المكتب المركزي للإحصاء يستعد لحصر عدد سكان سورية للعام 2014
أكد مدير المكتب المركزي للإحصاء إحسان عامر أن المكتب هو الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الأرقام الإحصائية في سورية على المستوى الوطني، وذلك بموجب المرسم رقم 87 النافذ منذ عام 1968.
وردّ التضارب في بعض الأرقام المعبرة عن المؤشرات الاقتصادية في البلاد إلى مبادرة بعض المؤسسات الحكومية في إعلان أرقام إحصائية خاصة بمؤسساتها ويتم تداولها دون الانتباه إلى أن تلك الأرقام تتعلق بمؤسسة بعينها، كما أنحى باللائمة في ذلك على كون القطاع الصناعي مبعثراً من الناحية الإدارية.
وقال عامر في لقاءٍ مع «تشرين»: يحدث أحياناً لبس في الرقم الإحصائي حينما يتم نشر أرقام صادرة عن جهة معينة كالمؤسسة العامة للإسمنت – على سبيل المثال- ويكون مخالفاً للرقم الصادر عن المكتب، وذلك دون أن يتم الانتباه إلى أننا ننشر الأرقام الإحصائية على المستوى الوطني، فهناك جهات أخرى غير المؤسسة العامة للإسمنت تنتج هذه المادة، ونحن نجمع الإحصائيات من الجهات المختلفة بما فيها القطاعان العام والخاص، وهنا تبرز مشكلة عدم إشراف وزارة الصناعة على كل الصناعات التحويلية في البلاد فهي لا تشرف مثلاً على المخابز أو المطاحن أو الصناعات الاستخراجية….الخ، إذاً لدينا قطاع صناعي مبعثر من الناحية الإدارية، وباعتبارنا جهة مسؤولة عن التصنيف الصناعي نأخذ الرقم الوطني من القطاعات الإنتاجية المختلفة، ولذلك يجب الأخذ بالاعتبار أن أي رقم يصدر أحياناً عن جهة ما لا يمثل إلا هذه الجهة حصراً.
وأوضح عامر أن كل الأرقام المتعلقة بالقطاع الخاص تصدر عن المكتب المركزي للإحصاء فقط ويتم استخلاصها عبر المسوح الميدانية التي يجريها المكتب، في حين أن الأرقام المتعلقة بالجهات الحكومية تصدر عن مديريات الإحصاء التابعة لها، ونحن نستقي المعلومات من هذه المديريات بعد تدقيقها من الوزير أو المدير المختص ثم نجمع أرقام القطاعين العام والخاص، وننشرها وفقاً لتصنيف عالمي يعتمده المكتب من أجل المقارنة بالتصنيف الذي أقرته الأمم المتحدة.
المسوح الدورية
وحول آلية عمل المكتب المركزي للإحصاء قال عامر: يتبع للمركز 14 مديرية منتشرة في المحافظات، وحينما بدأ القطاع الخاص بالتنامي في تسعينيات القرن الماضي نتيجة اتباع نهج التعددية الاقتصادية، وجدنا أن من واجب المكتب مواكبة هذا النمو المطرد عبر تصوير الواقع وعكسه بشكل رقمي، ووضع هذه الأرقام بتصرف راسمي السياسات في البلاد، ولدينا خطط سنوية في هذا المجال تتضمن كيفية وآلية جمع البيانات، ويُجري المكتب عادةً حوالى 19 مسحا ميدانياً دورياً في المجال الاقتصادي، والاجتماعي، والديمغرافي وفقاً للأسس العلمية المعمول بها عالمياً، ومن هذه المسوح: المسح الصناعي للقطاع الخاص، ومسح الزراعات الإستراتيجية، ومسح البناء والتشييد، وفي القطاع الاجتماعي والديمغرافي لدينا مسح القوى العاملة، وكفاءة التعليم، أما تعداد السكان فيتم كل عشر سنوات.
وأضاف عامر: إلى جانب المسوح الدورية التي تحدثنا عنها، هناك مسوح تتم من خارج الخطّة بناءً على طلب إحدى الوزارات أو المحافظات، ومنها ما يكون بطلب منظمات عربية أو دولية، مثل المسح الصحي- الأسري الذي تم في سورية منذ فترة، ومسح الإنفاق الصحي، والمسوح المتعددة في مجال البيئة…. الخ، وهذه المسوح تكون من خارج الخطّة ولها تمويلها الخاص، وعلى مستوى المحافظات أنهينا مؤخراً مسحاً اقتصادياً – اجتماعياً في محافظة الحسكة تم على كل أسر المحافظة، وسيتم إصدار النتائج قريباً، بالإضافة إلى مسح السكن العشوائي في محافظة درعا، ومسح أوجه استهلاك الطاقة الذي تم في بعض المحافظات.
خطط العمل القادمة
وعن خطط عمل المكتب المركزي للإحصاء على المستوى القريب قال عامر: أجرينا أواخر العام 2011 مسحاً سريعاً على القوى العاملة وأصدرنا نتائجه في آذار الماضي، وكانت الفكرة منه معرفة صورة عن واقع القوى العاملة خلال فترة الأزمة التي تشهدها البلاد، كما نشرنا مؤخراً كل البيانات الاقتصادية المتعلقة بالعام 2010.
أما فيما يتعلق بالعام الفائت فقال عامر: بدأنا بجمع البيانات من مؤسسات الدولة ومن المسوح التي أجريناها باعتبار أن الإحصاءات الاقتصادية لها خصوصية وتتطلب الانتهاء من السنة المالية التي سبقتها، علماً بأنه تتوافر بعض البيانات المنشورة عن 2011، فالمسوح الاجتماعية والديمغرافية – كما قلت سابقاً- تنشر بمجرد الانتهاء منها، وفي هذه المرحلة بدأنا بمسح الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية، وانتهى العمل الميداني في 12 محافظة، وبمجرد انتهائه بشكلٍ كامل نقوم بالتدقيق والترميز ودراسة النتائج، كما أنهينا مسح عينة البناء في سورية، ونحضر لمسح المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية، ويتم على مرحلتين المرحلة الأولى تتعلق بإجمالي المساحات المزروعة، والثانية تكون في وقت الحصاد لقياس الإنتاجية.
وأشار مدير المكتب المركزي للإحصاء إلى أن جميع النتائج يتم إصدارها عادة في نشرات دورية مع تقارير وصفية عن المسوح التي يجريها المكتب، مع إجراء دراسات معمقة عن بعض الإحصائيات، تتوافر هذه المعلومات بالكامل على الموقع الإلكتروني للمكتب كما يتوافر لدى المكتب مجموعة من الأقراص الليزرية المتضمنة نتائج المسوح والأبحاث التي يقوم بها، لنضعها بين أيدي الباحثين.
التعداد السكّاني المقبل
وأعلن عامر عن بدء تحضيرات المكتب المركزي للإحصاء للتعداد السكاني المقبل في سورية عام 2014، باعتبار أن آخر تعداد كان في العام 2004.
وأضح أن التحضير لهذا التعداد يتطلب فترة لا تقل عن عامين، خاصةّ أنه يشمل تعداداً للسكان، والمساكن،
وحصر المنشآت الاجتماعية والاقتصادية، وتعداداً زراعياً.
وفيما إذا كان التعداد السكاني المقبل سيشمل حاملي الجنسية السورية خارج البلاد، قال عامر: حاولنا في التعداد السابق أن ندخل على الاستبيان موضوع الهجرة، لكننا كنّا نقع في مشكلة حينما تكون الأسرة بمجموعها مهاجرة، وفي مثل هذه الحالة يتعذر علينا أخذ البيانات اللازمة، والمفروض أن يكون لدى السفارات السورية في الخارج حصر كامل للمهاجرين، وهنا يبرز إشكال آخر يتمثل في عدم التزام جميع المواطنين في المغتربات بتقديم ما يثبت وجودهم في دولة ما إلى سفارة بلادهم، لذلك فإن الأرقام التي تأتينا من السفارات غير دقيقة بالعموم، وهذا ينعكس على أرقام المكتب المركزي للإحصاء عن الهجرة.
قلة الكوادر
يشكو المكتب المركزي للإحصاء من قلة الكوادر المتوافرة لديه، وهنا يستدرك عامر قائلاً: كل المكاتب الإحصائية في العالم لا تعتمد فقط على الكوادر الموجودة لديها، وعادة ما تستعين بباحثين من خارج المكتب، وهؤلاء الباحثون يتم التعاقد معهم أولاً بأول بحسب الضرورة، وينتهي التعاقد بانتهاء المسح، ففي تعداد السكان لعام 2004 استعنّا بـ35 ألف باحث، فكادر المكتب المركزي للإحصاء في المحافظات يصل إلى حوالى 500 شخص، وفي المسح الاقتصادي – الاجتماعي الأخير الذي أجريناه في الحسكة تم الاستعانة بمجموعة من خريجي المعاهد والجامعات بالمحافظة باعتبار أن كادرنا هناك لا يتعدى 11 موظفاً، ونتجه في التعداد السكّاني القادم إلى الاستعانة بالخريجين من غير الموظفين، لتحريك القوى العاملة التي لا تتوافر لديها فرص عمل في مختلف المحافظات، وبذلك نؤمن لمجموعة من الشباب عائداً مادياً لشهر أو شهرين على الأقل.
آخر المؤشرات الإحصائية
وفسر مدير المكتب المركزي للإحصاء ارتفاع معدل البطالة من 8.6% في العام 2010 إلى 14.9% في العام 2011، بأنه نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد، وهذا لا يعني أن الرقم السابق خطأ وقال: لكنني آسف للقول إننا نمر بسنة شاذة ومن الطبيعي أن تكون الأرقام الإحصائية فيها مخالفة للسلسلة الزمنية التي سبقتها، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نعتبر أن هذه الأرقام صححت الأرقام السابقة.
وأضاف عامر: يشير الرقم السابق إلى ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب الذين أعمارهم بين 15 إلى 24 سنة بنسبة تجاوزت 35% بقليل في فئتي الأميين، ومن يقرأ ويكتب، وهذا مُبرَّر لأن الشاب الذي يدخل إلى سوق العمل في هذه المرحلة يجد صعوبة كبيرة في الحصول على فرصة عمل، كما أن الأميين والملمين بالقراءة والكتابة يعملون غالباً في قطاع غير منظم، وفي بعض المحافظات نسبة الركود كبيرة جداً.
وحول وجود إحصاءات لدى المكتب المركزي للإحصاء عن هذا القطاع غير المنظم تحدّث عامر عن مشروعٍ مؤجل منذ عامٍ تقريباً لإجراء مسح حول هذا القطاع بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، مؤكداً أن هذا المسح سيتم بمجرد تحسن الظروف، وهناك تقديرات أولية تشير إلى نسبة العمالة المنظمة تشكل 40% من القوة العاملة في سورية، أما المسح الذي أجراه المكتب مؤخراً على القطاع الصناعي الخاص فيشير إلى تراجع كبير في الإنتاج على المستوى الوطني، وستصدر النتائج في وقتٍ لاحق.
وختم مدير المكتب المركزي للإحصاء حديثه بدعوة الإعلاميين لتغطية نشاطات المكتب، والمساهمة في نشر الوعي الإحصائي لدى المواطن، مؤكداً أن الأرقام التي تؤخذ على مستوى الأفراد والمؤسسات في القطاع الخاص رقم سري ولا يتم نشره، ودعا الفعاليات الاقتصادية المختلفة إلى عدم التحفظ في إعطاء المعلومات.