مصري يقهر الإدمان ويؤسس منتجعا لعلاج المدمنين بالصحراء
بعد رحلة طويلة مع الإدمان استمرت 15 عاما، تعاطى خلالها كل أنواع المخدرات تقريبا، نجح الشاب المصري سامح محرم في أن يجتاز محنته ويستثمر تجربته المريرة مع الإدمان في مساعدة غيره من المدمنين على التعافي،
من خلال تأسيس منتجع في الصحراء، متخصص في هذا المجال.
محرم البالغ من العمر ثمانية وثلاثين ربيعا، قضى نصف عمره تقريبا في براثن الإدمان، لكنه أعلن الخروج من هذا الواقع المرير قبل سبع سنوات، بعد أن شارف على الموت أكثر من مرة، بسبب قيادته للسيارة وهو تحت تأثير المخدر، أو بسبب حقنه نفسه بالمخدر في شريان ساقه بدلا من الوريد.
وعن مشواره مع الإدمان يقول سامح : كنت في طفولتي متمردا ومشاغبا، وكنت ملقبا بـ"الشقي"، وعندما انتهيت من الثانوية العامة، أراد أبي أن يلحقني بالكلية العسكرية حتى ينصلح حالي، وهو ما كنت أرفضه تماما، وبسبب إجباري على دخول هذه الكلية ورفضي الشديد لطبيعة الدراسة فيها لجأت إلى المخدرات".
يتابع سامح: في تلك الفترة تعرفت على مجموعة شباب من جيراني في منطقة أرض الجولف بالقاهرة، وكنا نمتلك سيارات خاصة، وكنا نلتقي لنتعاطى معًا دواءً يباع في الصيدليات، كانت فيه نسبة مخدر عالية، وكان ثمن زجاجة الدواء لا يتعدى 3 جنيهات (نصف دولار تقريبا) وظللت أتعاطاها طوال فترة دراستي بالكلية الحربية، حتى تم حظره إلا بروشتة طبيب، وأصبح الصيادلة يبيعونه لأمثالي بأضعاف ثمنه، حتى وصل ثمن الزجاجة إلى 750 جنيها (150 دولار)".
و"عندها –يضيف محرم- قررت أن أجرب أنواعا أخرى، مثل الهيروين والكوكايين، بعدما أخبرني أصدقائي أن ثمنها أرخص من زجاجة الدواء التي كنا نتعاطاها.. ومن وقتها -وطوال أكثر من خمسة عشر عاما- تعاطيت كافة أنواع المخدرات، وأصبحت بشكل خاص مدمن هيروين وكوكايين".
بين الحياة والموت
وطوال سنوات إدمانه، وأمام إصرار أهله على علاجه، تردد محرم تقريبًا على كل مستشفيات علاج المدمنين في القاهرة، وتنقل بين معظم الأطباء المصريين المتخصصين لكن دون جدوى، فقد كان دخوله المستشفى فقط لتنفيذ رغبة أهله.
وكل مره يدخل المستشفى يمكث ما بين أسبوعين أو ثلاثة، وبإصرار غريب كان يخرج بحجج مختلفة، مستخدما كل أشكال الكذب والخداع، فمرة يوهم أهله أنه قد تعافى تماما ولم يعد بحاجة للعلاج، ومرة لأن العاملين في المستشفى استغلاليون ويريدون جمع الأموال فقط دون تقديم خدمة حقيقة، وفي كل المرات كان هدفي الوصول للمخدر.
يتابع سامح: "قد تتعجب حين أقول لك أنني حقنت نفسي بالكوكايين في وريد ساقي اليمني، وأنا موجود داخل أحد المستشفيات لتلقي العلاج، ولخطئي في الحقن وصل الكوكايين إلى شريان ساقي، وتسبب في إصابتي بتلوث في الدم وجلطة في القدم، ومكثت سنة وخمسة أشهر كاملة بين الحياة والموت لا أستطيع الحركة".
وخلال سنوات الإدمان قرر محرم الارتباط بفتاة بادلته مشاعر الحب نفسها التي يكنها لها، وتم زواجهما دون أن يخبرها بإدمانه ورحلته الفاشلة مع العلاج.
وبعد الزواج صارحها بحقيقة إدمانه، وخيرها بين استكمال طريقهما معا أو تركه يواجه مأساته بمفرده، فقررت خوض التحدي.
المرة الوحيدة
ولم يكن الموت الوشيك الذي اقترب منه سامح وإصابته بعاهة نهاية الخسائر التي تكبدها جراء عدم جديته في العلاج، فقد انهارت علاقاته الاجتماعية بكل من حوله بعد يأس أسرته ووالديه من إقلاعه عن الإدمان؛ فقد قاطعوه تماما ومنعوا عنه دعمهم المادي والمعنوي، كما كادت زوجته أن تأخذ قرارها الأصعب وهو الانفصال.
وأمام هذا المنحدر الخطير يقول سامح: "أحسست أنه جاء الوقت الذي يجب أن أقول فيه لا، وعزمت على أن أدخل المستشفى للعلاج، وكانت المرة الوحيدة من بين كل المرات التي كانت بداخلي رغبة حقيقية للعلاج، ووفقني الله بالفعل، والحمد لله لم أعد بعدها للمخدرات أبدا".
وبقدر ما سببه من كوارث في حق نفسه أولا، وفي حق كلّ من حوله، كان أول شيء يفكر فيه سامح بعد أن عافاه الله، أن يكفر عما ارتكبه من جرم، بأن يقيم مؤسسة تقدم مساعدة حقيقية للشباب المدمنين، تساعدهم في أن يتعافوا ويتخلصوا من هذا الوباء.
وبالفعل تمكن محرم من تأسيس منتجع خاص لعلاج المدمنين في الصحراء، بعدما أقنع والده بمساعدته في تمويل مشروعه الذي أصبح حاليا أحد أكبر مراكز الإدمان في الشرق الأوسط.