أطـفـال غـزة..بـأي ذنـب قـتـلـوا
كفى قتلا لأطفال غزة تصرخ سيدة من كاراكاس العاصمة الفنزويلية في أقصى خارطة العالم عن غزة لتتحد مع صرخات مئات الآلاف من المتظاهرين حول العالم خرجوا نصرة لغزة على مدى أكثر من اسبوعين من الحرب الوحشية الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني
الصور اليومية المروعة لجثث أطفال غزة الأبرياء هزت ولاتزال الضمير الإنساني في عواصم ومدن العالم على مايرتكب بحق المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال من مجازر إبادة جماعية.
الطفلة دينا بعلوشة استشهدت مع أخواتها الأربع في قصف استهدف منزل ذويها في بيت لاهيا شمال غزة والطفلتان لمى و هيا حمدان استهدفتهما صواريخ الاحتلال أثناء ركوبهما عربة يجرها حمار وأربعة أطفال عثر عليهم الصليب الأحمر في غزة بعد أربعة أيام متعلقين بجثث أمهاتهم يتضورون جوعاً وقبل ذلك استشهدت أم وأطفالها الخمسة في قصف لمسجد في جباليا شمال القطاع..هذه مجرد عناوين أخبار فضلاً عمن دفنوا تحت الأنقاض ولم تدركهم عدسات المصورين أو تصل إليهم أيادي المسعفين.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية العشوائية والعنيفة بصورة ممنهجة المنازل السكنية والمدارس وبيوت الله ولم تنج منها حتى مقرات المنظمات الدولية فقد استشهد 42 فلسطينياً على الأقل في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة الأونروا في جباليا شمال قطاع غزة كما استشهد في يوم واحد فقط أكثر من مئة وخمسة وثلاثين شهيداً.
وأكد جون غيينج مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمد استهداف المدنيين الفلسطينيين خلال العدوان وقال إن الجيش الإسرائيلي على علم بكل مواقع الأونروا لأنها واضحة وترفع علم الأمم المتحدة وإنه يتعمد قصف المنظمات الدولية.
وأشارت وكالة تابعة للأمم المتحدة في إحصائية أن نحو 50 بالمئة من الشهداء الفلسطينيين من النساء والقصر لقوا حتفهم خلال 12 يوماً من الغارات الجوية الإسرائيلية والهجوم البري على قطاع غزة.
وأكدت المتحدثة باسم الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه حتى بضعة أيام مضت كانت النسبة تتراوح مابين 35 إلى 40 بالمئة.
ويرى أطباء نفسيون فلسطينيون أن الحرب على قطاع غزة تؤسس لجيل جديد من الفلسطينيين المقاومين ضد إسرائيل لن يجدوا طريقة لشعورهم بالأمان سوى باللجوء إلى القوة ضد قوات الاحتلال التي يرون فيها الشر الأكبر.
ويقول إياد السراج مدير مركز الصحة النفسية في قطاع غزة أطفالنا يعانون من سلسلة صدمات نفسية لحقت بهم في السابق والحاضر نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع وبسبب تعرضهم لهذا الكم من الصدمات فأنهم طوروا وسائل دفاعية فالأطفال الذين ولدوا تحت الاحتلال استخدموا ضرب الحجارة والمولوتوف الزجاجات الحارقة خلال الانتفاضة الأولى أما الجيل الحالي فسيتحول إلى التشدد لأنه يؤمن أن إسرائيل هي الشر الأكبر.
المشهد الدامي والقتل العمد للمدنيين الذي نعيشه هذه الأيام ليس جديداً على قوات الاحتلال فقد استشهد الطفل محمد الدرة أمام عدسات المصورين على أيدي قوات الاحتلال بين أحضان والده عام 2000 في موقف هز العالم ومازالت صورة طفلة استشهدت في عربة إسعاف وأخرى لطفل مهتك الرأس بين أيدي أحد قوات تابعة للأمم المتحدة عالقة في الذهن انتشلت من مجزرة قانا في جنوب لبنان التي تشكل دليلاً دامغاً على عقلية الإرهاب الصهيوني الذي لايوفر أي طريقة لتحقيق أهدافه فمن عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية إلى المجازر والمذابح الجماعية ضد المواطنين الأبرياء واللافت في المجزرة الذي تعرض لها لبنان في شهر نيسان من عام 1996 وراح ضحيتها 106 مدنيين حيث انتشلت جثث 27 طفلاً وسقط 351 جريحاً معظمهم من الأطفال أنها تمت في مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفيل في قرية قانا جنوب لبنان حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه لحماية أطفالهم وعائلاتهم من القصف هرباً مما أطلق عليه عملية عناقيد الغضب التي شنتها إسرائيل على لبنان لكن وجودهم تحت حماية الأمم المتحدة وفي ظل علم قوات السلام الدولية لم يشفع لهم فتساقطت القذائف على مقر الكتيبة الفيجية ماأدى إلى حدوث مجزرة رهيبة مسجلة صفحة أخرى من صفحات الإرهاب الصهيوني الممتد من دير ياسين إلى بحر البقر إلى قانا وجنين فغزة.
ولم يمض الوقت كثيراً لينسى العالم وفي واقع مماثل وبالقوة والعتاد نفسه في الثالث عشر من شباط من عام 1991 على جزء آخر من الجرح العربي عندما ارتكبت الطائرات الأميركية جريمة بشعة بقصف ملجأ العامرية في مدينة بغداد المأهول بالمدنيين من نساء وشيوخ وأطفال ما أدى إلى استشهاد 407 مواطنين منهم 138 رجلاً و269 امرأة و54 طفلاً رضيعاً و26 مواطناً عربياً بحيث تحول الطابق السفلي من الملجأ إلى مدفن جماعي ولم يتمكن أهالي العامرية من التعرف على اقاربهم التي تحولت جثثهم إلى أكوام من لحم محترق وهياكل محطمة.
وفي ظل أوضاع أمنية متردية عاشها العراق منذ أكثر من خمسة أعوام على احتلاله كان من الطبيعي أن ترتفع أعداد الأطفال العراقيين الأيتام الذين فقدوا أحد أو كلا الوالدين بسبب الغزو الأميركي لبلادهم إلى مايقرب مليون يتيم في العاصمة العراقية بغداد وحدها بينما أكدت دراسة متخصصة لمنظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في بغداد أن عدد الأطفال الأيتام في العراق يقدر بنحو 4 إلى5 ملايين طفل ونحو نصف مليون أم أرملة.
وتنتهك إسرائيل بصورة صارخة اتفاقية جنيف الرابعة جوهر القانون الدولي الإنساني بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الثلاثة المضافة إليها وهي معاهدات دولية تتضمن أهم القواعد التي تحد من وحشية الحرب وتحمي الأشخاص الذين لايشاركون في القتال كالمدنيين والأطباء وعمال الإغاثة.
وكأن طفل غزة والجنوب اللبناني والعراق بعرف الأميركيين والإسرائيليين ليس إنساناً جديراً بنفس الحقوق العالمية التي يتمتع بها أطفال العالم وفق مانصت عليه اتفاقية حقوق الطفل التي ضربت بها إسرائيل عرض الحائط ففي عام 1989 أقر زعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى اتفاقية خاصة بهم وتوضح الاتفاقية التي تتضمن 54 مادة وبروتوكولين اختياريين بطريقة لالبس فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون تمييز من حق الطفل في البقاء والتطور والنمو إلى أقصى حد والحماية من التأثيرات المضرة.
ويؤكد تركيز قوات الاحتلال على قصف المواقع المدنية وضرب الأطفال في المنازل والمدارس هزيمة إسرائيل وعدم قدرتها على الوصول إلى مواقع المقاومة من جهة ويدل من جهة أخرى أنه ليس من قوانين دولية أو أخلاقية ولاحتى شرائع سماوية تردعها عن القيام بمثل هذه الأعمال الإجرامية والإرهابية بحق الإنسانية.