سعيد سليمان سنا كتب لزهرة سورية :عملية بابا عمرو في حمص نهاية لحرب كونية
الدوحة ظلت تؤكد باستمرار للرياض ولعدة عواصم في العالم ، بأنه مهما بلغت قوة نيران الجيش السوري فلن يتمكن من السيطرة على بابا عمرو نظراً للتحصينات والسلاح المتطور جداً
وأجهزة المراقبة والاتصال والخبرات القتالية التي زجت بها قطر إلى هذه المنطقة التي كانت تعتبرها العمود الفقري لـ
" الثورة السورية " .
ما إن سقطت بابا عمرو على أيدي قوات الجيش السوري وإعلان " الجيش الحر " انسحابه من المنطقة حتى سارعت الرياض في إرسال رسالة شديدة اللهجة إلى الدوحة تطالبها بتفسيرات لما حصل ولتؤكد ضمناً على عدم أهلية قطر لقيادة " الثورة السورية " .
أمير قطر زار المملكة للبحث في مرحلة " ما بعد بابا عمرو " ولنبذ الخلافات التي نشبت بين قطر والسعودية مؤخراً تجاه دعم " معارضة سورية في الخارج " ووجهات النظر المختلفة بين الدوحة والرياض حول من يجب أن يتلقى المال والسلاح .
زيارة حمد بن خليفة بعد أن استقبل رئيس وزرائه حمد بن جاسم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يرافقه عدد من النواب اللبنانيين المتورطين في الأحداث السورية .
أخبار تتحدث عن إلقاء القبض على عشرات الأجانب من جنسيات مختلفة :
فرنسية ، بريطانية ، وخليجية في حمص ، ولا سيما في بابا عمرو ، إضافة إلى مصادرة الأسلحة النوعية المتطورة جداً ، وهي من صناعات أميركية وإسرائيلية وغربية ..
التقارير الواردة لغاية الآن تكشف عن حقائق مخابراتية لحرب كونية مذهلة تتصدى لها سورية بقوة وقدرة وحنكة بالغة ، خصوصاً في بابا عمرو ، حيث هناك أسئلة كثيرة يطرحها الشارع السوري حول ما إذا كانت هذه المعركة بداية الحرب الكونية أم نهايتها ..
وحول تأخر الحسم العسكري والتباطؤ في تنفيذ العمليات الهجومية على الإرهابيين والمرتزقة ، البعض رأى أن حجم المسلحين لا يستحق كل هذا التأخير ، وأن القضية مجرد تمرد يمكن القضاء عليه خلال ساعات ، في حين أن الخبراء الاستراتيجيين كانوا يرون في هدوء الجيش العربي السوري ، وتعامله مع الموضوع على أنه حرب حقيقية كبرى ، يخفي الكثير من الخفايا التي تؤكد حصول القوات العسكرية السورية على كنوز من المعلومات ، تؤكد تورط قوى عظمى مباشرة في التحضير لعمل عسكري من نموذج الحرب الكونية.
حصلت الأجهزة السورية المختصة على معطيات حول وجود مركز عمليات في منطقة حمص ، يشرف عليها بشكل مباشر قادة عسكريون غربيون من أميركا وفرنسا ، ترتبط مباشرة بأحد الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية ، والذي يرصد الحركة في المنطقة منذ عام 2008 ، ويتابع بشكل مباشر كل التحركات العسكرية السورية ، إضافة إلى ارتباطها بالقمر الفرنسي MX3 ، الذي تم إطلاقه في 2009 ، ووضع مساره في مدار يستطيع تعقب كل حركة في المنطقة الوسطى في سورية ولبنان .
كشفت الأعمال القتالية للمرتزقة ، وجود تنسيق كبير جداً بين المجموعات الإرهابية ، بخطط القتل والتدمير والتخريب والاغتيالات ، وهذا يعني خضوعها لإدارة مركزية تتولى إصدار القرارات وحدها.
عمليات المراقبة الأمنية للحدود أكدت تهريب أسلحة متطورة جداً لا يمكن استخدامها إلا من قبل اختصاصيين ، لا ينتمون بالتأكيد إلى مرتزقة اسطنبول أو إرهابيي القاعدة ، لأنهم لا يملكون الخبرات التدريبية والعلمية اللازمة لذلك .
في الأشهر الماضية ضبطت أعداد كبيرة من المتسللين الغربيين ، من رتب عسكرية مختلفة ، يحملون شهادات علمية تخصصية عالية ، وشهدت حمص حدثاً أمنياً كبيراً قبل أكثر من عشرة أيام ، أعادنا بالذاكرة إلى الأيام الأخيرة لسقوط شاه إيران ، حيث قامت القوات الأميركية ، وبعد تأكدها من سقوط الشاه ، بتدمير كل أجهزة التجسس المنصوبة باتجاه الاتحاد السوفيتي ، وما جرى في حمص كاد يتطابق مع تلك العملية ، لكن المخابرات الأميركية لم تتمكن من الدخول إلى المنطقة ، والتعامل بحرية مع تجهيزات التنصت والسيطرة الإلكترونية التي كانت قد أرسلتها إلى بابا عمرو ، فأرسلت طائرات استطلاع إلكترونية بارتفاعات عالية ، ونفذت من خلالها عملية ضخ كبير لفيروسات على شكل معلومات إلى مراكز معلومات التجهيزات الإلكترونية ، بهدف تدميرها أو تعميتها .
لم تغفل القيادة العسكرية السورية عن احتمال كهذا ، لذلك قامت بوضع حاجز كهرطيسي فوق مراكز التجهيزات في بابا عمرو ، يمنع عملية تبادل المعلومات بينها وبين الخارج ، وبالتالي فشلت الطائرة الإلكترونية في مهمتها ، لكنها استطاعت ربط اتصال هاتفي مع قيادات العمليات الخارجية ، ولم تعترض القيادة السورية هذه الاتصالات ، إنما قامت بتسجيلها ، للكشف عن هويتها ومعطياتها ، حيث تم ضبط اتصال بين مسؤول قطري رفيع وقيادة العمليات في بابا عمرو ، وقد أكد هذا الاتصال فشل المشروع العدواني ضد سورية ،
وتبين أن التركيز كان على ما يلي:
– (1 عدم سقوط مركز السيطرة بيد القوات السورية مهما كان الثمن.
– (2 تدمير كل مستودعات الأسلحة الموجودة تحت سيطرة المركز في المنطقة.
بعد فشل طائرة التجسس الإلكتروني بتدمير البيانات ، تمت عملية دخول إليها من قبل القوات السورية ، ليتبين أنها تحوي كماً هائلاً من المعلومات التي توضح حجم التدخلات الخارجية ، كما تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الأسرار التي تشكل خطراً على الإدارة الأميركية وقيادتها العسكرية والمخابراتية ، بالإضافة إلى خطرها على قوات الحلف الأطلسي .
بعد أن علم الكيان الصهيوني باكتشاف القيادة السورية لمستودعات الأسلحة التي أُرسلت من الخارج ، ولمكوناتها التفصيلية ، أتاح لصحيفة " معاريف " أن تنشر معلومات عنها ، ورمي الكرة في الملعب القطري ، حيث أشارت إلى أن قطر استوردت من " إسرائيل " 750 طناً من الأسلحة ، وأن قطر أعطت هذه الأسلحة إلى المعارضة السورية ، واستنكرت " معاريف " بلسان عدد من الإسرائيليين ذلك ، لأنه يعني بالنسبة لهم أن سورية ستحاربهم به بعد أن سيطرت عليه.
ما جرى يؤكد أمرين لا يمكن التغاضي عنهما:
أولاً : أصبحت الفضيحة الأميركية في المنطقة شبه مؤكدة ، وهي تجر في ذلك كل أعوانها وأذنابها ، من خلال الوثائق التي باتت بتصرف القيادة السورية.
ثانياً : أن كل قوى الإرهاب ، بما فيها المرتزقة والمسلحون السوريون ومجموعة " بلاك ووتر " ، أصبحت تحت مرمى نيران الجيش العربي السوري ، الذي تستطيع قواته تدميرها في أي وقت تشاء ، وهذا يعني أن لا مراهنة على الأرض أو على الداخل بعد الآن.
بشكل عام ، إذا كان حلف الأطلسي غير قادر على دفع فواتير الحرب ، فإن عملية بابا عمرو هي نهاية لحرب كونية.
في المعلومات ، فإن المهاجر اليهودي من أصل مجري ، نيكولا ساركوزي ، الذي يحتل موقع رئيس دولة فرنسا ، في موقف حرج جداً ، أمام ما يتكشف عن تورط فرنسي مباشر في الحرب على سورية ، خصوصاً المعلومات التي تأكدت عن اعتقال ضباط فرنسيين سواء من المخابرات أو خبراء ميدانيين ، فهو من جهة لا يستطيع أن يعلن عن ذلك ، وإن كان يحاول من تحت الطاولة إيجاد مخرج لهذه القضية ، كما أنه لا يستطيع تجاهل الأمر وكأنه لم يكن.
وفي هذا الصدد ، علم أن رسائل سورية وصلت إلى ساركوزي ، تدعوه للاعتراف بذلك علناً ، وحينئذ تعتبرهم السلطات السورية أسرى حرب ، وتطبق عليهم اتفاقات جنيف الدولية ، أما إذا لم يحصل ذلك ، فستوجه التهمة لهؤلاء كمجرمي حرب وقتلة، قتلوا مدنيين وعسكريين سوريين ، وخربوا منشآت عامة وخاصة ، وشكلوا عصابات إرهابية مسلحة ، وبذلك تنفَّذ فيهم العقوبات السورية ، وهي الإعدام ، مما يجعل الإليزيه في حالة ارتباك شديدة ، وخصوصاً أن الانتخابات الرئاسية أضحت على الأبواب ، واليهودي المجري ، بدأ يتحسس منذ الآن رقبته التي فيها الكثير الكثير من الفضائح الأخلاقية والسياسية .. والمالية .
اول من طرق الأبواب السورية كان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان . يأتي المبعوث الدولي في أعقاب فوز فلاديمير بوتين برئاسة روسيا ، وفوز كبير لأنصار السيد علي خامنئي في انتخابات إيران .
ويأتي أيضاً وسط اعتراف أميركي رسمي باختراق تنظيم القاعدة لصفوف المعارضة السورية ، وتأكيد روسي بأن أكثر من 15 ألف مسلح أجنبي يقاتلون على الأراضي السورية ، وأن تدريب اكثرهم يجري في ليبيا.
هذا الإطار الدولي المريح للقيادة السورية ، أعقب سيطرة الجيش السوري على المنطقة الأخطر من حمص ، أي حي بابا عمرو .
أرخت هذه السيطرة شعوراً بالاطمئنان عند مناصري القيادة السورية بأن الدولة لا تزال قوية وأن القدرات العسكرية كفيلة بمنع أي اختراق كبير .
تضاءل إلى حد الاختفاء احتمال إقامة " بنغازي " جديدة على الأراضي السورية .
تضاءل معها أي أمل غربي بحدوث انشقاق داخل الجيش .
ويبدو أن الأجهزة الأمنية عثرت في بابا عمرو على ملفات وخفايا كثيرة .
تحدث أنان بوجود الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
قال : " آمل ألا يفكر احد جدياً باستخدام القوة " . وافق العربي على ذلك .
نسي الجميع دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لتسليح المعارضة .
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظرائه العرب : إن نظريتهم لإسقاط الأسد بالقوة سقطت ، ولا بد من حل تفاوضي .
موسكو أكدت للأسد مؤخراً أنها مستمرة بدعمه ، وأن شيئاً لن يؤثر على خيارها الاستراتيجي .
مصدر أميركي موظف في الخارجية الأميركية يقول :
الرهان على إسقاط الأسد يجب أن يستمر وهذا لن يحصل إلا بانقلاب الجيش عليه وهذا ما يبدو شبه مستحيل بدون تدخل خارجي ، والتدخل الخارجي شبه مستحيل بدون انقسام الجيش وفقدان الرئيس السوري لسيطرته على قوته الصاروخية وتخلي حلفائه الخارجية وعلى رأسهم إيران وحزب الله عنه ، لهذا يجب أن يستمر العمل على محاصرة الأسد سياسيا وليس اقتصاديا ولكن بالتزامن مع عمل دبلوماسي يأخذ في الحسبان إمكانية بقائه في السلطة بعد إجراء إصلاحات جذرية يقدمها لشق المعارضة وتفريق صفوفها يصل بنتيجتها معارضون إلى قيادة الحكومة دون المس بصلاحيات الرئاسة وهو المشروع الذي تسوق له روسيا وإيران حاليا
ثم إن رهاننا ( الأميركيين ) على المعارضة الأصولية في سورية ليس واقعيا كما هو الحال في مصر وفي ليبيا وفي تونس ، وهو في السياسة مكلف جدا لأميركا ، بسبب ذلك وجدنا الأكراد ( واغلبهم يكره الأصوليين ) والدروز والمسيحيين والسنة العلمانيين والعلويين خلف الأسد .
فما يمكن الحصول عليه من الرئيس السوري اليوم لن نستطيع الحصول عليه في المستقبل ، إن استطاع تثبيت ولاء من عادوا إلى مناصرته من أبناء " الطائفة السنية " خوفا من حرب أهلية أطلت برأسها عليهم وهم يهربون منها ولا منجي منها برأي هؤلاء إلا بالتمسك بالأسد ونظامه ، فتجربة المعارضة السورية تبدو دموية وتجربة الأسد أمنت لهم استقرار وأمنا في محيط مهتز ومتفجر .
يتابع المصدر :
لدينا اتصالات وثيقة ومستمرة مع وجهاء من حلب ومن دمشق وحتى مع وجهاء عشائر في حمص ودير الزور والجميع يحتج على استمرار دعمهم للأسد رغم أنهم من معارضيه ضمنا هو " إن بديله منفر لهم ، والمعارضة لم تقدم سوى حربا أهلية ومجازر طائفية لأنصارها . "
يتابع المصدر الأميركي :
هو ( الرئيس الأسد ) يرى نفسه اليوم قويا وقادرا على مقاومة الجهود التي تبذل لإسقاطه ، ولأن لم يبدأ بعد بالرد علينا في ساحات أخرى فذلك لأنه لم يحتاج إلى الآن لفتح جبهات خارجية تخفف عنه في الداخل والسبب أن جبهته الداخلية لا تشكل عليه خطرا فعليا وكل همه الآن ينحصر في ترتيب وضعية اقتصاده وتكييفه بشكل يضمن له استمرار التدفقات المالية إلى مصرفه المركزي ويضمن له أيضا تحويل الحصار المفروض عليه إلى سبيل لكسب المزيد من الدعم الشعبي داخليا وعربيا …
انظر كيف ارتفعت أصوات المدافعين عن بشار الأسد في الأردن ومصر وتونس وبشكل علني لم يتجرؤوا عليه إلا بعد مناداة المعارضين بتدخل خارجي في سورية .
وماذا عن حمص ألا تشكل مأزقا للحكم السوري ؟ .
يجيب الموظف في الخارجية الأميركية والرافض بشدة لأسلوب عمل جيفري فيلتمان في المسألة السورية من منطلق المصلحة الأميركية :
الاستخبارات التابعة للخارجية الأميركية وعلى العكس مما يظن الكثيرين لا ترى في مدينة حمص – على المدى المتوسط – مأزقا للنظام السوري بل هي ذاهبة لتصبح مأزقا للمعارضة ، ففي كل يوم يمر تثبت الأحداث أن المعارضة السورية تفقد شرعيتها الشعبية لأنها تغطي مجازر طائفية يرتكبها محسوبون عليها .
والأحداث هناك تعمل لمصلحة النظام في دمشق لا ضده ، فهي تؤمن له مسرحا حيا لإثبات روايته عن الأحداث لا لشعوب الغرب وللعرب فقط بل لشعبه الذي يرى بأم العين كيف يقوم مسلحون تابعون لتنظيمات متطرفة بقتل مواطنين آخرين ومع ذلك تصر المعارضة السورية على إنكار استعمالها للسلاح وعلى عدم وجود مسلحين .
ويضيف المصدر فيقول :
كان فيلتمان ينتظر انشقاقات كبرى في القوى العسكرية السورية مؤخرا لهذا دفع ضابطا درزيا فارا إلى إعلان الثورة في جبل الدروز عبر اليوتيوب بالتزامن مع نداء وليد جنبلاط إلى دروز سورية ، ولكن تلك التجربة تحولت إلى مهزلة بعد أن أثبتت الوقائع على الأرض أن وليد جنبلاط مؤثر عاطفيا في الدروز ولكن ليس حين يطلب منهم التخلي عن الاستقرار والأمن الذي يعيشونه لأجل أهداف يجهلون مصلحتهم فيها .
كل ذلك ترافق مع حملة كبيرة جدا شنتها وسائل الإعلام الثورية ضد الجيش السوري و التي تضمنت تعليمات عن كيفية قيام المواطنين السوريين الموالين للمعارضة بحث ضباط وعناصر القوات المسلحة السورية للانضمام الى الثورة ، لهذا أرسلنا سفيرنا إلى هناك ليشرف بنفسه على المرحلة الأهم من تحركات الثوريين ضد الأسد في منطقة عازلة كان يفترض أن نقيمها برعاية من حلفائنا في محافظات قريبة من دمشق ولكن النتيجة كانت صفر ، لأن السوريين استبقونا مخابراتيا وأوقعوا بعملاء لبنانيين كانوا يتنقلون بين البلدين للتواصل مع وسطاء لشراء ولاء بعض الضباط الكبار المؤثرين وقد تبين لنا أن أحلام فيلتمان هي مجرد أحلام والوسطاء اللبنانيين إما وقعوا ضحية خداع السوريين لهم وإما هم خدعونا .
لقد وقعنا ضحية خدعة مخابراتية تسببت لنا بالإحراج مع حلفاء يمشون على حد السيف للوقوف معنا ( جنبلاط والنظام الأردني مثلين عن أولئك الحلفاء ) .
سقوط المنطقة العازلة :
ويروي المصدر الأميركي كيف سقطت الخطط الأميركية ضد الأسد واحدة تلو الأخرى ، لسوء التنفيذ أحيانا وليقظة السوريين في أحيان أخرى ويتابع فيقول :
عاملان اسقطا فكرة المنطقة العازلة على الحدود التركية ، العامل الأول هو انقضاض الجيش السوري على القوى الثورية في جسر الشغور وإقفاله الحدود التركية – السورية عسكريا ودفع الجيش السوري بالفرقة السابعة وبكتائب صواريخ بعيدة المدى إلى المحافظات القريبة من تركيا ، إضافة إلى تعاون بعض قادة الجيش التركي ايجابيا مع الانتشار السوري على الحدود التي من المفترض أن يحمي الجيش السوري نصفها والجيش التركي يحمي نصفها الآخر .
ويتابع المصدر الأميركي فيقول :
رصد الأتراك مناورات صامتة لصواريخ سورية تحتاج لتسع عشر دقيقة للظهور والاختفاء بعد إطلاق صواريخها الثقيلة والبعيدة المدى بواقع ثمانية صواريخ في الساعة للبطارية المتحركة الواحدة .
وهذا يعني أن الطائرات التركية أو الأطلسية لن تتمكن من ضربها وتدميرها إلا إن كانت تملك معلومات مسبقة عن أماكن اختبائها ، تلك الصواريخ مطورة حديثا وما نملكه عنها من معلومات لا يمكن الحديث عنها وهي قادرة على اقل تقدير على تهجير السياح من تركية وهذا ما يمكن أن يشعل الاضطرابات الداخلية ضد حكومة اردوغان خاصة بوجود قوية علمانية تتربص بحزب العدالة والتنمية .
وتجزم بعض الدراسات التي نوقشت في دوائر مغلقة أو قدمت إلى لجان الكونغرس بأن استمرار الجهود الأميركية العلنية لإسقاط الأسد واحتضان معارضيه ستؤدي إلى عكس ما تريده الإدارة الأميركية ، فالسؤال الآن ليس عن موعد سقوط النظام في سورية بل عن موعد الحرب التي سيخوضها بدعم إيراني ضد المصالح الأميركية في المنطقة ، بدءا من إسرائيل وانتهاء بالأردن وبحلفاء أميركا في لبنان الذي كان حزب الله مصمم للقضاء عليهم بشكل كامل لولا تدخل الرئيس السوري عام 2008 و الاتصالات التي كانت تجريها الإدارة الأميركية معه
احلام حمد بن جاسم ومزاعمه لم تتحقق ، وتوقعاته المتغطرسة كادت توقع الاميركيين والاسرائيليين والاردنيين والسعوديين في كارثة ، فقد تجرأ السوريون وحلفائهم ( العجم والعرب ) على الرد في مناسبات عديدة – وإن بنعومة نسبية – واظهروا للاميركيين انهم جادون في تحريك خط الزلازل الذي يبدأ بدمشق و يمر في جنوب لبنان ولا ينتهي في تل ابيب فقط بل يعبرها مثبتا لمن يريد ان يتأكد ان الزلزال السوري سيصيب الاردن ( حركت قبائل وقوى وطنية اردنية الوضع هناك دفاعا عن سورية ) و الاناضول ( الاكراد ) وانطاكية ( السوريون الحاملين للجنسية التركية وهم اكثر من مليون ارتفعت نداءات قواهم الحية لمعاقبة اردوغان ) وصولا الى السعودية ( تحركات القطيف ) واليمن ( الحوثيون وصلوا الى ميناء على البحر الاحمر ونشروا قواتهم بكثافة في مناطق النفوذ الوهابي – السعودي على الحدود السعودية في غفلة الثورة والدولة ، وحتى افغانستان التي تقبع الخسائر الاميركية فيها على مرمى حجر تكنولوجي ايراني يوضع في خدمة المقاومة الافغانية التي لا تحمل لوائها حركة طالبان فقط بل ان الاخيرة تسرق اعلاميا جهود آخرين ليس اقلهم شهرة قوات القائد الافغاني التاريخي غلب الدين حكمتيار .
وتشير مصادر الى الزيارة الهامة التي قام بها وزير الاستخبارات الايراني الى السعودية ولقائه العلني مع ولي العهد هناك نايف بن عبد العزيز المسؤول عن قمع انتفاضة القطيف وعن الامن في المملكة وعرض الايرانيين على السعوديين مخرجا لهم من ازمة البحرين ومن ازمة اضمحلال دورهم في مقابل تصاعد دور تركيا وقطر .
الغطرسة الاميركية لا تعرف حدودا، خاصة وان كانت حرب العم سام على سورية لا تكلف الاميركيين الا فتاتا واما الكلفة الكبرى فيدفعها عرب أوقفوا مالهم سبيلا جاريا في خدمة السيد الاميركي الذي يبذلون الغالي والنفيس في سبيل رضاه والتشبه بأحبابه الصهاينة ، وهي خصلة يتصف بها نفسيا بشكل جدي وزير خارجية قطر الذي يعتقد ان ولائه لاسرائيل يجعله فردا من شعب الله المختار ) . )
إذا وكما قال مصدر أميركي ، دخل جيفري فيلتمان على الخط رافضا كما عادته الاستسلام للفشل في مواجهة سورية ، ولخبرته السابقة في فهم حدود المخاطر التي قد يذهب إليها كل من دمشق وحلفائها في بيروت وفي طهران ، تقدم من إسرائيل بطلب تسهيل قيام منطقة عازلة خارجة عن سيطرة الحكم السوري في كل المحافظات السورية التي تحاذي الحدود السورية مع فلسطين المحتلة وهي القنيطرة ودرعا وما بينهما تقع محافظة السويداء التي يمكن لوليد جنبلاط بحسب ما قدر فيلتمان ان يؤثر على سكانها .
وتقوم خطة فيلتمان على العناصر التالية :
مقاتلي ما يسمى الجيش السوري الحر الذين دربهم الأميركيون في الأردن وفي العراق ( أربيل ) وفي لبنان ، ومقاتلي الوهابية الجهادية من ذوي الخبرة في العراق وأفغانستان ، يسمح لهم جميعا بمساعدة أميركية لوجستية بالانتقال إلى سورية عبر الأردن و يدخلون درعا ومنها يتمددون بقوة السلاح ليسيطروا على السويداء وعلى القنيطرة ، والمحافظات الثلاث لها جوار ريفي مع دمشق مباشرة وتشكل قوات تحالف ميليشيا الناتو السورية او ما يسمى بالجيش السوري الحر في تلك المناطق نقطة خطر جدية على العاصمة لو تمكنت اسرائيل من منع دخول الجيش السوري بقوة الى تلك المحافظات .
وتقضي خطة فيلتمان ايضا في تمكين القوات الدولية " الاندوف " من دعم الجيش السوري الحر لوجستيا لان لهم الحق بالتجول لمسافة عشرة كيلومترات بعيدا عن الحدود السورية . ( مسلحي تيارات الاخوان والوهابيين ومسلحي فتح الاسلام الذي انتقلوا من لبنان الى سورية ومسلحي جند الشام والقاعدة في بلاد الشام يحملون جميعا اسماء لكتائب يقدمها الاعلام الغربي على انها جيش سورية الحر ) . )
فيلتمان الحريص على سد اي منافذ يمكن ان يستغلها الحكم السوري لضرب الاحتجاجات وللخروج من مأزق الازمة ناقش خطته مع الاسرائيليين وتوافق معهم بحسب مصدر في العاصمة الاميركية على النقاط التالية :
1) ـــ السماح لمقاتلي الثورة السورية بالانتشار على الحدود السورية الاسرائيلية .
2) ـــ منع الجيش السوري من التقدم لضرب مسلحي الاخوان والوهابيين في منطقة القنيطرة تحت حجة ان معاهدة فصل القوات للعام 1974 لا تسمح للجيش السوري الا بنشر ستين دبابة وثلاثين مدفعا في تلك المحافظة .
ـــ تهديد القوات السورية لمنعها من التقدم لمعالجة البؤر المسلحة في درعا مجددا 3)
4) ـــ دعم المنتفضين في منطقة السويداء بالاسلحة والمال من خلال تواصل مباشر بين دروز فلسطين ودروز جبل العرب.
اعجبت الخطة – بحسب المصادر الاميركية – ايهود باراك وزير الدفاع الصهيوني فاطلق تصريحه الشهير عن " نعمة اسقاط الاسد على اسرائيل " ثم اتبع ذاك التصريح بلقاء عقده في العاصمة البلغارية مع برهان غليون ( لا في فرنسا كما اشيع مؤخرا ) .
وتوسط في عقد اللقاء جيفري فيلتمان لا وليد جنبلاط الذي اتصل بغليون لدعمه معنويا فقط
والمصادر الاميركية ترى ان اللقاء تاريخي لانه ربما يكون الاول بين الاسرائيليين وبين الاخوان المسلمين الذين مثلهم رئيس مجلسهم الوطني الذي يسيطرون عليه بشكل كامل مع حلفائهم الوهابيين .
من هنا جاء نداء وليد جنبلاط الى دروز جبل العرب للتوقف عن مناصرة الرئيس الاسد ، ومن هنا كان الرد السوري سريعا على جيفري فيلتمان وعلى اسرائيل وعلى جنبلاط
للأول حرك السوريون قوات النخبة التي تدربت لسنوات على حرب العصابات والانفاق وبطريقة يعرفها الاسرائيليون جيدا لانهم اختبروها في جنوب لبنان عام 2006 .
وهنا لا يخرق السوريون اتفاقية هم مستعدون لخرقها في اي وقت تتطلبه الظروف ، لان قوات النخبة تعمل على طريقة حزب الله في التخفي والعمل سرا لكن هذا لم يكن كل شيء ففي صباح نهار مشمس
سجلت الاقمار الصناعية الاميركية تحركات لقوات سورية صاروخية اجرت مناورات حركية ، وفي العلم العسكري ، المناورات الفعالة تعني اطلاق صواريخ كما حدث في المناورات السورية الاخيرة ، واما في المناورات الصامتة فتعني التدرب على اطلاق الصواريخ دون اطلاقها واما الحركية فهي تعني تحريك القوات الصاروخية ظهورا واختفاء لتدريب الطواقم على سرعة التجهيز والقصف والاختفاء وهو امر برع فيه حزب الله في لبنان .
ويؤكد الخبراء العسكريون والنشرات المتخصصة بان إظهار الصواريخ السورية لم يكن فقط تهديدا باستعمالها بل ان السوريين ارسلوا من يبلغ الاميركيين مباشرة – والاسرائيليين بالواسطة – بان اي محاولة لاقامة منطقة عازلة في القنيطرة سيجري الرد عليها باجتياح خط وقف اطلاق النار مع الاحتلال الاسرائيلي في الجولان ، واي تدخل اسرائيلي للدفاع عن مسلحي ما يسمى جيش سورية الحر سترد عليه سورية بضرب تل ابيب .
واضاف الرسول السوري للاميركيين – ودوما بحسب مصادر في العاصمة الاميركية – المنطقة العازلة في سورية تعني منطقة مدمرة في تل ابيب والتحرش بسورية عبر عملاء اميركيين سيجري الرد عليه مباشرة بضرب اسرائيل ، واما التحرك العسكري الاميركي سرا من الاردن لدعم المسلحين في درعا فسيجري الرد عليه بالطريقة نفسها التي ردت فيها سورية قبل ايام حين دخلت قوات سورية مئات الامتار الى الاراضي الاردنية واعتقلت مسلحين من مخبأهم في الرمثا كانوا قد هاجموا دورية للقوى الامنية ثم عبروا الحدود الى الاردن للاختباء .