بمشاركة رسمية وشعبية ودينية واسعة.. تشييع الشيخ الهجري إلى مثواه الأخير في السويداء
فى موكب رسمي وشعبي وديني مهيب شيع أمس من الملعب البلدي في مدينة السويداء جثمان سماحة الشيخ أحمد سلمان الهجري شيخ العقل الأول لطائفة المسلمين
الموحدين في سورية والذي توفي السبت الماضي إثر حادث سير أليم على طريق عام مردك شهبا القديم. وقال سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون مفتي الجمهورية في كلمته: إن أبناء جبل العرب الأشم أثبتوا حبهم لله والوطن مؤكدا أن الشيخ الراحل حمل راية التوحيد حسا ومعنى وتميز بمناقبه الايمانية وحبه لوطنه والتضحية في سبيل عزته وكرامته بما يحفظ امنه واستقراره واثبت اننا في سورية امة واحدة وديننا واحد ولو تعددت شرائعنا ومذاهبنا. وأضاف حسون.. لقد رحلت أيها الشيخ العظيم في لحظة تحتاجك فيها سورية حيث يسعى أعداؤها لتقسيمها ونحن نريدها أرضا واحدة بذل أجدادنا فيها دماءهم واليوم نحن نبذل دماءنا لتبقى نموذجا للعالم العربي والإسلامي والإنساني داعيا دول العالم إلى مشاهدة الوحدة الوطنية التي تجمع كل أبناء سورية والذين عبروا عن أخوتهم ووحدتهم ولحمتهم وحبهم لبعضهم في محافظة السويداء اليوم .وخاطب حسون الراحل الهجري قائلا: أيها الراحل الحبيب جئنا لنعزي أنفسنا باستشهادك لأنك أبيت أن تموت على فراشك إنما خرجت لتخدم أهلك ووطنك وأبناءك وإذا بالحق يختارك وأنت تعمل في خدمة الإنسان التي فيها رضوان الله عز وجل مبينا أن سورية ستبقى تمثل الأمة العربية بأبنائها وتوحد العقائد برسالتها الخالدة.
وتوجه المفتي حسون إلى أهل الفقيد في سورية ولبنان وفلسطين وبلاد المهجر بالعزاء قائلا: لا تخافوا على عقائدكم ولا على دينكم فسورية هي مهد السماء في النور والإيمان
ودعا المفتي العام للجمهورية كل من يحمل سلاحا لدمار بلده أن يكف عن ذلك ويعود إلى جادة الحق والصواب إلى أمه الطيبة سورية التي باركها الله وحماها مبينا أن قلوب السوريين مفتوحة للجميع وليس من عاداتهم الطعن في ظهور أحد. كما دعا الدول العربية والاسلامية التي تدعم الارهاب والقتل في سورية ان تعود عن تنفيذ مخططات اعداء الامة الرامية إلى تدمير سورية لان الله تكفل برعايتها مستشهدا بحديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام لا تزال ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام. وقال حسون: نم قرير العين أيها الشيخ الراحل وستبقى محافظة السويداء وأبناؤها في سويداء قلب سورية فكما كنت تحب أن تكون رمزا للوطن وها هي جنازتك رمز للوطن من كل أبنائه الذين جاؤوا ليقولوا لك لقد غرست في القلوب آثارا فالمال والملك يفنى ولكن العلم والإيمان والحب لا يفنى أبدا. وتوجه المفتي حسون بالدعاء لله أن يرحم الفقيد وأن يعوض سورية خيرا في مصابها وأن يجعل فيها من يحمل الرسالة ليقود الأمة إلى توحيد كلمتها وفكرها ورسالتها. بدوره قال الشيخ حمود الحناوي شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في كلمة مشيخة العقل إننا نودع اليوم ركنا من أركان التقى وعلما من أعلام التوحيد والعرفان واليقين مضيفا..أن أهل الهبة والعفاف في درجات اعتصامهم يأخذون بالعروة الوثقى ويتمسكون بحبل الله.
وأضاف ما احوجنا إليك أيها الشيخ الجليل وستبقى في ذاكرتنا كما بقي السلف الصالح الطاهر وعرفناك يا سليل الاطهار بحسن المناقب وفضائل الرجال وعايشناك بصدقك وقوة يقينك.
وأشار الشيخ الحناوي إلى أنه في زهاء قرنين من الزمن تعارف الموحدون بإسناد مسوءولية مشيخة العقل الثلاثية في ثوابت متساوية لتقوم بأعباء المرجعية الدينية والشخصية الاعتبارية مترابطة مع هموم الوطن والمجتمع واحتراما لمكانة الدار وتقديرا للسلف الصالح موضحا ان المسوءولية تدعو شيوخ العقل باسم طائفة المسلمين الموحدين وبعد إجماع الرأي إلى تنصيب الشيخ الجليل حكمت سلمان الهجري خلفا لشقيقه ولاخلاقه الرفيعة وسمعته الحسنة وبيته العريق كما أن الثقة والامانة موضوعة عند أهل الصالحين. وعبر الشيخ الحناوي عن شكره لكل من شارك في المواساة بوفاة الشيخ الهجري وفي مقدمتهم السيد الرئيس بشار الاسد متمنيا أن يعم الامن والسلام والمحبة والاخاء في ربوع سورية. من جهته قال المطران سابا اسبر مطران حوران وجبل العرب إن هذا الحشد الكريم الحاضر في وداع الشيخ الهجري ما هو إلا تعبير بليغ عما خلفه في نفوس كثيرين ممن عرفوه منوها بالمثل والقيم التي اتصف بها الشيخ الراحل وانعكست في حياته وممارساته اليومية. وقال المطران إن الشيخ أحمد لم يكن مجرد رجل دين وإنما صاحب رسالة أيضا وأنوار الخالق التي انسكبت عليه جعلته داعية للمحبة والتآخي والسلام والحوار فكان اللقاء عنده السبيل إلى اكتشاف ما قد أسبغ الله من نعم على الآخر وكان الإنسان وما يحمله واحدا عند الشيخ المرحوم.
وأوضح نيافة المطران أنه فيما يتعلق بوطننا الغالي كانت قناعة الشيخ الهجري أن سورية أرضا وبشرا غنية بتنوعها ويجب أن يحافظ عليها الجميع حيث أكد مرارا وتكرارا أن ما من كنيسة في هذا الجبل يمكن أن يلحقها أي أذى في ظل محاولات بعض المغرضين لاشعال الفتن الطائفية. ولفت المطران اسبر إلى أن الشيخ الهجري عرف بحرصه الدائم على خدمة الجميع وان رحيله خسارة كبيرة وفقدان شخصي لكل من عرفه مؤكدا أنه أكمل سعيه وخدم رسالته ووطنه بكل إخلاص وسيبقى حاضرا بذكره العطر .
بدوره قال حسين أحمد الهجري ابن الشيخ المرحوم في كلمة آل الفقيد: إن الشيخ المرحوم عاش حياته مقتديا بالرسل الكرام أئمة الهدى ومصابيح الظلام ومهتديا بالصحابة الأطهار والسلف الأخيار جامعا المؤمنين على بساط الحب الإنساني النبيل مضيفا أن الراحل نشأ وترعرع في بلدته قنوات ذات الأوابد والتاريخ وتزود واستقام من نور أسلافه وأن الحديث عن مناقب سماحته وسجاياه لا يمكن الإحاطة بها في هذا الموقف الجلل وأنه كان كالأولين سموا والعارفين عرفا وزهدا وتواضعا وشارك في مسيرة حياته على امتداد الوطن الكبير والعالم أجمع بالمناسبات والواجبات الدينية والوطنية والاجتماعية والإنسانية فأدى الأمانة وصان الرسالة . كما نوه بحضوره ومشاركته الفاعلة في المؤتمرين العالميين في بروكسل وأثينا وانتدابه من جميع المؤتمرين على اختلاف أطيافهم وتلاوينهم لغرس شجرة المحبة والسلام في تلك الأصقاع بعد أن أصبح عضوا دائما في حوار الأديان ومجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية في سورية مع نخبة من السادة العلماء . وأشار ابن الفقيد إلى أن اهتمام الشيخ الهجري كان مميزا بأهلنا واخواننا في الجولان الحبيب وفلسطين العربية وكان حريصا على استقبالهم ومؤازرتهم على صمودهم وتضحياتهم الجسام في سبيل الحق وتحرير الأرض والمقدسات من براثن الظلم والعدوان. وقال الهجري إن قيمنا التوحيدية وأصولنا المعروفية تحتم علينا أن نشكر الجميع لجميل عزائهم ونبل مشاعرهم ونخص بالشكر سيادة الرئيس الأسد حفظه الله الذي أحاط المرحوم بالتكريم والتقدير والحفاوة بحياته وأثناء مرضه كما أحاط عائلته برعايته الكريمة وطيب مواساته الصادقة بعد الوفاة إثر الحادث الأليم. وأضاف إنني باسم آل الهجري وأهل قنوات الكرام ومشايخ العقل الأجلاء والسادة الوجهاء والمعنين أعلن على روءوس الأشهاد بعد التداول والمشورة بين الجميع بأن عمي سماحة الشيخ حكمت سلمان الهجري سيكون خلفا لوالدي المرحوم أحمد سلمان الهجري شيخ العقل الأول للمسلمين الموحدين الدروز متمنين له النجاح والتوفيق. بدوره قال شبلي جنود أمين فرع حزب البعث في السويداء في كلمته إن رحيل الشيخ الهجري شكل خسارة للوطن ولكل أبنائه حيث نودع اليوم شيخاً فاضلاً ملأ قلبه الإيمان وتقوى الخالق فكان إنساناً نبيلاً متواضعاً كريم النفس سامي الأخلاق والواعظ الذي يلقى زواره ومريديه بابتسامة تبعث في نفوسهم الشعور بالاطمئنان لافتاً إلى أن الشيخ الجليل أدى دورا متميزاً في المجتمع من خلال رأب الصدع وحل المشكلات الاجتماعية واعتماد مبدأ الصلح وتوثيق عراه بما يكسبه صفة الديمومة وساعده في ذلك إرثه من عمل السلف الصالح خاصة وأنه سليل أسرة عريقة عرفت بالإيمان والتقوى والزهد في متاع الحياة وإيثار الآخرة كونها الحياة الأبقى. وأضاف جنود أن الوطن يودع اليوم شخصية وطنية بامتياز حيث كان الهم الوطني شغله الشاغل وبخاصة خلال العام الأخير الذي عاشه حيث توضحت خيوط المؤامرة الشرسة وغير المسبوقة التي يتعرض لها الوطن وكان يرى أن أعداء الوطن في الغرب الاستعماري وعملاءه من الأعراب والمتآمرين في الداخل يستهدفون وحدة الوطن وأمنه واستقراره ومصادر قوته ومنعته . وبين جنود أن الفقيد الراحل كان يؤكد دائما أن الوطن أغلى ما يملك الإنسان ويستحق كل التضحيات وكان يحذر من الفتنة التي هي من صنع أعداء الوطن ويدعو لدفنها في مهدها ويذكر شباب الوطن بخطرها وآثارها المدمرة وبالشعار الذي رفعه الآباء والأجداد بقيادة المغفور له سلطان باشا الأطرش وهو (الدين لله والوطن للجميع) موضحاً أن الشيخ المرحوم كان يؤمن بالحوار سبيلاً وحيداً للخلاص مما يعاني منه أبناء الوطن الواحد وأن أعمال القتل والإجرام والتخريب التي تمارسها العصابات المسلحة والقوى المتآمرة والداعمة لها في الداخل والخارج هي أعمال مدانة بكل الشرائع والأديان وهي ليست من أخلاق شعبنا وقيمه وإنما دخيلة علينا وعلى وطننا الذي يتميز بالأمن والأمان كما كان يرفض التدخل الأجنبي في شؤون الوطن ويؤمن أن الإصلاح هو ضرورة وطنية وأن مسيرة الإصلاح التي يقودها الرئيس الأسد هي مستمرة بهدف بناء الدولة الديمقراطية التعددية التي يمارس فيها المواطن دوره كاملاً في بناء الوطن و تعزيز صموده والحفاظ على النهج الوطني والقومي والتمسك بالثوابت والحقوق . وفي تصريحات لـ سانا عقب التشييع قال الشيخ عبد الوهاب أبو فخر إن الشيخ الهجري كان تقياً نقياً محترماً وكريماً وخدوماً لكل الناس ولم يقصر في عمله ودوره الاجتماعي والوطني والديني الناجح مبيناً أن فقدانه خسارة كبيرة وعامة لجبل العرب ولكل سورية . وأشار عصام الشعلان مختار الجولان العربي السوري المحتل إلى أن الفقيد الراحل هو مرجعية روحية وطنية لأهالي الجولان العربي السوري المحتل كما هي مرجعيتهم إلى وطنهم الأم سورية مبيناً أن فقدانه خسارة وطنية كبيرة . ولفت الشيخ أحمد شيخو خطيب ومدرس في مساجد دمشق إلى أن العزاء اليوم مشترك لأن الشيخ أحمد الهجري يمثل السوريين كلهم بانفتاحه وجهاده ضد الاستعمار وكل من يريد شراً ببلده سورية. وقال الداعية الإسلامي الشيخ عبد الرحمن علي الضلع نسأل الله أن يجعل قبر الراحل الكبير روضة من رياض الجنة وبفقده فقدنا عمودا للوطنية والإخاء والمحبة ونتضرع الى الله تعالى أن يلهم أهله وذويه وأبناء الامة في كل مكان الصبر وأن يرحمه وينصر بلدنا وجيشنا وشعبنا على كل من يحيكون المؤامرات ضد وطننا . ورأى الشيخ ياسر أبو فخر أن هذا اليوم المشهود في جبل العرب الأشم هو يوم تاريخي ليعبر عن أصالة الشعب السوري مضيفاً إننا دائماً نقول لجميع الحالمين بالتدخل في شؤوننا أنتم واهمون وساقطون في منتصف الطريق لأن إرادة هذا الشعب هي الأقوى والأسمى والله يحب أن يحافظ الإنسان على دينه كما يحافظ على وطنه. يذكر أن سماحة الشيخ المرحوم أحمد الهجري من مواليد عام 1954 وتسلم مشيخة العقل عام1989 بعد وفاة والده المرحوم الشيخ سلمان الهجري و شارك في مؤتمري حوار الأديان في بروكسل وأثينا عامي 2001 و2004 وكان عضواً دائماً في مؤتمر حوار الأديان العالمي وعضواً في مؤتمرات حوار الأديان التي أقيمت في سورية وأسس عدة مشاريع خيرية منها مشروع مشفى النبي هابيل في ريف دمشق. حضر مراسم التشييع أحمد الأحمد عضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية الأمين العام لحركة الاشتراكيين العرب والدكتور بسام جانبيه عضو القيادة القطرية لحزب البعث والدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف ومنصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية والدكتور مالك علي محافظ السويداء وعدد من رؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والفصائل الفلسطينية وعدد من رؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية المعتمدين بدمشق ومشايخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في سورية ووفود شعبية ودينية من سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق.