ركود عقاري شبه تام في سورية وتوقف المستثمرين والأفراد عن الشراء والبيع
لم يشهد القطاع العقاري واقعاً كما شهده خلال مدة العام المنصرم من تاريخه من ناحية تراجع العمليات التجارية والحراك للسوق كما كان في سنوات سابقة فمجرد السؤال عن حال هذا القطاع لأحد من
المهتمين أو أصحاب المكاتب العقارية يأتيك الجواب مباشرة.. أي سوق.
لا بيع ولا شراء ومؤخراً ازدادت المأساة أكثر مع تزايد الأسعار وقلة السيولة المالية لتغير اتجاهها نحو تأمين الحاجيات الأساسية أولا وتأجيل الدخول في متاهات أسعار البيوت ومضارباتها إلى اجل غير مسمى.
وأكد عقاريون أن الضغوط تتزايد في القطاع العقاري في ظل التفاوت بين العرض والطلب على الأراضي السكنية في معظم المدن مع توقف شبه تام وتراجع كبير في المبيعات للأراضي سوى مبيعات محدودة في بعض المخططات السكنية لدى بعض المدن التي لا تشهد أي أحداث لكنها حسب القائمين على القطاع معدودة ولا تشكل أي نسبة إذا ما قورنت بالتبادلات التجارية المعهودة قبل أكثر من عام.
وقال العقاري محمود الحلبي: إن الضغوط تتزايد على القطاع العقاري في ظل التراجع الملحوظ والحاد جدا في الحركة العقارية الصفة الغالبة لدى سوق العقارات في أغلبية المحافظات لتأثر هذا السوق بما يجري من أحداث وبعض الإشكالات…الأمر الذي ترك واقعا حاداً من الجمود المسيطر وبقوة فلا حركة ولا طلب على الوحدات السكنية وخاصة على الوحدات ذات الصفة الخضراء أي الشقق النظامية سواء أكانت على الهيكل أم مكسية.
وأوضح الحلبي أن التراجع في حركة البيع والشراء أدى إلى ركود عقاري شبه تام في بعض الضواحي والمدن بعد توقف العديد من المستثمرين والأفراد أيضاً عن شراء الأراضي السكنية تمهيداً لاتضاح الرؤية حول توجهات الأسواق والأسعار وحالة الترقب والحذر الموجودة وهي حالة تصاحب أي أحداث أو متغيرات بارتفاع الأسعار وقلة السيولة وانتظار الأيام والأشهر القادمة ماذا تحمل…..! إضافة إلى ما قد تسفر عنه بعض توجهات وقرارات الحكومة وتحقيق وعود مؤسسة الإسكان بتنفيذ المشاريع الإسكانية والمخططات السكنية بشكل عام من جانب وزارة الإدارة المحلية ومساعي مجالس المدن والبلدات التي أسمعتنا كل هذه الجهات بأنها تعمل على إنجاز مخططات سكنية متطورة.! والتي يتوقع أن تسهم بشكل ملحوظ في توافر وحدات سكنية ملائمة وبأسعار مناسبة لذوي الدخل المتوسط والدخل المحدود ما يؤدي إلى انخفاض في أسعار الأراضي السكنية.
من جهته أكد العقاري أبو سليمان المستثمر في المحافظات الشمالية استمرار الركود في القطاع العقاري والحالات من التبادلات التجارية ببعض المحافظات البسيطة لا تدل على حركة ونشاط هذا الواقع في ظل الأسعار الحالية المبالغ فيها والكل بحالة من الانتظار والترقب.
وأضاف: إن الحكومة مهتمة بشكل كبير بملف الإسكان لكونه يمثل إحدى أهم الأولويات التي ظهرت للسطح ولم تعد تحتمل التأجيل إلا أن النيات لا تكفي بينما الواقع بعيد كل البعد فللسوق لغته وأسعاره التي لا ترحم..! وينتظر القطاع العقاري العديد من القرارات والمشاريع التي قد تسهم في توفير الوحدات السكنية وبالأسعار المناسبة إذا تم تنفيذها بأوقاتها وبأسعارها الاقتصادية.!
وقال إن العديد من المستثمرين والأفراد توقفوا عن الشراء والبيع ترقبا لما تحمله الأشهر المقبلة.. مبيناً أن الأسعار المبالغ فيها في القطاع العقاري ساهمت بشكل ملحوظ في تراجع الحركة العقارية الحالية والتوقف شبه التام في حركة البيع والشراء، متسائلاً: من يستطع تأمين مبلغ خمسة ملايين ليرة أو حتى ثلاثة ملايين ليرة لشراء منزل متواضع في إحدى الضواحي ولمساحة بسيطة..؟! وسعر المتر المربع الواحد على الهيكل للوحدات النظامية في إحدى ضواحي محافظة ريف دمشق مثلا 36 ألف ليرة سورية ويختلف السعر صعوداً ونزولاً حسب الموقع والقرب وإلى ما هنالك من ميزات تفاضلية.
وتوقع مختصون في الشأن العقاري أن يستمر الركود العقاري الذي يشهده السوق خلال الأشهر المقبلة خصوصا مع دخول الصيف التي كانت بالعادة ما يصاحبها حراك في الشراء والبيع وتحويل السيولة المالية من قبل المستثمرين أو من المغتربين السوريين الراغبين بشراء شقق لهذا الشأن.
من جهته يقول العقاري إبراهيم مكتب خزامى لقد باتت لدى الأغلبية إن المخالفات السكنية غدت واقعا من الصعب وضع مؤطرات فعالة وملزمة للتخفيف من آثارها السلبية على المواطن وأسعار السوق وحتى على الميزانية العامة للدولة وهناك رأي بأن السوق العقاري يمر حالياً بحالة ركود تامة انخفضت خلالها عمليات التداول العقاري إلى مستويات لا تذكر ولاسيما على الأراضي الخام والعقارات الموجودة في أطراف المدن.. هذا الركود، أو بمعنى آخر وأدقّ دعونا نسمه مرحلة التقهقر السعري لحالة التضخم الكبرى التي شهدها السوق خلال الفترات الماضية فهي أمر حتمي لحالة الهيجان العقاري التي مر بها السوق خلال السنوات القليلة الماضية.
ومن المسلم به أن القطاع العقاري هو أحد المكونات الرئيسية للهياكل الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الدولة وبالتالي فإن مدى توازنه الاقتصادي وكفاءة أدائه يؤثر بشكل كبير في اقتصاد الدولة بشكل عام وإذا كانت ثمة فجوات في القطاع العقاري سواءً بين العرض والطلب أو بين المشتري والبائع أو بين القطاع الحكومي والعقاريين وغير ذلك من الجوانب التي أدت إلى حصول حالة من عدم التوازن المنطقي في حركة السوق العقاري خلال فترات ماضية. فإن حال الواقع يستدعي أن يتم البدء عاجلاً في تنفيذ خطوات جريئة وعملية نحو تصحيح أوضاع السوق العقاري من خلال عمل إصلاحات تستهدف الجوانب التالية:
من خلال التنظيم: بسن أنظمة وتشريعات تواكب الوضع الراهن للسوق العقاري تحدد من خلالها الأطر الرئيسية لعمل السوق العقاري حالياً ومستقبلاً.
وتفعيل عامل الرقابة: من خلال إيجاد جهة مرجعية تقود وتدير سوق العقار وتعمل على محاربة الممارسات السلبية التي تتسبب في تضخم السوق العقاري من مضاربات عقارية وخلافه.
وهكذا يتبين أن واقع القطاع سيبقى على ما هو عليه من الجمود القائم في الحركة والأسعار كما هي، بينما حجم التوقعات يزداد بانتظار الأشهر المقبلة وما تحمله من مفآجات عسى ولعلّ!.