دودة البندورة بقلم فوزي صادق
البندورة في سوق الاصطلاح تعني ( الطماطم )، وفي سوق الخضار العربي تسمى ( قنبلة هيدرومالية ) . قال المهتمون : البندورة كلمة إيطالية (pomma dora) وتعني التفاحة الذهبية المالحة ، وقيل فيها باليونانية ( قلب آدم )، والطماطم من أصل كلمة توميتو،
وهي كلمة إنجليزية الأصل (tomato) وهذه الكلمة وصلت من قبائل ( الأزتيك ) الذين كانوا يقطنون جبال شمال المكسيك ، وقد عرفوا بأنهم أول من أهتم بهذه الثمرة، والتي تعتبر من ( الفاكهة ) بعكس ما يعتقد الكثير من الناس أنها من الخضروات ، ثم ظهرت بأمريكا في القرن الثامن عشر ، وكان يعتقد إنها من فصيلة الباذنجانيات السامة لتشابه بذورها ، وقد قوطعت وبيعت سراً بين القرى ، حتى وصل سعرها إلي أضعاف سعر سواها من الفواكه .. ثم انتقلت البندورة إلي العالم كله مروراُ بالفيليبين والصين، ثم تركيا والشرق الأوسط انتهاءً بمصر.. حتى تربعت في قلب المطابخ العربية بعد مائة وخمسين عام .
علمياً كلمة بندورة تعني ( مادة مضادة للتأكسد ) ، وفي علمي هذه الأيام ، أن البندورة شنت حرباً بلا هوادة على العرب ، فاضطر ( خانني التعبير ) فأستغل كثير من تجار الفاكهة العرب المتصيدين ( حرب البندورة ) إلي مضاعفة سعرها عشرة اضعاف ! منذ خروجها من المزرعة حتى وصولها تحت سكين المستهلك المسكين ، قصفت بقنابلها الحمراء كل مدن وقرى الأمة العربية ، فخرجت منها ملايين الملايين من دودة البندورة .
منذ شهر تقريباً خرجت للعلن أرقام قتلى وجرحى حرب قنابل البندورة على العالم العربي ، ففي أرض الكنانة ، تشاجر رجل فتـوة ( بكسر التاء ) مع زوجته وضربها ضرباً مبرحاً ، لأنها استخدمت البندورة كلها في الغداء، فأسفر ذلك عن قطع أصبع من يدها ودخولها حالة الإغماء التام حتى الوفاة ! ، وفي دولة مغربية، تخاصم البائع والمشتري على سعر البندورة المتفق عليه ، حتى اختلطت دماء أحدهما مع دم البندورة ووصلت إلي الركب ، وانتهت بدخوله العناية المركزة .. وسمعت من راديو خليجي : أن بعض البوفيهات تضع الكاتشاب بدلاً عن الطماطم في السندويتش ، فأدى إلي خلاف بين أسيوي ومواطن صبي انتهت بجروح خطيرة وحضور الشرطة ! أما بدول الشام ، فأدى إخفاق نائب رئيس شركة كبرى في عدم استغلال سعر البندورة إلي فصله .
أما عندنا .. فعندي حادثـتين ، سمعت بقصة وشاهدت أخرى ، الأولى إن جـار قطع علاقته بجاره لأنه لم يلبي طلب زوجته ويعيرهم البندورة كعادتهم ورجعت الخادمة بخفي حنين !، أما الثانية عندما كنت أتسوق بسوبرماركت معروف ، لاحظت إن كثير من المتسوقين ( وأكثرهم مواطنين ) يقبلون على شراء البندورة المعلبة ! ، فسألت من أعرفه بجرأة عن السبب فقال لي : تعبت من مماطلة زوجتي ولم أشتري البندورة الطازجة ، لأن سعر الكيلو وصل إلي عشرة ريال ! فقررت شراء المعلبة ، لكن هل تصدقني .. إنها أفضل ، ( لماذا ؟ ) ، لأنها حمراء وأرخص ! .. رغم ماسمعت لم أقتنع بالدرس ، فاشتريت على عجالة وبأسلوب ( غمض عين وفتح عين ) بندورة وردية ( صندوق صغير ) ، وبعد يومين ، وجدت في نوتة البيت : أشتر بندورة معلبة !
سؤال يسأل نفسه : ( ما أسباب ارتفاع البندورة ؟ ) ، البعض قال أن دودة عميلة (مدسوسة ) أفسدت محصول أقوى دولة عربية منتجة للبندورة ، وقال آخر : إنه الجفاف وأرتفاع حرارة الشمس ، وقال بعضهم : بسبب جشع التجار . لكن صدقوني ، أكثر الضن إنها الدودة الدخيلة ، وبالأدلة ! لأننا وجدنا دودة قد انتقلت من البندورة إلي جيـوبنا !