السفينة فينيقيا تعود إلى ارض الوطن
عادت السفينة الشراعية «فينيقيا» ظهر امس الى الموطن الاصلي للفينيقيين (سورية) وحطت رحالها في جزيرة ارواد التي بنتها بعقول وسواعد ابنائها..
حيث احتفل بإطلاقها في رحلة تاريخية منذ اكثر من عامين فعادت لتستقر بعد احتفال رسمي وشعبي كبير بوصولها وانجاز رحلتها التاريخية والعلمية.. على شاطئ مدينة طرطوس وسط عدة شواهد على حضارة صنعها اجدادنا الفينيقيون منذ اربعة آلاف عام.
فنحو الساعة الثانية عشرة ظهر أمس وصلت السفينة الى مشارف ارواد حيث كان باستقبالها واستقبال قائدها وطاقمها عدد من مسؤولي المحافظة الذين صعدوا اليها واصطحبوها الى المكان المخصص للاحتفال بوصولها ضمن مرفأ الجزيرة وهو نفس مكان الاحتفال باطلاقها، وبرفقتها عشرات الزوارق في مشهد كرنفالي جميل ومؤثر، وعند دخولها المرفأ وظهور أشرعتها ذات اللون الأرجواني (الفينيقي) اطلقت الشهب في سماء الجزيرة وتعالت اصوات الجماهير التي كانت تنتظرها.. حيث استقبلتها فعاليات المحافظة الحزبية والرسمية والاهلية والدينية والشعبية وجماهير ارواد بالترحاب والمحبة وصافح الكثير منهم بحارتها فرداً فرداً ورقصوا على ظهر السفينة.
بعد ذلك ألقيت عدة كلمات بالمناسبة شرح من خلالها المتحدثون اهمية هذه الرحلة وبينوا ابعادها التاريخية والعلمية والانسانية واشادوا بأصحاب فكرتها ومشروعها وبربانها وبحارتها، ووجهوا الشكر لمن رعاها واطلقها وقدم الدعم لانجازها.
وأكد الدكتور عاطف النداف محافظ طرطوس ان الاهتمام الكبير بهذا الحدث الذي ابدته القيادة الحكيمة في بلدنا وعلى اعلى المستويات.. ورعاية اطلاق السفينة من قبل السيدة أسماء الأسد ومتابعتها الكريمة لبعثتها يدل على نبل هذه الرسالة على الصعيدين المحلي والدولي مشيرا الى الدعم الذي قدمته الجمعية السورية البريطانية برئاسة الدكتور فواز الأخرس.
من جهته السيد عبد القادر صبرة رئيس غرفة الملاحة البحرية السورية اكد ان مهارة الارواديين احفاد الفينيقيين كتبت التاريخ من جديد واحيت حضارة عمرها آلاف السنين، مشيراً الى ان حضارتنا حضارة علم وثقافة وسلام وهي ضد حضارة القتل والارهاب.
وقال السيد محمد عبد الكريم عثمان منسق البعثة الفينيقية في سورية لقد فعلتها (فينيقيا) هذه السفينة الصغيرة بحجمها الكبيرة بانجازاتها.. ودارت حول القارة الافريقية متحدية الأعاصير والمخاطر وعادت الى حيث انطلقت لتكتب ملحمة جديدة بعد ان سجل صانعوها وبحارتها ورعاتها صفحة مشرقة في تاريخ الفينيق الذين كانوا اعظم البحارة واهم التجار وامهر بناة السفن والذين كانوا دعاة حضارة وثقافة وسلام والذين بنوا ما بنوه بالعلم والمعرفة وليس بأدوات القتل.
أما السيد فيليب بيل قائد البعثة الفينيقية وربان السفينة الذين لم يغادرها منذ ابحارها حتى عودتها فقد عبر في بداية كلمته عن فرحته الغامرة وهو يعود الى الوطن الأصلي للفينيقيين بعد رحلة تاريخية حول القارة الافريقية، مؤكداً ان هذه الرحلة لم تكن لتحصل وتتم لولا كرم الشعب السوري وبحارته وابناء جزيرته.. وشكر كل من نظم حفل الاستقبال وحضره.. كما توجه بالشكر لكل من ساهم في بناء السفينة (محمد بكر وعائلته وخالد حمود وعائلته) ولسورية شعباً وقيادة لاحيائها التراث الفينيقي.
بدوره قال خالد حمود الحرفي وقائد فريق العمل الذي صنع السفينة فينيقيا إن السفينة تم تصنيعها خلال تسعة أشهر وبمشاركة خمسة من صانعي السفن من جزيرة أرواد وذلك باستخدام خشب «الجوز والصنوبر الحلبي والزيتون حيث تم وضع الألواح الخارجية قبل الأضلاع الداخلية لهيكل السفينة بعكس بناء السفن في أي مكان من العالم.
وأشار علي نجم رئيس مجلس بلدية أرواد إلى أن تصنيع وخروج وعودة السفينة من أرواد وإليها بمثابة حدث تاريخي كبير سيبقى نقطة مضيئة في حياة سكان جزيرة أرواد حيث أن السفينة صنعت في الجزيرة التاريخية التى استوطنها الفينيقيون فى الألف الثانية قبل الميلاد واستفادوا من موقعها الجغرافى الممتاز فى توسيع علاقاتهم التجارية والثقافية.
من جانبه تحدث المحامي هشام عبد الرزاق المشارك في رحلة فينيقيا من أرواد إلى بور سعيد عن رحلته الخاصة مع السفينة التي استمرت خمسة أيام بأجواء هادئة بدون ضجيج المحركات واصفا إياها بالمغامرة الحقيقية فيها الترفيه والاستكشاف إضافة إلى المصاعب.
بدوره أشار محمود اسماعيل أحد المهتمين بالتراث الفينيقي إلى أهمية هذا الإنجاز لسورية بشكل عام وجزيرة أرواد بشكل خاص التي كانت في الأصل مملكة لصناعة هذه السفن.
وبعد انهاء الكلمات تم تكريم قائد البعثة فيليب بيل وخالد حمود صانع السفينة.. وكل الطاقم الذي كان على السفينة ومنسق البعثة في سورية حيث تم تسليمهم دروعاً تكريمية وسط تصفيق الجميع تقديراً لهم.
وفي الختام قدمت فرقة ارادوس للفنون الشعبية عدة فقرات فنية من وحي المناسبة.
بعد ذلك أبحرت السفينة باتجاه شاطئ مدينة طرطوس لتستقر في منطقة المارينا وسط احتفال شعبي من قبل ابناء طرطوس ومن المقرر ان تعود بعد ايام الى جزيرة ارواد لاجراء بعض الصيانات وبعد ذلك يتم اتخاذ القرار بالمكان الذي ستوضع فيه بشكل نهائي تحفة فنية نادرة.
هذا وقد حضر وشارك في حفل استقبال السفينة وطاقمها امين فرع الحزب والمحافظ والسفير البريطاني في دمشق وبعض اعضاء قيادة الفرع واعضاء المكتب التنفيذي ورجال الدين الاسلامي والمسيحي واعضاء مجلس الشعب وامناء واعضاء قيادات الشعب الحزبية والمنظمات الشعبية وجمهور كبير من المواطنين اضافة لحشد من الاعلاميين الذين يمثلون الاعلام السوري بكافة انواعه وعدد من وكالات الانباء العربية العالمية.. والفضائيات العربية ولاسيما اللبنانية.
يشار إلى أن السفينة فينيقيا أطلقت من جزيرة أرواد في 23-8-2008 معلنة بدء رحلتها التي تحاكي اول رحلة سفينة شراعية فينيقية حول القارة السمراء منذ اكثر من 2600 سنة.