فريد ميليش يكتب لزهرة سورية : إفلاس الجامعة العربية
لا يمكن وضع قرار الجامعة العربية تجميد عمل بعثة المراقبين إلى سورية، إلا في خانة الفشل والإفلاس والعجز عن قيام الجامعة بدورها، لا سيما وأنها هي – أي الجامعة – التي طلبت المراقبة ولم
تلتزم بتقرير المراقبين ولم تنطلق منه لتعزيز دورهم والاستفادة من هذه التجربة.
لماذا وفي هذا الوقت بالذات قررت الجامعة تجميد عمل بعثة المراقبين، وأليس للقرار علاقة بالموقف الخليجي الذي قرر سحب مراقبيه أولاً؟.
الأجوبة لم تعد بحاجة إلى كثير عناء، فبعض الأنظمة العربية المهيمنة على الجامعة تحاول الهرب من اقتراح تقدمت به لأنها تريد تدويل الأزمة بأي ثمن ولذلك سعت إلى الهروب إلى الأمام من خلال القيام بعدة إجراءات غير منسجمة بدلاً من تكثيف جهودها لحل الأزمة وإيجاد المخارج لها.
المنطق يقول إن التجاوب السوري مع خطة العمل العربية أحرج الجامعة ودفعها إلى إفشال دور المراقبين لأنها لم تكن تتوقع أن تتجاوب سورية معها فلجأت إلى نقل الملف إلى مجلس الأمن بعدما وصلت الأمور إلى نتائج لم تكن تتمناها، فالمراقبين العرب الذين عملوا في سورية لمدة شهر كامل شاهدوا الأحداث كما هي في الواقع، لكن تم وعن سابق تصميم وإصرار تجاهل نتائج عملهم لأن تقرير هؤلاء المراقبين لم يرض بعض الدول في الجامعة العربية نظراً لما تضمنه من اعتراف وتوثيق بوجود مجموعات مسلحة تستهدف المدنيين والعسكريين وقوات حفظ النظام والمؤسسات العامة والخاصة وتفجير خطوط الغاز والنفط.
لقد كان لافتاً منذ البداية أن ثمة دولاً عربية كانت تريد إيصال الملف إلى مجلس الأمن بعد أن حاولت لفترة تهديد سورية بهذا المجلس، والمؤسف في الموضوع أن هذه الدول اغتصبت لنفسها الحق في التعبير عن آراء البلدان العربية الأخرى والتلاعب بهذه الآراء واستخدامها كما يحلو لها لإرضاء الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وهكذا قرروا وبتواطىء خليجي واضح دفع الملف باتجاه مجلس الأمن بعد أن اكتشفوا أنه لا يمكن تنفيذ أجندتهم عبر لجنة المراقبين ولذلك بدأت محاولة إنهاء دورها وممارسة الضغط عليها تمهيداً للضغط على الموقف الروسي.
كل ذلك أن يعني أن الجامعة العربية وبعض الأنظمة العربية باتت أدوات أمريكا في المنطقة تتحرك بأمر واشنطن وتستقوي بها وتقدم كل فروض الطاعة لإرضائها.