مامون شحادة كتب لزهرة سورية : تعددت الصحف والخبر واحد
شفيق يسقط الطائرة وأبو الفتوح يكره من يركبها أخبار، أهرام، جمهورية، تعددت الصحف والخبر واحد، مانشيت إخباري يترأس صدر الصحيفة الاخبارية،
، بعنوان: “الفريق شفيق أسقط طائرتين إسرائيليتين”، و”أبو الفتوح يصف إسرائيل بالعنصرية”، وكأن متن الدعاية الاخبارية -عذراً منكم- اقصد الدعاية الانتخابية، لدى الطرفين تنحصر بين قصة “روبين هود” و”شعبان عبدالرحيم”، فالاول، على الرغم من اختلال الرواية بينه وبين روبين هود فهو ماهر بالاصطياد النظري، اما الثاني، وبحسب اغنية “شعبولة”: انا بأكره اسرائيل، فهو ماهر بالنظريات، وما بين النظرية والتطبيق تكمن قصة “الشاطر حسن” ورواية “مواعيد عرقوب”.
بما ان الفريق شفيق والسيد أبوالفتوح يستعملان اسرائيل شماعة لانتخاباتهم، ويؤكدان انها دولة تكن العداء لمصر وللأمة العربية، فمن الشجاعة والحكمة ان نتكلم عن اتفاقية كامب ديفيد، واتفاقية الغاز، والسفارة في قلب العمارة، وان نكون على قدر المسؤولية الممنوحة لنا من الشعب المصري، مع الابتعاد عن الشعارات الشعبوية التي اكلها الدهر وشرب منها، أرجوكم ارحموا مصر!!
داوود الشريان يعلن الغضب
اثناء مشاهدتي برنامج "الثامنة" الذي يقدمه الاعلامي داوود الشريان على قناة mbc، دهشت حينما سمعت ان عدد المصابين بمرض التوحد في المملكة العربية السعودية يبلغ اكثر من 170 الف حالة، وأخذت اضرب أخماس عقلي بأسداسه لدى سماعي ان المملكة لا يوجد بها مركزاً حكومياً متخصصاً لتأهيل هؤلاء.
اللافت في الحلقة ان داوود الشريان كان غاضباً من هذه الحقيقة المفجعة، ومن هذا الرقم التسلسلي الذي يفتقد حاضنة تؤهل مستقبله، في الوقت الذي يعلم فيه ان التوحد يغزو بلادنا العربية كسرب جراد يجتاح مفاصل مجالاتنا الحياتية، والامراض تعددت مفاهيمها، فالتوحد الوراثي استبدل بالتوحد السياسي، والشقيقة الصداعية استبدلت بالشقيقة السياسية، والانفصام النفسي استبدل بالفصام الوطني، والتنمية المستدامة تحولت الى تنمية تبحث عن ذاتها، والاصلاحات استبدلت بالمصطلحات.
الثقافة ليست بالدرجات العلمية
ان العلاقة بين الابتسامة والمكان المضحك، كالعلاقة بين المجتمع والخطأ التقديري، فاذا كنت مثقفاً في اي علم وجاء من هو اعلى منك درجة، بين قوسين متعلم، فكلام الأخير يسمع ولا يسمع كلامك انت، مع انه في غير تخصصه، واذا كنت تحمل درجة علمية في تخصص ما، وسئلت في فحوى ما تعلمت…. وأصبت، وجاء من هو اعلى منك درجة في تخصص بعيد عن تخصصك، فكلام الأخير يسمع ولا يسمع كلامك انت وكأنك لم تُصِب.
ان المجتمع العربي يعشق التعميم ويبتعد عن الخصوصية، ويعتقد ان حملة الدرجات العلمية العليا يعرفون كل شيء، في الرياضيات، في العلوم، في الفيزياء، في السياسة، في علم الاجتماع، حتى في الالحان والغنائيات، فالمكيال الثقافي لدى المجتمع اصبح مرتبطاً بالدرجة العلمية دون المضمون.
فكثير من فئات المجتمع لم تأخذ فرصة للتعليم، بسبب ظروف اقتصادية او اجتماعية او سياسية، ولكن مكنونها الثقافي عال جداً.
والده ارحم…
يحكى انه كان هناك احد الولاة يحكم احد الأقاليم، ولكن طريقة حكمه كانت مبدعة في اذلال الرعية، حيث امر جميع حراس قصره ان لا يدخل اليه احد من الرعية الا اذا صفع على خده الأيمن صفعة قوية، ولان كل الرعية مضطرون لمقابلة الوالي من اجل تسليك امورهم الحياتية، فقد ضرب كل الشعب على خده الأيمن من اجل ذلك.
بعد فترة من الزمن مات الوالي، وجاء من بعده ابنه الأكبر، فكانت اول قراراته تعديل ما كان يقوم به والده، وخصوصاً عملية استقبال الرعية في قصره، ذلك بان يصفع كل من يدخل الى القصر صفعتين على الخد الايمن والأيسر بدلاً من صفعة واحدة، فاصبحت الرعية بعد ذلك تترحم وتتذكر ايام والد الوالي الجديد وهي تقول: رحم الله والده فقد كان يصفعنا صفعة واحدة وكنا بالف خير، فيا حبذا لو تعود تلك الايام.
هنا يدخل التناقض “فكرياً”، رغم ان الرعية على زمن الوالي (الاب) صفعت على الخد الأيمن، وعلى زمن الوالي (الابن) صفعت على الأيمن والأيسر، فما هو الفرق بين الاثنين؟
ان الفرق بينهما هو “الرعية” لانها تهيم دائماً بالماضي وتنادي بالرجوع اليه، فبدلاً من ان تتخلى عن الماضي وتواجه الحاضر وتصححه لبناء المستقبل، عادت الى استخدام الماضي في مواجهة الحاضر.