اللجنة العليا السورية التونسية المشتركة: توسيع آفاق التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري
بدأت في تونس مساء أمس اجتماعات اللجنة العليا السورية التونسية المشتركة في دورتها الحادية عشرة برئاسة المهندس محمد ناجى عطري رئيس مجلس الوزراء ومحمد الغنوشي الوزير الأول التونسي.
وقال المهندس عطري إن هذا اللقاء يكتسي أهمية خاصة في ظل تطور الأوضاع على الساحة العربية وخصوصا ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة الأمر الذي يؤكد أهمية التنسيق والتشاور بين الأشقاء وضرورة التضامن والعمل العربي المشترك لبلورة موقف عربي موحد يرتقي إلى مستوى التحديات ومواجهة السياسات العدوانية الإسرائيلية.
وأضاف إن سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد كرست جهودها وامكاناتها لجمع كلمة الأمة وتعزيز التضامن العربي ودعت إلى تغليب المصلحة العليا للأمة العربية على ما سواها من مصالح آنية وأكدت أهمية بناء تكتل اقتصادي عربي قوي تسهم مخرجاته في دعم برامج التنمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وتوفير متطلبات القوة والمنعة لامتنا العربية وتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية على الصعد الإقليمية والدولية.
وقال عطري إن سورية أكدت حرصها على إرساء أسس الأمن والاستقرار وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وتدعو في هذا المجال عبر زخم عربي فاعل ومؤثر إلى مطالبة المجتمع الدولي بالعمل على ردع إسرائيل ووضع حد لممارساتها العنصرية ومشاريعها الاستيطانية ومحاولاتها تهويد القدس ومواصلة اعتداءاتها على المقدسات الدينية والتاريخية والضغط عليها جديا لكي تنصاع لقرارات الشرعية الدولية وتستجيب لاستحقاقات السلام العادل والشامل وفق مبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد ومضمون المبادرة العربية وذلك بما يكفل استعادة الجولان السوري المحتل كاملا وجميع الأراضي العربية المحتلة الأخرى حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولاسيما حق العودة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتؤكد سورية أهمية القرارات التي اعتمدتها القمة العربية في سرت من جوانبها المختلفة.
وأضاف عطري أن سورية تدعو في هذا الإطار جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى المبادرة لرأب الصدع ونبذ الخلافات الداخلية ووحدة الصف لمواجهة جرائم إسرائيل واعتداءاتها المتواصلة على أبناء شعبنا الفلسطيني ورفع الحصار الجائر المفروض على غزة.
وقال رئيس مجلس الوزراء إن سورية أكدت حرصها على دعم العملية السلمية في العراق وتحقيق المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي وأطيافه السياسية ومكوناته الاجتماعية والحفاظ على وحدة أرضه وضرورة تنفيذ القرار المتعلق بخروج قوات الاحتلال الأجنبي وتأمل أن تقود الانتخابات التي تمت مؤخرا إلى تعزيز أمنه واستقراره وأن تدفع إلى بناء أفضل العلاقات بينه وبين دول الجوار جميعا.
عطري: النهوض بعلاقات التعاون المشترك والارتقاء بها إلى آفاق جديدة.. تطوير آليات التواصل والتكامل وبناء الشركات الصناعية والاستثمارية وتفعيل عمل لجنة المتابعة
وأضاف رئيس مجلس الوزراء: إن اجتماعات اللجنة العليا السورية التونسية أرست على مدى السنوات الماضية دعائم راسخة لبناء علاقات تعاون وثيقة بين بلدينا الشقيقين عززتها الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة في مختلف مجالات التعاون والتي تعكس رغبة البلدين واصرارهما على النهوض بهذه العلاقات وإعطائها قوة دفع من خلال استثمار الامكانات والموارد المتاحة والاستفادة من المزايا والتسهيلات التي وفرتها تلك الاتفاقيات بغية توسيع آفاق التعاون الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري وتسهيل حركة انتقال الأفراد وانسياب السلع ذات المنشأ الوطني إلى أسواق البلدين ومنهما إلى الأسواق المجاورة وتفعيل دور رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية.. وما لقاؤنا اليوم في تونس إلا تعبير واضح عن الأهمية الكبيرة التي نوليها للنهوض بعلاقات تعاوننا المشترك والارتقاء بها إلى آفاق جديدة تخدم مصلحة بلدينا في المجالات كافة.
وأكد المهندس عطري أن آفاق التعاون بين سورية وتونس غير محدودة لافتا إلى أهمية توفير الإطار القانوني الناظم لتلك العلاقات والعمل على تطوير آليات التواصل والتكامل وبناء الشركات الصناعية والاستثمارية وقال: من هذه الزاوية فإننا نتطلع اليوم إلى الارتقاء بعلاقات تعاوننا وأن نخطو بها خطوات متقدمة في مضمار التعاون المالي والمصرفي والجمركي والمشاركة في المعارض الاقتصادية وإقامة مراكز تسوق لمنتجات البلدين وتطوير منظومة النقل وخاصة النقل البحري وتبادل الخبرات في مجال تطوير قطاع الصناعات الغذائية والنسيجية والاستفادة من التجارب المشتركة في مجال السياحة والاتصالات والتقانة وكذلك على صعيد قضايا السكن والعمران وتنظيم مناطق السكن العشوائي وتوسيع قاعدة الرعاية والخدمة الاجتماعية.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أهمية اجتماعات اللجنة لتقويم أوجه التعاون القائمة وتشخيص ومعالجة المعوقات التي تعترض بعض مساراتها مؤكدا أهمية تفعيل عمل لجنة المتابعة والتفكير وانتظام دورات انعقادها وتطوير عملها وتعزيز دورها في اقتراح الحلول والآليات الملائمة لتجاوز تلك المعوقات وعرض ذلك على الجهات الوصائية العليا في البلدين لاتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة بشأنها.
وأضاف: إن تركيزنا على بحث قضايا الاقتصاد والتجارة لا يحقق الغاية المرجوة ما لم تكتمل حلقاته بتعزيز آليات التعاون وتشبيك الروابط والصلات في ميادين الثقافة والإعلام والتقانة والبحث العلمي والتعليم العالي والتأهيل والتدريب والعمل والبيئة والتنظيم العمراني ونحن متفائلون بأن أعمال هذه الدورة ستفضي إلى نتائج ملموسة تجسد إرادة شعبينا وتترجم توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد وأخيه الرئيس زين العابدين بن علي.
الغنوشي: إرساء شراكة فاعلة ودائمة وترسيخ مقومات التكامل وإنشاء شركات مشتركة
بدوره أكد الوزير التونسي الأول محمد الغنوشي أن لقاء اليوم خير تجسيد للعلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وللإرادة المشتركة للسيدين الرئيسين بشار الأسد وزين العابدين بن علي من أجل تعزيز هذه العلاقات والارتقاء بها إلى أرفع المراتب خدمة للمصالح والتطلعات المشتركة.
وأضاف الغنوشي إن اللقاء يشكل مناسبة لتقييم مسيرة التعاون الثنائي واستكشاف أنجع السبل الكفيلة بتدعيم آلياته وتنويع مجالاته للمضي قدما على درب إرساء شراكة فاعلة ودائمة وترسيخ مقومات التكامل وتشابك المصالح معربا عن ارتياحه للتعاون الثنائي والذي يتجلى بالخصوص من خلال تنوع الإطار القانوني رغم أن الخطوات المسجلة إلى حد الآن تظل دون الإمكانيات المتاحة ودون الأهداف المرسومة.
وأكد الغنوشي ضرورة إجراء تشخيص دقيق للعراقيل التي تعوق تطور المبادلات التجارية بالشكل المرجو وبحث سبل تسريع وتيرة انسياب المنتوجات بين البلدين لافتا في هذا السياق إلى ضرورة توحيد مواصفات السلع القابلة للتبادل بين البلدين وإنشاء شركات مشتركة لتسويق المنتجات ودعم التعاون بين مركز النهوض بالصادرات في تونس ومركز التجارة الخارجية في سورية وتعزيز التعاون بين غرف التجارة والصناعة في البلدين وتكثيف المعارض القطاعية المتخصصة.
تبادل الخبرات في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية والنسيج ومواد البناء
وقال الغنوشي إننا مدعوون إلى التركيز على عدد من المجالات الواعدة وذات القيمة المضافة العالية على غرار مكونات السيارات والصناعات الدوائية وتكنولوجيات المعلومات والاتصال والطاقات المتجددة والخدمات بمختلف أصنافها إلى جانب تكثيف التعاون وتبادل الخبرات في القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعات الغذائية والنسيج ومواد البناء لافتا إلى أن التعاون في مجال الموارد البشرية يظل من أبرز الاولويات الجديرة بتوظيف كل الإمكانيات المتاحة للنهوض به باعتبار ما يحظى به العنصر البشري في كلا البلدين من أهمية فائقة حيث يمثل منطلق التنمية وأداتها وهدفها الأسمى.
وأوضح الغنوشي أن للقطاع الخاص دورا أساسيا في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لذلك فهو مدعو إلى مزيد من الانخراط النشيط في مسيرة التعاون الثنائي من خلال تفعيل دور مجلس رجال الأعمال المشترك وتكثيف اللقاءات وتبادل الزيارات بين الفعاليات الاقتصادية بهدف استجلاء إمكانيات ومجالات الاستثمار المشترك بما يعزز جسور التواصل والتكامل والشراكة الدائمة.
وأشار إلى أن التعاون في المجالين الاقتصادي والتجاري على أهميته لا يحجب الأهمية المتزايدة التي يوليها الجانبان لتوثيق التعاون بينهما في المجالات الإعلامية والثقافية والفكرية لما لها من دور في تمتين جسور التواصل بين الشعبين الشقيقين وتحقيق مزيد من التقارب بينهما انطلاقا مما يجمعهما من قواسم تاريخية وحضارية مشتركة.
وأكد الغنوشي حرص تونس على دفع العمل العربي المشترك وتطوير آلياته وتعزيز التضامن بين الدول العربية وخدمة القضايا العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من اجل استعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أرضه على أساس قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات العملية السلمية ومبادرة السلام العربية بما يضمن كذلك استعادة الشقيقة سورية لكامل الجولان المحتل واستعادة لبنان باقي أراضيه المحتلة.
وقال إن تونس أكدت في جميع المناسبات والمحافل الإقليمية والدولية رفضها القاطع لسياسة إسرائيل المتعنتة ومخططاتها الاستيطانية وإجراءاتها الرامية إلى تهويد مدينة القدس وطمس معالمها العربية ولممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق مؤكدا تضامن بلاده مع سورية إزاء التهديدات الإسرائيلية الأخيرة.
ولفت الغنوشي إلى حرص بلاده على العمل من اجل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ودعم قاعدة المصالح الاقتصادية المشتركة وتوظيف ما تزخر به المنطقة العربية من طاقات كبيرة وإمكانيات مهمة وموارد بشرية وفق نتائج قمة الكويت الاقتصادية لبلوغ شراكة اقتصادية عربية متضامنة تحقق التنمية في عالم أصبحت التكتلات الاقتصادية والتجمعات الإقليمية القوية والمتماسكة سمته الأبرز.
بعد ذلك تم استعراض ما تم التوصل إليه خلال اجتماع اللجنة التحضيرية ولجنة الخبراء للارتقاء بعلاقات التعاون الثنائي بين البلدين وآفاق تطويرها بما يتناسب مع امكانات سورية وتونس ومواردهما الاقتصادية والبشرية.
تطوير منظومة النقل وآلية التعاملات المصرفية
كما بحث وفدا البلدين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتوثيق الصلات بين رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية والتجارية العامة والخاصة وتبادل اللقاءات المشتركة.
وتم التأكيد خلال المباحثات على إقامة شراكات صناعية واستثمارية وإنشاء خط بحري بين المرافئ السورية والتونسية وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين ورفدها باتفاقيات جديدة تسهم في إرساء الإطار القانوني الناظم للعلاقات السورية التونسية في الميادين الاقتصادية والتجارية والمالية والمصرفية والثقافية والعلمية إضافة إلى التعاون في قطاعات النقل والطاقة والاتصالات والتقانة.
وأكد الجانبان على تكامل اقتصادي البلدين ومنتجاتهما الزراعية والصناعية وتطوير منظومة النقل وآلية التعاملات المصرفية بما يؤدي إلى زيادة حجم التبادل التجاري وتسهيل عملية انسياب السلع والبضائع ذات المنشأ الوطني ومعالجة المعوقات الإدارية التي تعترضها والتطلع لبناء شراكات مشتركة للمنتجات المتماثلة بقصد الترويج لها وتصديرها إلى الأسواق الخارجية ولاسيما منتجات زيت الزيتون والأسمدة والمنسوجات وصناعة الألبسة.
وأكد الجانبان ضرورة تفعيل عمل اللجان الفنية وانتظام دورات اجتماعها في إطار عملية المتابعة المطلوبة.
وحضر المباحثات من الجانب السوري.. الدكتور محمد الحسين وزير المالية والدكتور فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة والدكتور عماد صابوني وزير الاتصالات والتقانة والمهندس عمر غلاونجي وزير الإسكان والتعمير والدكتور عامر حسني لطفي رئيس هيئة تخطيط الدولة والدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية وتيسير الزعبي مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء وفيصل علوني سفير سورية في تونس ورؤساء غرف التجارة والصناعة والسياحة والملاحة البحرية ورئيس مجلس رجال الأعمال السوري التونسي.
وحضرها من الجانب التونسي.. عفيف شلبي وزير الصناعة والتكنولوجيا ورضا ابن مصباح وزير التجارة والصناعات التقليدية وصلاح الدين مالوش وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية وعمر رضا شلغوم وزير المالية ومحمد ناصر عمار وزير تكنولوجيا الاتصال وعبد الحميد التريكي كاتب الدولة للتعاون الدولي والاستثمار الخارجي وعبد الحفيظ الهرقام كاتب الدولة للشؤون المغاربية والعربية والإفريقية ورفعت الشعبوني كاتب الدولة لدى وزير التعليم العالي والأسعد الباجي رئيس الجانب التونسي بمجلس الأعمال السوري التونسي والسفير التونسي بسورية محمد العويتي.
كما أقام الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي مأدبة عشاء تكريما للمهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء.
وحضر المأدبة الوفد الوزاري والفني المرافق للمهندس عطري وعدد من الوزراء التونسيين وسفير سورية بتونس وسفير تونس في سورية.
بحث سبل الارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين
وبحث المهندس عطري مع الغنوشي علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها والارتقاء بها بما يحقق مصالحهما المشتركة في مختلف المجالات.
واستعرض الجانبان موضوعات التعاون المدرجة على جدول أعمال اللجنة العليا المشتركة في دورتها الحادية عشرة ومشاريع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المزمع توقيعها في اختتام أعمالها.
وأكد المهندس عطري والغنوشي حرص حكومتي البلدين على توسيع مجالات التعاون واستكشاف آفاق جديدة لها بما يتوافق مع امكانات تونس وسورية ويلبي طموحات شعبيهما ويترجم توجيهات قائدي البلدين السيد الرئيس بشار الأسد وأخيه الرئيس زين العابدين بن علي.
حضر اللقاء الدكتور محمد الحسين وزير المالية والدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية وفيصل علوني سفير سورية لدى تونس وعن الجانب التونسي عبد الحفيظ الهرقاني كاتب الدولة للشؤون الخارجية ويوسف المقدم مستشار الوزير الأول ومحمد العويني سفير تونس بدمشق.
وكان المهندس عطري بدأ أمس زيارة رسمية إلى الجمهورية التونسية بدعوة من الغنوشي، وقال رئيس مجلس الوزراء لدى وصوله إلى مطار قرطاج الدولي في تصريح لوسائل الإعلام إن زيارته والوفد المرافق تهدف إلى الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية المتطورة والمميزة بين البلدين الشقيقين.
وأضاف عطري إن لكل من سورية وتونس تجارب ناجحة في ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما يقتضي الاستفادة المتبادلة من هذه التجارب بما يحقق المصلحة المشتركة لكلا البلدين مشيراً إلى ان مباحثات هذه الدورة من أعمال اللجنة ستركز على مجالات التعاون المختلفة وتتبع ما تم تنفيذه من اتفاقيات والعمل على رفدها باتفاقيات جديدة تعزز التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين.