بعد نجاح الدراما السورية هل تصبح دمشق هوليود العرب؟
استطاعت الدراما السورية في السنوات الماضية أن تتخذ لنفسها مكاناً مرموقاً على شاشات العرض العربية و أن تحتل المرتبة الأولى في شهر رمضان رغم المنافسة الشديدة بين المحطات التلفزيونية للحصول على أفضل الأعمال واحتكار أعلى نسبة من وقت الجمهور في هذا الشهر من
السنة
يقول عماد الرفاعي رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون في غرفة صناعة دمشق وريفها إن عدد الأعمال الدرامية التي نفذت خلال الموسم الحالي بلغ 35 مسلسلاً منها 26 عملاً سوريا و11 عملاً أنتج اما بالمشاركة مع منتجين عرب اسمهان واما بانتاج عربي نفذ في سورية أبو جعفر المنصور وقمر بني هاشم.
ويشير الرفاعي إلى أن الدراما السورية حققت نسبة نمو هذا العام بزيادة قدرها 30 في المئة عن العام الماضي و وصلت تكاليف الإنتاج إلى 2 مليار ل.س ساهمت في تشغيل 5 آلاف من أصحاب الكفاءات والمبدعين السوريين في مجالات العمل الفني المختلفة.
الدراما السورية التي نمت في رحم التلفزيون السوري عرفت نجاحاتها الأولى من خلال أعمال أنتجتها مديرية الإنتاج في التلفزيون في ثمانينيات القرن الماضي وانطلقت بدعم وزارة الإعلام للمنتجين من القطاع الخاص لتنفيذ أعمالهم بمعدات التلفزيون السوري مقابل الحصول على نسخة للعرض على شاشته ووصل عدد شركات الإنتاج المسجلة حتى اليوم لدى لجنة صناعة السينما والتلفزيون إلى 420 شركة تساهم جميعها في تحويل إنتاج الدراما إلى صناعة تصدر إنتاجها إلى أغلب الدول العربية محققة عائدات مالية مجزية اذ يتراوح سعر الحلقة التلفزيونية عند عرضها على إحدى الشاشات حصرياً بين 20 إلى 30 ألف دولار فيما يدفع التلفزيون السوري من 3 إلى 5 آلاف دولار للحلقة دون أن يكون حق العرض حصرياً.
ويدافع الرفاعي عن شركات الإنتاج التلفزيوني مطالباً بخفض ما تفرضه وزارة المالية من ضرائب تتراوح بين 6 إلى 12 بالمئة على أرباح أي عمل تنتجه هذه الشركات واعتبار هذا الإنتاج مخصصاً للتصدير وإعفائه من الضرائب أسوة بالمنتجات السورية الأخرى.
ويبين أن شركات الإنتاج التلفزيوني تواجه بعض العقبات التي تعوق عملها من أهمها مشكلة التسويق الذي تقوم به الشركات بشكل فردي غير منظم ما يدخلها في تنافس يضر بمصالحها داعياً إلى تكليف جهة حكومية ترعى عملية التسويق لجميع الأعمال التي تنتج في سورية حتى لا تتكرر صعوبات العام الماضي عندما فرضت بعض الفضائيات مقاطعة على الأعمال الدرامية السورية فكان توجيه الرئيس بشار الأسد بشراء المسلسلات السورية لصالح التلفزيون الرسمي إنقاذاً لشركات الإنتاج الوطنية ويضيف الرفاعي أن موضوع التمويل والحصول على قروض من البنوك مازال مشكلة دون حل فلم نتمكن حتى الآن من إيجاد صيغة تقبل بها البنوك أقراض المنتجين السوريين وتمويل مشاريعهم لإنتاج أعمال درامية ضخمة بالرغم من توجيهات وزير المالية للبنوك دعم المنتجين وذلك أثناء اللقاء الذي جرى بين الوزير ولجنة صناعة السينما والتلفزيون العام الماضي حضره عدد من مديري المصارف العامة.
ومع وجود أكثر من 450 محطة فضائية بحسب مسؤولي نايل سات تبرز الحاجة لزيادة الإنتاج البرامجي والدرامي لملء ساعات البث بما يجذب انتباه المشاهدين الامر الذي فرض منافسة قوية في سوق صناعة الدراما.
ويعتبر الرفاعي أن المنافس اليوم هو الإنتاج الخليجي الذي أصبح وافراً ومعروضاً بكثرة على المحطات التلفزيونية الخليجية التي كانت بالأساس هي السوق الأكبر للأعمال السورية.
ويرى المخرج والمنتج هيثم حقي في مداخلة على إحدى الفضائيات العربية أنه بحلول هذا العام تحتفل الدراما السورية بمرور عشرين عاماً على بدايتها الحقيقية وذلك بعد إنهاء مخرجين جدد دراستهم في الخارج باختصاص السينما فصوروا بأسلوبها المسلسلات للتلفزيون وبذلك خرجوا عن الإطار التقليدي في الوقت الذي حافظ عليه غالبية المخرجين العرب ويؤيد الفنان جمال سليمان هذا الرأي ويقول إنه " لحدود الثمانينيات مصر وسورية كانت تصور المسلسلات بنفس الطريقة التقليدية التي نشات مطلع الستينيات وظلت تتطور للثمانينيات …" ويضيف " لما دخل جيل السينمائيين بسورية على التلفزيون صنعوا التغيير الكبير بمفهوم الشكل ..وصوروا في الخارج أي خارج جدران الاستديو فالجبل يصور في الجبل والمشفى في المشفى …الخ " والرأي عند الناقد الفني موسى برهومة مدير تحرير صحيفة الغد الأردنية يتعدى الشكل التقني والفني إلى المضمون ويقول إن " الدراما السورية تتمتع بحيوية لم تستطع الدراما المصرية أن تتحلى بها وفيها تنوع واحترام لعقل المشاهد ولذكائه لذلك أقبل عليها المشاهدون ولا يعني أنهم نفروا من الدراما المصرية ولكن الغلبة الآن والريادة للدراما السورية .." ومع تنوع البيئة المطلوبة للتصوير في سورية وتوفر الكوادر الفنية الماهرة و انخفاض تكاليف الإنتاج فيها اذا ما قورنت بغيرها من الدول العربية إضافة إلى الشعبية التي تتمتع بها الدراما السورية على امتداد الوطن العربي وحرية عمل الفنانين العرب وتسهيل الاستثمارات العربية في هذا القطاع بدات صناعة الدراما في سورية تلفت انتباه شركات الإنتاج العربية فنشطت الاستثمارات المشتركة عن طريق تمويل الفضائيات العربية بعض الأعمال مقابل الحصول على الحق الحصري للعرض الأول أو من خلال إنتاج شركات عربية وخليجية لأعمال سورية بالكامل تصور داخل سورية ما جعل بعض المهتمين يتساءل هل تصبح دمشق هوليود العرب.