إنه الوطن يسكن القلوب بقلم فريد ميليش
عاشت المحافظات والمدن السورية خلال الفترة الماضية حراكاً شعبياً يومياً عبر فيه كل أطياف المجتمع السوري عن وقوفهم إلى جانب مسيرة الإصلاح وإصرارهم على حماية اللحمة الوطنية والأمن والأمان،
ما يدلل على أن أبناء سورية تجاوزا حالة الترقب والقلق وأخذ القسم الأكبر يعيش حياته الطبيعية.
لقد كانت رؤية أبناء سورية لمستقبل بلدهم واضحة لا تحتمل التأويل، فالوطن الذي يسكن قلوب جميع السوريين هو الخط الأحمر الذي لا يجوز المساس به أو تجاوزه تحت أية مسميات أو ذرائع باتت واهية أمام ما تشهده سورية من عملية إصلاحية واسعة، ولعل المتابع لما يحدث اليوم من حراك إصلاحي يدرك خارطة طريق هذا الإصلاح باتت واضحة المعالم، عنوانها العريض الإصرار الواضح على المضي قدماً في عملية الإصلاحات الشاملة التي تبدأ بالمواطن باعتباره البوصلة التي تحدد اتجاه هذا الإصلاح، وهي عملية لا يمكن لأحد تجاهلها إلا أولئك الذين أرادوا أن يغطوا الشمس بغربال وأن يضعوا العصي في العجلات.
لذلك لم يكن مفاجئاً هذا الرد الشعبي والذي لم يحتج إلى وقت طويل لإدراك حقيقة المؤامرة الخطيرة التي يتعرض لها بلده، فتمكن منذ الأيام الأولى للأحداث من تلمس خيوط المؤامرة وتشابكاتها وكشف خفاياها وأبعادها وارتباطاتها وأمرائها وأدواتها، ولعل الأهم إدراك أهدافها وخط سيرها الذي لا يمت إلى الإصلاح بصلة بل يخدم أهدافاً وأجندات خارجية أعدت سلفاً، فالشعب السوري والذي طالما تحسس حجم الخطر على الوطن وعلى وحدته وأمنه واستقراره كان أكبر من المؤامرات وبرهن على قدرته على تجاوز الأزمات والمحن ووأد الفتنة واحتواء مخاطرها وتداعياتها.
هكذا هم السوريون وهكذا سيظلون دائماً، شعب قادر على امتصاص الأزمة وقلب نابض بالوفاء لوطن قدم لهم الكثير فأرادوا أن يردوا له بعضاً من صنائعه، لذلك سيكون المستقبل لهم لأن هذا الأخير لا تصنعه الاملاءات والوعود الخارجية بل يصنعه هذا الشعب الذي حزم أمره وقرر الانتصار لسوريته.
وهكذا هي سورية وهكذا ستظل قلب العروبة النابض التي لا يختلف اثنان على طهر أرضها وأصالة شعبها فهي الوطن الذي لا تهفوا إليه قلوب السوريين وحدهم بل كل شعوب العالم، ولم لا "أليس لكل إنسان وطنان، وطنه الأم وسورية".