خناقة هيفاء وهبي وقمر على رنة “الخلخال”
ينتهي فيلم “حصل خير” بهذه العبارة الشهيرة “حصل خير يا جماعة” فهل بالفعل حصل خير أم أن ما حدث على الشاشة لا يمكن أن ينبئ بأي خير؟!
الحقيقة هي أننا نستطيع أن نقول بأن هناك نمطا سينمائيا أصبح شائعاً في الوسط الفني وهو فيلم على الطريقة السبكية تلمح فيه كل تحابيش تلك الطبخة طبقاً لمعادلة تستطيع أن تدرك تفاصيلها من خلال راقصة وعدد من المطربين الشعبيين يقودهم "سعد الصغير" وهناك أكثر من موقف كوميدي مع توفر عنصر الطفولة أي أن هناك طفلة أو طفل مسخوط يقلد الكبار في كل شيء من أجل توفير قسط من الضحكات.
كل هذا وأكثر كان متواجداً في فيلم "حصل خير" ولكن مع إضافة شيء آخر وهو الاستعانة بالمطربة اللبنانية "قمر" شبيهة "هيفاء وهبي" التي تقلدها في كل شيء ولم تكتف فقط بهذا القدر بل تشن عليها أيضاً حملات في مختلف البرامج.. كانت نقطة الصراع هي بيروت وتوجهت بعد ذلك للقاهرة ومن خلال شركة سينمائية وهي أفلام السبكي كان بينها وبين هيفاء مشروع سابق لم يكتمل وهكذا أصبحت المعركة تحمل كل أسباب ودوافع السخونة!!
الفنانة الجديدة "قمر" وقعت تحت ضغط مرض فني يصيب البعض وهو تقليد النموذج الذي يحقق نجاحاً طاغياً ومن أعراض هذا المرض الشائعة أن المريض بالتقليد لا يدرك أنه مريض بل يعتقد أن العكس هو الصحيح.. بالمناسبة حدث ذلك في أعقاب النجاح الطاغي الذي حققه المطرب "عبد الحليم حافظ" قبل نحو 60 عاماً تقدم للإذاعة المصرية نحو 30 صوتاً يقلدون "عبد الحليم" كل منهم يدعى أن "عبد الحليم" هو الذي يقلده!!
"قمر" تنويعة على "هيفاء" وأن تحاكيها في الحركة والنظرة ومع تقدم علم جراحات التجميل من الممكن أيضاً أن تكتشف أنها صارت صورة منها على مستوى الشكل ولو سألتها سوف تقول لك أن العكس هو الصحيح وهيفاء هي التي تقلدها في أسلوب الغناء والملامح.. أكثر من ذلك قدمت "قمر" في الفيلم أغنية قديمة اسمها "رنة خلخالي" كانت "هيفاء" قبل بضعة سنوات فقط قد قدمتها على المسرح.
كل شيء في هذا الفيلم تشعر بأنه يعيد قالبا قديم البناء الدرامي الذي كتبه "سيد السبكي" أيضاً يستلهم فيلم "عمارة يعقوبيان" رواية "علاء الأسواني" التي قدمت من خلالها حكايات مصرية تناولت مصر أيام "مبارك" بينما في عمارة "السبكي" لم يقدم في تلك العمارة التي يملكها "طلعت لبيب" سوى أن هناك "قمر" راقصة ومطربة لبنانية وهناك ثلاثة متزوجون "سعد الصغير" من "آيتن عامر" و "محمد رمضان" من "بدرية طلبة" و "كريم محمود عبد العزيز" من "أمينة مطربة الحنطور".. الثلاثة يصابون بحالة من الهلع و"الشحتفة" العاطفية بمجرد أن يشاهدوا "قمر" ويخرون صرعى واحداً بعد الآخر على باب شقتها ويبدأ السيناريو في البحث عن أغنية أو رقصة، وكل ذلك من أجل أن تزداد المشاهد التي تتواجد بها "قمر"، فهو فيلم مصنوع على مقاسها، كل ذلك من أجل أن يحيلها في لحظة إلى نجمة كبيرة أو هكذا تتوقع وتتمنى أن تصبح نجمة تطيح بهيفاء وهبي، إلا أن المخرج "إسماعيل فاروق" والمنتج "أحمد السبكى" في طريقهما لتحقيق هذا الهدف ارتكبا عشرات من الأخطاء.. مثلاً في بيت الدعارة الذي ذهب إليه الثلاثة أزواج لم يجدوا غير أغنية محمد منير "علّي صوتك بالغنا" لتتحول إلى أغنية جنسية الكلمات الوطنية صارت تعني فشلاً في إتمام العلاقة الجنسية!!
تجد المطرب الشعبي "طارق الشيخ" ويغني مع "قمر" وبعدها تنتقل إلى "سعد الصغير" ثم "محمود الليثي".. في الفيلم قرر المخرج أن يقدم أسلوب "البارودي" أي إنه يلتقط مشهد شهير من فيلم قديم مثل "معبودة الجماهير" بين "عبد الحليم" و "شادية" ويؤدي سعد دور حليم وتصبح قمر هي شادية في المشهد الذي يحملها فيه على دراجته.. كذلك نشاهد "محمد قنديل" وهو يغني في "صراع في النيل" يا مهون هون في هذا المشهد حيث يصبح "الليثي" هو قنديل ولطفى لبيب عمر الشريف وقمر هي "هند رستم" أو كريم محمود عبد العزيز الذى يعيد مشهد من فيلم والده "محمود عبد العزيز" الشقة من حق الزوجة!!
وفي كل فيلم يشارك فيه المطرب الشعبي "الليثي" تنهال على وجهه عشرات من الصفعات من كل المشاركين في الفيلم، وتكرر الأمر بالطبع في "حصل خير" وتردد أنه يحصل على أجره مقابل عدد الصفعات التي ينالها مخصوماً منها عدد الأغنيات التي يرددها.
المخرج "إسماعيل فاروق" تخصص في مثل هذه الأفلام وفي مثل هذه الظروف لا تجد أي شيء مختلفا عما سبق، ولكنه يقرر استنساخ كل شيء.. "قمر" التي تقلد "هيفاء" و "محمد رمضان" يزداد تشبهاً بأحمد زكي وكريم محمود عبد العزيز لا يزال يعيش في جلباب أبيه محمود عبد العزيز!!
إننا بصدد فيلم تجاري متواضع يبحث صناعه عن ضحكة وقفشة ونكتة وغنوة ورقصة.. وأصبح نجومه أشبه بالبديل الصيني الرخيص.
يسأل الناس كثيراً هل هذه هي السينما التي ننتظرها بعد الثورة المصرية والحقيقة أن الجماهير تستحق أعمالاً فنية أعظم ولكن لن تنتهي من حياتنا أبداً الأعمال التجارية.. الثورة لا تملك عصاً سحرية لتغيير الصورة الفنية بينما "قمر" تعتقد أنها تستطيع برنة خلخالها أن تُحدث ثورة!!