أطفالنا : سُعداء أم تُعساء ؟؟؟ بقلم د . ياسر عاجوقة
أخوتي وأخواتي الأعزاءْ عندما يُرزق أحدنا بأبناءْ , فإنهم يصبحون في مقام رعايته الأولْ وكل اهتماماته ( حتى بنفسه ) لصالحهم تتحولْ , وتراه لا يكل ولا يملْ حتى يجد لمشاكلهم الحلْ .
فمنذ سنين بعيدة أذكر أننا عشنا طفولة سعيدة على الرغم من أن وسائل الترفيه الحالية كانت غير موجودة ومدن الملاهي كذلك لم تكن معهودة , وفي خضم هذا التساؤل والجدلْ رحت أقارن الذي كان بالذي تبدّلْ , وقد انتابني شعور أيها الأحباءْ بأن أطفالنا ليسوا بسعداءْ , فهل الأبوة والشفقة وراء هذا الشعور والدافعْ ؟؟ أم أن هذا الأمر هو عام وواقعْ ؟؟ ويا ترى ماذا ينقص أطفالنا اليومْ وعلى من يقع التقصير في تربيتهم واللومْ ؟؟ .
اسمحوا لي بدايةً أن أرجع عقوداً في الذاكرة كي أنقل لكم صوراً لا تزال في ذهني حاضرة :
كانت الأسر بمعظمها كثيرة العددْ وتعيش بالمتوفر من المؤن والمددْ , عيشةً هانئة رضيّة لأن النفوس كانت على الفطرة والسجيّة , والحياة ليست كما هي اليوم صاخبة ومعقّدة والناس ليست بمتطلباتها مقيّدة .
في معظم الأوقات كنا في أحضان الطبيعة لذلك كانت أجسامنا على الأمراض منيعة , فنشاهد أصناف الحيواناتْ ونركض وراء أجمل الفراشاتْ فنقضي بذلك أمتع اللحظاتْ .
كانت أهالينا تقبل ولا تمانعْ في نزولنا للّعب في الشارعْ , لكن ضمن أوقات محددة وضوابطْ لا نستطيع خرقها ضاربين بها عرض الحائطْ , لأن ذلك يعني تعرضنا للعقابْ والذي سنصبح بموجبه " مقصوفي الرقابْ " .
لم تتعوّد نفوسنا البريئة على التلفّظ بأية كلمة بذيئة , أما إذا تصرف أحدنا بتصرف غير محمودْ فكان يُلاقي من الآخرين أقسى الردودْ , وكنا تذهب فنبلّغ إساءته لأبيه والذي يبادر لمعاقبته فوراً فيربّينا بذلك ويربّيه فهو يعتبرنا جميعاً مثل بنيه .
كنا ندعوا أصدقاءنا لبيوتنا كي تعمّ الألفة بيننا والحبْ ويتعرّف عليهم أولياء أمورنا عن قربْ .
إذا تسببنا بإزعاج لأحد الجيرانْ كوقوع خطأ ليس بالحسبانْ , كنا لا نستطيع أن نحدّق في عينيه ونبادر للإعتذار منه قبل أن تنطق شفتيه .
إذا رأى أحدنا أستاذه في الشارع كان يُصاب بالوجلْ ويتوارى عن الأنظار ويدخل بيته على عجلْ , ويُعد نفسه في اليوم التالي كأول تلميذ يُتسمّع إليه وينال جزاءه إذا أخفق على يديه .
أما حال أطفالنا اليوم فلا تبهج ولا تسرْ ويجب أن نعترف بذلك ونقرْ , وكيف لهذا الجيل أن يكون عماد المستقبلْ وهو يهزأ من نصائح الكبار وبها لايقبلْ , وذلك كله يعود لوجود بعض التقصير والخللْ في أسلوب حياتنا ونمط تربيتنا الذي أصيب بالشللْ :
فصارت معظم العائلات اليوم "بالأرقام والأعدادْ" لا تشجّع كثرة الأولادْ , مع ذلك تشاهدها تستعين بالمربيات والخادماتْ لرعاية أولادها من بنين وبناتْ , أما الآباء والأمهاتْ فتجدهم مشغولين بالأعمال أو بالزياراتْ .
أصبح القليل من الطلاب من يخرج من الحصّة حافظا ولدرس أستاذه مردداً ولافظا , ولم يعد الأهل متقبلين لمقولة : أن لهم العظمْ وللمدرّس اللحمْ وللتلميذ العلمْ , وإذا عاد الطالب إلى البيت يصطدم مع أهله بصعوبة المنهاجْ ولمساعدة أستاذ مختص يحتاجْ , فتراه يشعر بالملل والضيقْ وللدراسة وكتابة الوظائف لا يطيقْ .
أضحت الآلة وجهة الطفل الدائمة وابتعد عن الطبيعة التي كانت قائمة , حتى في مأكله ومشربه وانسحب ذلك على تعلّمه و ملعبه , وهذا ما جعله انطوائياً أنانياً لا يرغب بمحيطه بالإندماجْ وتراه معكّراً لا يشعر بالإبتهاجْ , ذلك مهما قدمت له من مغرياتْ وحققت له من أمنياتْ , لأنه يشعر بأن كل ما حوله هو مصطنعْ ويتوق لرؤية وجه طفولته الحقيقي الغير مقنّعْ , و يشتهي أن ينطلق إلى الحياة برجليه وبيديه يُعاركْ ويكتسب الخبرات مع أقرانه ويُشاركْ .
أثّرت بعض المحطات الفضائية بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية , كذلك بعض وسائل الاتصالْ بشكل سلبي على نشأة الأطفالْ لأنهم تعلموا مايصدر عنها من أقوالْ وأفعالْ , وإذا كان الأب فيما مضى عند نزول ابنه إلى الشارعْ يجد من يأتيه بأخباره ولتوجيهه يُسارعْ , فإنه اليوم بحاجة لألف مراقب ومتابعْ كي يأمن على ولده وهو داخل المنزل قابعْ .
ذلك مهما قدمت له من مغرياتْ وحققت له من أمنياتْ , لأنه يشعر بأن كل ما حوله هو مصطنعْ ويتوق لرؤية وجه طفولته الحقيقي الغير مقنّعْ , و يشتهي أن ينطلق إلى الحياة برجليه وبيديه يُعاركْ ويكتسب الخبرات مع أقرانه ويُشاركْ .
أثّرت بعض المحطات الفضائية بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية , كذلك بعض وسائل الاتصالْ بشكل سلبي على نشأة الأطفالْ لأنهم تعلموا مايصدر عنها من أقوالْ وأفعالْ , وإذا كان الأب فيما مضى عند نزول ابنه إلى الشارعْ يجد من يأتيه بأخباره ولتوجيهه يُسارعْ , فإنه اليوم بحاجة لألف مراقب ومتابعْ كي يأمن على ولده وهو داخل المنزل قابعْ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأين يمكن أن يحقق هذا؟؟!!
في العشوائيات ؟؟ والحواري؟؟!!
فليبق في بيته..ومع ألعابه الالكترونية برأيي بل وتحت الرقابة لأفضل من أن يأتي من في الشارع لتنبيهنا بأن طفلنا يمارس السباب وغيره.. ما زال أطفالنا مصب عقدنا…وما نتغنى به من ماضينا..
لكل زمن وجيل ظروفه وخصوصيات محيطه وقد تكون هذه الملهيات لدى الطفل كالكبيوتر والألعاب الإلكترونية مصدر سعادته كما يظن هو.
ولكن أؤيد كاتبنا العزيز بأن عصر التربيةللخادمات هو الذي سيكون له الاثر التدميري الأكبر لعقلية الطفل وتربيته إن لم يكن الأهل على دراية كافية لهذه المشكلة.