السفير أحمد: قرار الجامعة العربية تجاوز وخرق خطيران لميثاقها
أكد سفير سورية في القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية يوسف أحمد أن القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية يأتي ضمن إطار التمهيد الموجه والمبرمج الذي ينتهجه بعض العرب وعلى رأسهم الحكومة القطرية منذ أشهر لاستدعاء التدخل الخارجي
بجميع أشكاله بشؤون سورية الداخلية.
وقال السفير أحمد أمس إن سورية ترفض بشكل قاطع أي قرارات تصدر عن جامعة الدول العربية خارج إطار خطة العمل العربية أو خارج إطار البروتوكول الموقع بينها وبين الأمانة العامة للجامعة وأنها تعتبر القرار الصادر عن مجلس الجامعة يشكل خروجاً على هذين الإطارين وخرقاً وتجاوزاً خطيرين لميثاق الجامعة وقراراتها المتعلقة بالأزمة في سورية واستهدافاً لعمل بعثة المراقبين على الأرض ونسفاً لتقريرها.
كما أكد السفير أحمد أن القرار يشكل تحريضاً لبعض الأطراف السورية المعارضة على رفض الحلول السياسية السلمية ونسفاً لإمكانية الدخول في حوارٍ وطنيٍ حقيقي للتوصل إلى حلٍ سوريٍ للأزمة كما تشكل تدخلا سافرا في الشأن السوري الداخلي وإلغاءً متعمداً لإرادة وقرار الغالبية الساحقة من الشعب السوري وذلك بقصد استدعاء التدخل الخارجي بجميع أشكاله ومهما كان الثمن.
واعتبر السفير أحمد أن بعض العرب أثبت اليوم أن سعيه للدخول من تحت مظلة جامعة الدول العربية على خط الأزمة في سورية كان بعيداً عن غاية مساعدة سورية على تجاوز هذه الأزمة من خلال تشجيع جميع قوى وأطياف المجتمع السوري على الدخول في حوارٍ وطنيٍ حقيقي، أو دعوة الأطراف والجماعات المسلحة إلى وقف العنف والقتل، أو وقف ما يمارسه هو شخصياً ورسمياً من تحريضِ سياسي ضد سورية وتزييفٍ وتصعيدٍ إعلامي حول ما يجري في الداخل.
ولفت السفير أحمد إلى أن نهج بعض العرب لاستدعاء التدخل الخارجي مايزال مستمرا حتى لو كان الثمن هو إراقة المزيد من الدماء السورية الطاهرة وتدمير مقدرات البلاد وبنيتها التحتية بفعل جرائم العصابات المسلحة ومحاصرة الشعب السوري ومعاقبته واستهداف حياته ومعيشته بعقوباتٍ عربية.
وكان من المحزن للشعب السوري بغالبيته العظمى أن يسمع وزير الخارجية السعودي وهو يدعو اليوم إلى تفعيل العقوبات ضده وكأنه لم يكتف بما سمعه وشاهده عن تأثير هذه العقوبات على حياة السوريين ومعيشتهم وأمنهم واستقرارهم.
ورأى السفير أحمد أن بعض العرب صدم اليوم حين وجد على طاولة اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية تقريراً مهنياً وحيادياً صادراً عن بعثة مراقبي الجامعة. لأن هذا البعض العربي ولا سيما الحكومة القطرية راهن منذ البداية على أن سورية سترفض استقبال البعثة وتوقع أن تذهب الأمور وفقاً للمخطط الذي تطوع هو لتنفيذ الكثير من أجزائه في اتجاه التدويل والتدخل الأجنبي.
ولم يقبل هذا البعض اليوم أن يقرأ في تقرير بعثة المراقبين حقائق تكشف ما يجري على الأرض ولا سيما ما يتعلق بالعنف والقتل والتخريب الذي تمارسه الجماعات المسلحة على الأرض ضد السوريين وممتلكاتهم سواء كانوا مدنيين أم عسكريين مما دفع رئيس وزراء قطر إلى وصف جرائم الجماعات الإرهابية المسلحة بأنها دفاع عن النفس.
وقال سفير سورية في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية إن أكثر ما يثير القلق اليوم أداء البعض العربي تحت مظلة جامعة الدول العربية ويكشف في ذات الوقت نوايا هذا البعض والدور المرسوم له وتجاهله ما ورد في تقرير رئيس بعثة المراقبين من حقائق تتعلق بدور الجماعات المسلحة في تأزيم الوضع في الداخل، وسعي البعض إلى إفشال عمل البعثة قبل انطلاقها على الأرض ودور بعض وسائل الإعلام التي يملكها هذا البعض في التحريض ضد سورية من خلال تزييف الوقائع واختلاق القصص الوهمية وفبركة الأحداث وفي استهداف بعثة مراقبي الجامعة وعملها على الأرض والتحريض ضدها.
وأشار أحمد إلى أن المطروح على طاولة اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأوضاع في سورية والمجلس الوزاري العربي اليوم كان مناقشة تقرير رئيس بعثة المراقبين والخروج بتوصيات تتعلق بمسار عمل البعثة وتطويره على الأرض بما يساهم في تنفيذ بنود خطة العمل العربية. وعلى الرغم مما ورد في التقرير من نواح إيجابية حول التزام الحكومة السورية بالخطة وبتسهيل مهام وعمل البعثة دون أي تدخلٍ جوهري في مسارها إلا أن رئاسة اللجنة الوزارية العربية مدعومة بموقف البعض العربي أبت إلا أن تكشف صراحة اليوم عن غاياتها الحقيقية من استغلال مظلة جامعة الدول العربية لاستهداف أمن سورية واستقرارها ووحدة مصيرها وأرضها. وكان من الغريب أن نقرأ طروحات وأفكار ونستمع إلى مداولات وكلمات تصب في اتجاه استدعاء التدخل الخارجي في الشأن السوري بأي ثمن تحت ذريعة أن سورية لم تلتزم وأن العرب كانوا وسيبقون عاجزين عن حل مشاكلهم وقضاياهم.
وأكد السفير أحمد أن النهج والمخطط بات مكشوفاً وفاضحاً، فهذا البعض العربي جاء إلى مقر الجامعة اليوم بمواقف وتوجهاتٍ مسبقة لا تضع في الاعتبار تقرير بعثة المراقبين بل تنتقل مباشرةً إلى تنفيذ الخطوة التالية من المخطط الموضوع لسورية، وذلك من خلال تجاهل عملية الإصلاح التي انطلقت في البلاد منذ أشهر، وتجاهل ما ورد في خطاب الرئيس بشار الأسد بتاريخ /11-1-2012/ الذي أعلن فيه بشكلٍ واضح عن خطوات الدولة في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والنظام السياسي التعددي وتغيير الدستور خلال مهل زمنية محددة قريبة وكذلك تجاهل جرائم الجماعات الإرهابية المسلحة وتجاهل إرادة السوريين في رفض جميع أشكال التدخل الخارجي والتمسك بالإصلاح والحل على أسسٍ وطنيةٍ خالصة.
ولفت السفير أحمد إلى أن بعض العرب قد نسي مكانة سورية وموقعها وتأثيرها وقوتها وظن أنه بات يملك وجوداً حقيقياً ومؤثراً في المنطقة وأنه يستطيع بأمواله ونفطه وبدعمٍ أمريكي وغربي أن يتفرد بصناعة قراراتٍ تلبس الهوية العربية زوراً وبهتاناً، وأن يتدخل في الشأن السوري بهذا الشكل السافر ليرسم لها مستقبلاً وفق ما هو مخطط في عواصم غربية دأب على الحج إليها لمباركة دور ووجود له في المنطقة. معتبراً في هذا السياق، أن أكثر ما يثير السخرية في أداء هذا البعض العربي أنه يتحدث عن إرساء دعائم الديمقراطية وإجراء الانتخابات وتغيير الحكم وإقامة حكومات الوحدة الوطنية ووضع دساتير جديدة في البلاد العربية الأخرى.. في الوقت الذي رفض فيه عبر تاريخه القصير أي تغييرٍ في نظام الحكم الشمولي والانفرادي القائم في بلاده وقاوم جميع أشكال التغيير بل لم يختبر في يومٍ من الأيام أي نموذجٍ للحكم الديمقراطي بما يشمله من تداولٍ للسلطة وإجراء الانتخابات ووضع الدساتير التي ترسخ مبادئء الديمقراطية، متذرعاً بأن مشيئة الله اختارته لحكم الشعب وأن أي خروج عن طاعته هو خروج عن الشريعة والدين.
وشدد السفير أحمد على أن سورية ستظل ماضية في طريق الإصلاح ومصممةً على إنجاحه بجميع جوانبه بتكاتف إرادة وعزيمة الغالبية الساحقة من أبنائها الذين يرفضون جميع أشكال التدخل الخارجي ويعملون على إخراج البلاد من الأزمة الحالية من خلال حلٍ وطني قائم على ترسيخ مفاهيم الدولة الديمقراطية التعددية الحديثة التي تحافظ على هويتها الوطنية والقومية ضد رغبات وأجندات البعض ممن استمرأ رؤية القواعد العسكرية الأجنبية على أرضه ونسي بأن أول مبادئ وأهداف جامعة الدول العربية كان تحرير الأراضي العربية المحتلة من الاحتلال الإسرائيلي وليس اقتراح إرسال قواتٍ عربية إلى أرضٍ عربيةِ شقيقة أو استدعاء التدخل الخارجي فيها، بما يؤدي إلى تصعيد الأزمة وإلى نزيف المزيد من الدم العربي والسوري خدمة لمطامع وأحلام الآخرين الاستعمارية والتوسعية.