيها لبشاعتها إلا أن هيئة المحلفين لم تتمكن من التوصل إلى إجماع لإصدار حكم بالإعدام على أحد من الجناة أو حتى على المجرم ستيفن دي غرين , فقررت إصدار خمسة أحكام بالسجن المؤبد على غرين. فكأن العدالة الأميركية تعتبر بأن قتل غير الأمريكيين أو الإسرائيليين لا يستوجب المسؤولية ولا العقوبة مهما كانت بشعة, أما قتل أمريكي أو إسرائيلي من قبل غيرهما فيستوجب غزو بلاد القاتل, وتدمير بلاده, وخطف أهل القاتل وذويه ورفاقه وأصدقائه إلى معتقل غوانتانامو أو سجون سرية لتعذيبهم وإذلالهم ومن ثم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية أمريكية لإعدامهم.فالعدالة الأميركية بمنطق المحلفون في هذه المحكمة يدل على أنها غريبة وعجيبة!!!!!
ثم كيف يمكن إقناع أسرتي السعودي ياسر الزهراني البالغ من العمر 22عام واليمني صلاح السالمي البالغ من العمر 33عام بالرواية الرسمية الأميركية من أن الشابين قد انتحرا في زنزانتيهما في معتقل غوانتانامو. بينما ينفي أربعة حراس أميركيين للرواية الأميركية الرسمية,ويؤكدا بان المعتقلين المذكورين نقلا إلى مستوصف المعتقل بعد أن فارقا الروح في مكان آخر تحت التعذيب, بينما يصر القضاء الأميركي على رفض طلب الحارس الأميركي جو هيكمان بتقديم معلومات يملكها لكشف الحقيقة بحجة أن معلوماته لا يمكن التثبت منها!!!!!!
وحين نشرت بعض الصور عن أعمال التعذيب في سجن أبو غريب ,عبر الرئيس السابق جورج بوش سيء الصيت والأخلاق والسمعة وأحد عمالقة الكذب والدجل والنفاق عن عميق اشمئزازه منها وقال: أنها تصرفات لا تعكس طبيعة الشعب الأميركي ولا الطريقة التي يتم التعامل بها مع الأشياء في الولايات المتحدة الأميركية. وسارع وزير الدفاع السابق رامسفيلد بالرد عليه قائلاً: بأن هناك المزيد من أفلام الفيديو والصور التي قد يكون تأثيرها أسوأ مما نشر بكثير.ومع ذلك لم تتحرك العدالة الأمريكية لمتابعة القضية, ولم يحاسب سوى عدد محدود جداً من الجنود وصغار الرتب, بينما لم تطال العدالة الأميركية من أقروا بأنهم هم من أصدروا هذه الأوامر الإجرامية. وكأن حصانتهم الوظيفية تجيز لهم ممارسة الإرهاب والإجرام,وأنهم فوق القانون والقضاء بحيث لا يجوز حتى مساءلتهم رغم أنهم أساءوا لبلادهم وشوهوا سمعتها وخانوا الأمانة ولوثوا شرفهم وشرف جيشهم وبلادهم. فأي عدالة هي العدالة الأمريكية حين تطال منفذ الجريمة ولا تطال الآمر بتنفيذها!!!! وجاء أوباما ليستدل الستار عن كل هذه الممارسات الإجرامية والإرهابية وكأن شيء لم يكن.والمضحك أنه هو من خاطب العراقيين في مرحلة انتخابات الرئاسة الأمريكية قائلاً: إياكم إعطاء الرئيس الفاشل مكافأة على غزوه بلادكم واحتلالها وتدمير شعبكم. ولكنه حين ضمن فوزه راح يحثهم على منحه ومنح بلاده وجنده مكافأة غزو واحتلال وتدمير بلادهم.أما وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس فقد أصد أمراً إلى البنتاغون يقضي بعدم استخدام القنابل العنقودية أو الاحتفاظ بها إذا لم تصل نسبة انفجارها إلى 99%. وبيع كل ما لدى بلاده من قنابل عنقودية لا تصل نسبة انفجارها بالميدان إلى99% ومادون فورا إلى دول أخرى شريطة ألا تستخدمها هذه الدول بعد عام 2018م. وكأنه يعلن عن اوكازيون للحروب بين الدول لمدة عشرة سنوات كي يوفر لبلاده فرصة بيع هذه القنابل كي يستوفي أثمانها ولو أقتضى الأمر زهق أرواح البشر بدلاً من أن يأمر البنتاغون بتدميرها.وكم أساء الوزير لشخصه ولصورة بلاده ولإدارته بقراره السيئ والاجرامي!!!!!!!
ثم من ينسى سلوك إدارة الرئيس جورج w بوش حين أنفقت 50مليار دولار لتطوير الأسلحة البيولوجية, بينما تطالب باقي دول العالم بإتلاف ترسانتهم من أسلحة الدمار الشامل وحتى من الأسلحة التقليدية !!!!!!!!!
لم ينس احد بعد حين صب إسحاق شامير وساسة وجنرالات إسرائيل جام غضبهم على الرئيس الأميركي جورج بوش الأب لأنه دعا لمؤتمر مدريد مصراً على إيجاد حل لقضية الصراع العربي الصهيوني. وكيف تحركت الصهيونية بكافة منظماتها لتسخير الإعلام وغير الإعلام للنيل من جورج بوش والإساءة له ولأسرته وشرفه. وكيف نجحوا في هزيمته رغم انتصاره.ويومها تمنى الرئيس بوش الأب لو أن الأرض انشقت وابتلعته كي لا يرى هزيمته وما لحق بشخصه وبأسرته من عار نتيجة الحملة الصهيونية الشرسة عليها.وحتى ضمير وشرف أبنائه لم يتحرك في واحد منهم للدفاع عنه أو عن أسرته. بينما تحرك هاجس الثأر فجأة وبدون داع أو سبب في نفس أبنه جورج بوش حاكم ولاية تكساس كي ينتقم لوالده بسبب عملية اغتيال دبرتها وفبركتها أجهزة مخابرات حليفة للمخابرات الأميركية, وراح هذا المعتوه يهدد العراق ويتوعد نظامه ورئيسه بالانتقام ثأراًً لأبيه وهو حاكم لولاية تكساس.وتحركت المنظمات الصهيونية لتحشد حوله المحافظون الجدد والصقور ليكون الرئيس الجديد ليحقق لها ولإسرائيل ما تريدانه, وينتقم لولده ويورط بلاده في حروب إرهابية لا تنتهي!!!!!!
لا يكن شعب من الشعوب أو دين من الأديان أية كراهية أو ضغينة على الولايات المتحدة الأمريكية ,ولكن الذي يروج الكراهية والضغينة ضدها إنما هم بعض إدارتها وبعض رموز إدارتها السابقة والحالية وبعض أعضاء كونغرسها بسياساتهم الظالمة والتعسفية,أو بتصرفاتهم التي تتعارض والشرعية والقانون الدولي والتي ذكرت بعضاً منها في هذا المقال, والتي تكتنز بالنفاق والحقد واللؤم على بعض الشعوب والشعبين العربي والإسلامي, أو بعض الأنظمة والحكومات الوطنية وبعض القادة والرؤساء الشرفاء والوطنيون.وفي محاباتهم لإسرائيل وبعض إدارات بلادهم رغم سلوكهما الإجرامي وممارساتهما الإرهابية والعدوانية والإجرامية, ودعمهم لحصار ظالم لأكثر من مليون ونصف فلسطيني, واهتمامهم بإطلاق سراح الجندي شاليط والصمت عما يعانيه عشرات الألوف من المعتقلين العرب والمسلمين في السجون الإسرائيلية والأمريكية.وصدق من قال دود الخل منه وفيه.