كتب فريد ميليش .. عسكرة العالم
لم يكن جديداً ولا مستهجناً ما كتبه المحلل السياسي الروسي أناتولي فيبرين عن النفاق الأمريكي والمعايير المزدوجة في التعاطي مع الإرهاب فالكاتب يعري النفاق الأمريكي وكيف
تتلاعب الدولة العظمى بمصائر أبنائها مقابل توسعها العسكري مستغلة شعارات الديمقراطية والحرية التي تتلطى وراءها وصولاً إلى أهدافها.
الكاتب الروسي دلل على كلامه ببعض جمل مما أورده الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال فيها "الحرب في العراق انتهت, وبدأ في أفغانستان الانتقال إلى الحياة السلمية" معلناً نصر ما اسماه قيم الإنسانية!!.
عرف الأميركيون في اليوم الذي تلا هذا الخطاب أن الجيش الأميركي في أفغانستان قد فقد ضحيته الألفين في هذه الحرب المنتهية والقتيل هذه المرة لم يكن ضحية اشتباك مع أولئك الذين تسميهم الدعاية الأميركية إرهابيين. بل قتل على يد أحد الجنود الأفغان, الذين يدربهم الأميركيون منذ زمن طويل على محاربة الإرهابيين, ويَعِدون بتسليمهم قيادة العمليات الحربية كلها.
ما أعلنه أوباما عن نهاية الحرب- كما يقول الكاتب- وبداية الانتقال إلى الحياة السلمية, هو في حقيقة الأمر تقليصٌ لمشاركة جنوده في العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق, ونقلٌ لقسم من هذه العمليات إلى الجيشين الأفغاني والعراقي.
لكن ومع تقليص العمليات العسكرية التي يقوم بها الجنود الأميركيون فإن ذلك لا يعني أن "أكياس جثث الجنود الأميركيين" لن تصل بعد الآن إلى أمريكا من هاتين الدولتين, كما كتبت منذ وقت قريب صحيفة «الهيرالد تريبيون» الدولية… هذه الأكياس ستستمر في الوصول, لكن السبب الرئيس في موت الجنود الأميركيين سيكون الآن الانتحار, الذي ازدادت أعداد حوادثه بوتائر غير مسبوقة, فقد انتحر في الأشهر الستة الأولى من هذا العام 154 جندياً أميركياً, ما شكل زيادة قدرها 50 % عن الفترة المماثلة من العام المنصرم.
ويخلص الكاتب الروسي للقول إن الرئيس الأمريكي حين يخطب من على منبر الجمعية العمومية, فإنه يتظاهر كمثل قادته العسكريين بأنه لا يلحظ التناقض الواضح بين كلمته العاطفية, ووضع الأشياء الحقيقي.