ارتفاع كبير في اسعار العقارات في سوريا حيث دخل المواطن لا يزال متواضعا
شهدت اسعار العقارات ارتفاعا نشطا في سوريا حيث يمكن ان تجد شقة سعرها ثلاثة ملايين دولار، ما يمثل حلما مستحيلا للغالبية العظمى من السوريين.
وقال الخبير
الاقتصادي سمير سعيفان ان "الاسعار مرتفعة جدا بالنسبة للقدرة الشرائية (للمواطن). المفروض ان يكون الترتيب في غلاء العقارات متناسب مع متوسط دخل الفرد" البالغ 240 دولارا.
وهو يفسر ارتفاع اسعار العقار بعدم التوازن بين العرض والطلب وعدم تنظيم القطاع. ويرجع خبراء آخرون الامر الى "المضاربة" و"جشع رجال الاعمال الاغنياء".
واشار سعيفان الى ان "نمو الطلب نتيجة ازدياد عدد السكان، ادى الى قصور العرض". وتابع ان "السياسات العامة ليست مناسبة من حيث تنظيم المدن او منح القروض" السكنية.
واضاف انه من "المفروض ان هناك خمسة ملايين اسرة (في سوريا التي تضم 22 مليون نسمة) بمعدل تزايد سكان 2,3 بالمئة. ويفترض بالتالي ان يبنى في سوريا حوالي 150 الف منزل سنويا".
وللمقارنة فان المحامي طلال (58 عاما) يشير الى انه اشترى في 2005 منزلا مساحته 220 مترا مربعا بستة ملايين ليرة سورية (120 الف دولار) في دمر بالضاحية السكنية الغربية من دمشق. ويقدر مختصون سعر المنزل اليوم باكثر من 50 مليون ليرة (مليون دولار). ويقول طلال "انه ثراء افتراضي تماما لاننا في حاجة للسكن" وهذه الاموال مجمدة في هذا العقار.
واتاح الانفتاح الاقتصادي في العام 2000 في سوريا دخول شركات جديدة وخصوصا مصارف خاصة ما ادى الى ارتفاع الاسعار بشكل جنوني.
وفي هذا السياق اشترى مصرف تابع لاحدى بلدان الخليج في الاونة الاخيرة شقة مساحتها 300 متر مربعا في حي ابو رمانة الراقي بدمشق، ب160 مليون ليرة (3,2 ملايين دولار).
وفي بلدة يعفور قرب دمشق، اسهمت مشاريع عقارية لمستثمرين خليجيين في رفع الاسعار، كما اوضح الخبير الاقتصادي نبيل سكر. وتباع الفلل في هذه المنطقة باسعار تتراوح بين 40 و90 مليون ليرة (بين 800 الف و1,8 مليون دولار) الى اثرياء خواص.
وبحسب دراسة حديثة لشركة "كوشمان وويكفيلد" للاستشارات العقارية حول ترتيب اغلى مدن العالم لجهة استئجار المكاتب، حلت دمشق في المرتبة الثامنة، بعد هونغ كونغ وطوكيو ودبي وباريس ولكن قبل نيويورك.
وبالنسبة للسوريين الاغنياء يبقى العقار استثمارا جيدا. وفي هذا السياق قال سعيفان ان "العقارات ما زالت مستودعا للادخار للسوريين وكثيرون يشترون العقارات للتجارة".
من جهتها، قالت صحيفة الثورة الرسمية ان "عدم وجود سوق واضحة للاوراق المالية وانخفاض الفائدة على الاموال المودعة لدى المصارف ادى الى الاستثمار في مجال السكن"، مشيرة الى ان اسعار العقارات اضحت "جنونية".
وتملك هاله (مدرسة متقاعدة) التي يناهز معاشها 500 دولار، شقتين تتولى ايجارهما. وتؤكد هذه الارملة التي تخطط للسفر هذا الصيف الى لندن، ان "حياتي لن تكون بهذا المستوى لولا عائدات الايجار".
اما التاجر زياد فقد اشترى في الاونة الاخيرة شقة ب 10,5 ملايين ليرة (200 الف دولار). وبعد اقل من شهر عرضها للبيع ب12 مليون ليرة. ويقول "آمل ان اكسب اكثر من مليون ونصف المليون في مدة وجيزة".
اما فائز الذي يعيش واسرته في دبي فهو يبحث عن شقة في دمر. وقد خصص للغرض 8 ملايين ليرة (160 الف دولار) وفي كل مرة يسأل فيها عن الاسعار "يقولون لي انها ارتفعت مجددا"، كما يؤكد.
ولا يحلم غالبية السوريين بالحصول على مثل هذه الاملاك وبمثل هذه الاسعار. وازاء هذا الواقع ومع النزوح الى المدن ونسبة الولادات المرتفعة، تنتشر حول المدن الكبرى احياء فقيرة عشوائية.
وبحسب الارقام الرسمية فان هذه الاحياء تؤوي 3,2 ملايين ساكن تولوا بناء مساكنهم بانفسهم. وتعهدت السلطات بتنظيم مناطق المخالفات او البناء العشوائي.
وقال وزير الادارة المحلية تامر الحجة لصحيفة البعث "الوزارة جادة في تنظيم السكن العشوائي في سوريا وفي تنفيذ السكن الشعبي الذي يتناسب مع اصحاب الدخل المحدود".