فضيلة الشيخ باسل ….السوري
كنت في سهرة عائلية عندما تلقيت اتصالاً على جهازي الخليوي، وكان الرقم المتصل من خارج سورية، ففتحت الجهاز وجاءني صوت انثوي يقول : “السلام عليكم”
فأجبتها "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"
فأردفت صاحبة الصوت بلهجة السؤال "فضيلة الشيخ باسل؟ …من سوريا؟"
فقلت لها – وانا لا اريد ان اطيل عليها بالشرح، باني غير مسلم بالرغم من كوني مستشاراً للمفتي – "نعم"
قالت لي "الحمد لله مولانا اني حصلت على رقم جوالك من الانترنيت، أنا من الجزائر ولدي سؤال فقهي"
ثم تابعت لعرض السؤال، وفهمت من سير الحديث أنها ستطيل، فقلت لها "اختي الكريمة ، أنا سأرسل لك برسالة نصية فيها عنوان بريدي الالكتروني الخاص، وتستطيعين ان تكتبي بروية وتعرضي مشكلتك بكل أبعادها،إضافة الى طلبك، وأنا سأقرأ ذلك وارسل لك الاجابة ايضا بالبريد الالكتروني، منعاً للتكلفة التي ستتكبدينها من خلال الاتصال، إضافة الى ان الفتوى على قدر النص، فاكتبي بروية وهدوء، وستتم الاجابة باذن الله"
شكرتني وارفقت ذلك بمجموعة من الدعوات الطيبة واغلقت الخط.
في صباح اليوم التالي وصلتني الرسالة المعنية وقد بدأت الرسالة " لسلام عليكٌم الدكتور والشيخ باسل نصر الله جزاك الله خيرا وحفظك الله " وأردفت انها تريد ان تستفسر عن سؤال فقهي، وتابعت بشكل تفصيلي، تعرض المشكلة التي تطلب رأي الشرع فيها.
وفي آخر الرسالة قالت " فاستفسر منك فضيلة الشيخ عن امري هذا شكرا جزيلا، جزاك الله خيراً وحفظك الله وحماكم لنا فضيلةُ الشيخٌ باسل نصر الله السلام عليكٌم ورحمة الله وبركاته ".
وبدون اي تفكير ولو للحظة، حولت الرسالة بواسطة البريد الالكتروني ايضاً الى اخي وصديقي الشيخ الدكتور محمود عكام، مفتي حلب. ثم اتصلت به واخبرته عن الموضوع ورجوته ان يكتب رأي الشرع ويعطيني الاجابة.
بعد أيام تلقيت نص الاجابة من مفتي حلب، فحولتها الى البريد الالكتروني للسيدة الجزائرية، واعلمتها أن الاجابة هي من مفتي ودار الافتاء بحلب، وارفقت لها الموقع الاكتروني لكل منهما، كما أرفقت لها مقالة لي كنت قد نشرتها للتو باسم "مسيحي ينام في المسجد" وهدفي من ذلك ان تعرف انني مسيحي.
في اول ايام شهر رمضان المبارك، ذهبت الى جامع الروضة بحلب خلال صلاة التراويح، لأقدم التهاني الى الشيخ أحمد بدر الدين حسون، مفتي سورية، والى الإخوة المسلمين، بحلول هذا الشهر ولطاعتهم لأمر الله بالصوم، حيث نقول "مباركة طاعتكم"، وهناك كان لفيف من رجال العلم الاسلامي الذين قدموا أيضا للتهنئة، وكان منهم رجال علم يعملون في دار الفتوى، ويعرفون بقصة الأخت الجزائرية، فبادروني مبتسمين "السلام عليكم فضيلة الشيخ باسل" ولما سألهم المفتي العام عن الموضوع اخبروه، واصبح الكثير منذ ذلك الوقت ينادوني بفضيلة الشيخ باسل.
جزائرية تبحث عن الفتوى في بلاد الشام، لأنها "الأمن والأمان"، وتتصل بمستشار مفتيها، فيتابع موضوعها ويأتيها بالفتوى من دار الفتوى، وهو المسيحي، مطبقاً " فاعرفوا عمن تأخذون علمكم" .
هذه هي سورية بأطياف متعددة، المسلمون منهم يحفظون العهد – عهد رسول الله – (ص)، والمسيحيون بدورهم يبادلونهم بالولاء
الولاء للأرض الذين نبتوا منها جميعاً
الولاء للانسان أياً كانت عقيدته
الولاء للوطن والزود عنه
لم،… ولن،.. أخجل من كوني مسيحيا، وانا على ذمة الرسول العربي
هذه هي أخلاق شعب سوريا
سوريا العظيمة بقلبها
العميقة بحضارتها
المليئة بتاريخها
الكبيرة بمواطنيها جميعاً
لن انسى أنه في العام 2000 زار حلب، الدكتور فاتيي سركيسيان، وهو رئيس وزراء ارمينيا الأسبق في الحقبة السوفياتية، ولدى اجتماعنا مع محافظ حلب، قال له بالحرف الواحد: "ان الأرمني الذي يخدم سوريا، فكأنه يخدم أرمينيا"
ولا ننسى البروفيسور باولوا ماتييه (مكتشف مملكة ماري) عندما قال أن لكل واحد وطنان، وطنه وسورية لأنها مهد الحضارة.