تحالف عربي تركي إسرائيلي ضد حكم الرئيس بشار الأسد
يقول مصدر سياسي بارز إن استقالة الحكومة فتحت مرحلة جديدة في البلد بموازاة تطورات دولية وإقليمية كان لا بد من أن تنعكس على لبنان.
ويقرّ المصدر بصحة ما تقوله قوى 8 آذار عن أن سبب الاستقالة ليس مسألة التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بل طبيعة المواجهة الإقليمية الدولية الدائرة في جزء منها على الساحة اللبنانية.
ويسجل المصدر أن «حزب الله» تصرف بتوتر بعد الاستقالة لأنه فقد تغطية شرعية لغلبة سياساته في السلطة السياسية، بعدما تمكن التحالف الذي ينتمي إليه مع النظام السوري وإيران من تحقيق هجوم نجح نسبياً في إعادة تمتين وضع النظام الذي كان على شفير مرحلة من التراجع بفعل بدء معركة دمشق قبل 3 أشهر. فالحزب وإيران تصرفا (ومعهما القيادة العراقية)، مع روسيا، على أن الدفاع عن النظام منذ البداية، مسألة مصيرية إلى درجة انخراط الحزب في القتال على نطاق واسع في عدد من المناطق من دون إحراج أو مداورة. رأت قيادة الحزب أن الشروط التي تطرحها قوى 14 آذار حول سلاحه والانتخابات، «تدل إلى أنها تتوقع سقوط النظام في سورية قريباً، وإذا كان الأمر كذلك فليسقطوه ولينزعوا سلاحنا. نحن لن نسلمه. كان الحزب واثقاً بتفوقه وبقدرة التحالف الذي هو جزء منه على إبقاء أوراقه قوية، إقليمياً ولبنانياً، ومن بقاء الحكومة كغطاء لسياسته السورية من لبنان ولهجومه الدفاعي الذي أنتج استعداداً أميركياً للقبول بطرح موسكو الحل السياسي والحوار بين النظام والمعارضة بما أوحى بأن واشنطن أخذت تسلم ببقاء بشار الأسد في السلطة.
ويشير المصدر إلى أن التحالف المقابل الغربي – العربي – التركي شن بدوره خلال الشهرين الماضيين هجوماً مضاداً حقق نتائج مقابل التي حققها المحور الإيراني السوري الروسي، ويلخصها المصدر نفسه بالآتي:
1- الضغط الدولي الأميركي على «حزب الله» لوضعه على لائحة الإرهاب بعد الشبهات حول دوره في تفجير بلغاريا.
2- الموقف الخليجي إزاء خروج لبنان عن سياسة النأي بالنفس والذي تجلى بزيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني لبنان لتحذير قادته من الخروج عنها، لا سيما بعد موقف وزير الخارجية عدنان منصور في الجامعة العربية على إلغاء تعليق عضوية النظام فيها رداً على قرار الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري ثم إشغاله مقعد سورية في قمة الدوحة.
3- تسمية رئيس الحكومة السورية المؤقتة تمهيداً لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
4- إفقاد النظام وإيران ورقة اللعب بالوضع الكردي في مواجهة تركيا التي تشكل المنطلق الرئيسي لدعم المعارضة، عبر دعوة زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني عبدالله أوجلان إلى إلقاء السلاح تمهيداً للتفاوض على وضع الأكراد في تركيا. وترافق ذلك مع توجيه قائد القوات الكردية في جبل قنديل في كردستان العراق رسالة تضامن مع الثورة السورية بموازاة ظهور موقف من بعض التنظيمات في المناطق الكردية السورية التي سلمها النظام إلى الأحزاب الكردية بتأييد الثوار السوريين.
5- المصالحة التركية الإسرائيلية التي رعاها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
6- عودة أوباما إلى الحديث عن أن الرئيس السوري فقد شرعيته، خلال زيارته إسرائيل.
7- تجديد مطالبته أوروبا بوضع «حزب الله» على لائحة الإرهاب بعد إدانة القضاء القبرصي لعنصر من الحزب بالتخطيط لعمليات إرهابية.
8- الإعلان في السعودية عن القبض على خلية تتجسس لمصلحة إيران.
9- زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري العراق للضغط عليه لوقف نقل الطيران الإيراني الأسلحة إلى سورية عبر أجوائه.
10- تصاعد الحراك العراقي الداخلي ضد الحكومة المدعومة من إيران.
11- القرار البريطاني الفرنسي بتسليح المعارضة السورية.
12- مساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أي» للمعارضة المسلحة بالمعلومات والعتاد غير القتالي.
13- إبلاغ عدد من الدول الغربية التي يحرص ميقاتي على العلاقة معها أن حكومته تقوم بتغطية الحركة الإيرانية لتثبيت نظام الأسد وتسهيل خطة طهران عبر هيمنة «حزب الله» على قراراتها.
وينتهي المصدر السياسي البارز في قراءة الظروف الإقليمية الدولية المحيطة بالاستقالة إلى الاستنتاج أن الرئيس ميقاتي التقط بعض جوانب التطورات هذه ووقت قراره على مسألة التمديد للواء ريفي لأنه حريص على مراعاة الموقفين الغربي والخليجي. أما «حزب الله» فكان أمام أن يمرر التمديد ويحيد عن قشرة موز التمديد له ويمرره، أو أن يتمسك بإمساكه بالقرار السياسي ويرسل إشارة بأنه مستعد لخوض المواجهة التي يخوضها إقليمياً، فاختار الاتجاه الثاني. وهذا ما يفسر قلقه وتوتره في الكلام الذي قاله النائب رعد الذي اعتبر أن من يستقوي بالخارج «ليس مؤهلاً لتسلم سلطة» قاصداً بذلك تيار «المستقبل». وذهب إلى حد القول أن من شكل فرق عمل لمحاصرة العمل الحكومي في الخارج «ليس مؤهلاً لدور الشريك المطلوب»، ليتمسك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة.
الدور السعودي
ويرى المصدر أن أهم نتائج ما حصل أيضاً أن الأزمة أعادت الدور السعودي إلى الساحة اللبنانية من الباب العريض بعد أكثر من سنتين من الانكفاء نتيجة القرار الإيراني السوري إسقاط تسوية «السين سين» بداية عام 2011، ولا يشك المصدر في أن الرياض ستلعب دوراً في تسمية رئيس الحكومة المكلف وفي رسم الملامح العامة لنوعية الحكومة التي ستشكل ولو لم تتدخل بالتفاصيل.
ويضيف: «حصل كل ذلك في ظل مفاوضات إيرانية أميركية سواء عبر دول 5+1 أم عبر قنوات أخرى، يستخدم فيها كل فريق أوراقه جميعاً، ما يقود إلى تجاذب وتوترات في ميادين النفوذ والصراع في انتظار اتضاح نتائج التفاوض. وهذا ما يجعل المرحلة المقبلة شديدة الحساسية والدقة: هل يجري العمل على تحييد لبنان عما يجري إقليمياً، وعن النزاع حول سورية أم أن «حزب الله» وإيران سيخوضان المواجهة في لبنان كما في سائر الميادين الإقليمية في ظل سعي النظام السوري إلى استخدام لبنان في صراعه من أجل البقاء.
ويعتقد المصدر السياسي البارز أن الخيار الأول يفتح الباب على تسوية إيرانية سعودية هذه المرة ولو بالواسطة وعن طريق القنوات الأميركية الإيرانية القائمة الآن، لا تبدو متوافرة، بعد أن تمسك «حزب الله» بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي ترمز إلى صعوبة الاتفاق مع فريق 14 آذار والوسطيين الذين يتمسكون بإعلان بعبدا أساساً لبرنامج الحكومة. وهذا لا يعني سوى أزمة سياسية مفتوحة قد تحول دون تشكيل حكومة جديدة لمرحلة مديدة غير معروفة النهاية