مقالات وآراء

الوطن البديل والاعتراف بيهودية (إسرائيل) خفايا الحرب والتهويل

دماء بريئة تراق وأرواح تزهق ،
وأجساد تمزق، واشلاء تتناثر هنا وهناك، وارهاب أعمى يستهدف الأخضر واليابسة يذهب ضحيته الأطفال والنساء والصغار والكبار، وثروات تنهب، وبنى تحتية تهدم، ومصانع تسرق، وبلاد حضارة تبدل الى خرائب، ومهد عيش سليم بين الاديان يتحول الى ساحة صراع دموي طائفي، وشعارات ملونة ورنانة ترفع بحلل دموية وبدافع عمالة بعيدة كل البعد عن الوطنية والديمقراطية والحرية، تهدف الى تحقيق رغبة السيد الكابوي والمحتل اللقيط على الأرض العربية.. هذا هو واقع الحرب في سوريا .
فقد أخذت الصورة تتضح يوماً بعد آخر أكثر فأكثر وأخذ العالم يقف على صدق مدعانا منذ اللحظة الأولى من أن لهذه الحرب الظالمة والحارقة والارهابية على شعب آمن ومسالم أنتخب حكومته بإرادته، دوافع وأهداف استعمارية – احتلالية خطيرة على دول وشعوب المنطقة برمتها وليس فقط على سوريا وشعبها، وما المطالبة بالحرية والديمقراطية إلا غطاء أعور أمتطته مجموعات أرهابية بعيدة كل البعد عن المطالبات الحقيقية والواقعية للشعب السوري وتتحرك بدوافع بترودولارعربي أرتهن ماضيه وحاضره ومستقبله بالعمالة والخيانة والنفاق والقتل والغدر وقمع التحركات السلمية لشعوبها .
فاعتراف وكالة المخابرات الأميركية السي آي أيه الأخير من أن “الرئيس السوري بشار الأسد سيحصل على 75% من أصوات الشعب السوري في حال ترشحه للانتخابات الرئاسية السورية، التي ستجرى في العام المقبل 2014 وسيستمر بذلك برئاسة سورية للعام 2020″ وأن” المجريات الميدانية والعسكرية على الأرض تعطي التفوق للنظام السوري، الذي يدعم قواعده الشعبية من خلال تفوقه الميداني، وهذا ما يُعتقد بأنه سيستمر للعام المقبل حتى وقت الانتخابات الرئاسية” كشف زيف ادعاءات الاعلام الغربي – العربي – الصهيوني المسموم طيلة أكثر من عامين حول أن هناك ثورة قائمة في سوريا تطالب بالديمقراطية والحرية ومن أن النظام القائم هو نظام قمعي مرتهن بقبضته الحديدية على رقاب شعب أعزل .
الكشف عن هذه الحقيقة جاء متزامناً مع تهديد الكيان الاسرائيلي لملك الاردن عبد الله الثاني وعلى لسان أحد كبار ضباطه في الأمن العسكري “ميخائيل فولفزون” خلال ندوة لقناة التلفزة الألمانية تم بثها مساء الاحد (12 مايو/ايار الجاري)، بالاطاحة به عبر حركة “الاخوان المسلمين” تحت يافطة “الثورات العربية”لو لم يخضع لمشروع “الوطن البديل” للفلسطينيين عبر تغيير منظومة الحكم في الاردن وإفساح المجال للغالبية الفلسطينية بتحويل الأردن الى ما أسماه “فلسطين الأولى” .
ودعا “فولفزون” الملك عبد الله الثاني الى “التعقل والتفكير بذلك قبل الاطاحة به خاصة وأن حركة الاخوان المسلمين”في الأردن أغلبيتها من أصول فلسطينية مرتبطة بـحماس، تعمل بدأب لخدمة مشروع “الوطن البديل”، وهي تنتظر سقوط النظام السوري للمضي في المشروع علنا، بالتنسيق مع قطر و الولايات المتحدة وإسرائيل”!.
وشدد هذا الضابط الصهيوني الذي يعبر عن حقيقة رغبة كيانه ومخططاته العدائية لدول المنطقة بالقول: “الأمر الأكثر عقلانية الذي يمكن لألمانيا والاتحاد الأوروبي والغرب، وعلى رأسه أميركا، القيام به هو القول للملك الأردني: عليك التحوّل إلى ما يشبه الرئيس في ألمانيا، أي شخصية بمنصب تمثيلي ذي صلاحيات محدودة إلى هذا القدر أو ذاك. اجعل بلدك ديمقراطيا ودع الفلسطينيين يصنعون من الأردن ما يجب أن يكون عليه فعلا ، (أي فلسطين)”.
هذا الأمر أخاف وأربك العديد من البلدان الاوروبية من احتمال قيام تل ابيب باجراءات صبيانية – عدوانية مرة اخرى على سوريا أو لبنان أو الاردن وتجر المنطقة وربما العالم برمته الى حرب عالمية ثالثة تكون البلدان الأوروبية أول ضحاياها مما دفع بالعديد من عواصمها مثل “برلين وروما وبروكسل” العودة الى فتح باب أتصال جديد تحت الطاولة مع دمشق ورفضها بقوة منطق “تسليح المعارضة”، فيما تفيد المعلومات بأن اللوائح التي سلمتها دمشق بعد تنسيق أمني قامت به مع الأجهزة اللبنانية والايرانية والروسية الى الأمم المتحدة حول «إرهابيين» و«متطرفين خطرين» ينتمون الى 28 دولة عربية وأجنبية، بدأت تثير قلقاً فعلياً لدى العواصم الأوروبية.
كما أن قبول واشنطن ببقاء الرئيس الاسد في السلطة حتى انتهاء ولايته الحالية، دفع بمصر وتونس ونصف دول مجلس التعاون على الأقل القيام باتصالات مباشرة مع القيادة السورية حيث تبادل الزيارات تحت جنح الظلام وبعيداً عن عيون الاعلام لعودة العلاقات على سابق أوانها لتبقى قطر والسعودية وتركيا حائرة في أمرها خاصة بعد التفجيرات التي شهدتها الأخيرة والتي زادت من طرح الاسئلة حول سرعة انتقال الحريق الارهابي الى دول الجوار وما يسعى اليه الكيان الصهيوني من وراء ذلك؟
وجاءت الخيانة القطرية الأخيرة وليست بأخيرة في تسلسل الخيانات التي قامت بها خاصة خلال العامين الاخيرين على الساحة العربية والاسلامية وأمتدت على طول الوطن العربي والاسلامي من العراق وحتى مصر ومن افغانستان وحتى ليبيا مروراً بلبنان وفلسطين التي تسعى الى شطب القضية الفلسطينية عبر مشروعها الخياني الذي قدمته مؤخراً الى الادارة الأميركية “تبادل الأراضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين” والأعتراف ب”يهودية الدولة الاسرائيلية” حيث سبقه زيارة أمير الخيانة “حمد” لغزة وتقديم المال والساعات التجسسية لقادة حماس راح ضحيتها كبار رجال المقاومة الفلسطينية وسيتبعها زيارة الأمير الغادر لتل ابيب في تشرين الثاني القادم ليقدم على طبق من ذهب فلسطين وقدسها الى المحتل الصهيوني كما قدمها في باديء الأمر مشرع الخيانة العربية في عصرنا الحاضر المللك السعودي “عبد العزيز”، لتضييع بذلك ما تبقى من حلم الفلسطينيين المنقوص بدولة على حدود الرابع من حزيران 1967م .
وجاء هذا المشروع الخياني العربي ليؤكد من أن الحرب في سوريا كان المراد منها “الوطن البديل” و”الاعتراف بيهودية الدولة” والذي هو في سياق التحقق مما دفع بالشيطان الأكبر “اميركا” الى عقد صفقة تحت طاولة الرقيب الروسي بضرورة حلحلة الأزمة السورية عبر جلوس جميع الأطراف السورية والأقليمية والدولية الى طاولة الحوار في “جنيف 2” مع بقاء الخطاب العلني عدائي ضد الرئيس الاسد ونظامه وتحول القرار البريطاني من تزويد “المعارضة” بالسلاح الى مولدات كهرباء فيما سحبت موسكو البساط من تحت زيارة “نتنياهو” لها معلنة أن صفقة منظومة صواريخ “أس 300” المتطورة والحساسة قد تم تسليمها من قبل لدمشق وعلى تل أبيب التفكير ببعد ذلك كيفية التصدي للأمر الواقع، كما أن ذلك كان رسالة مباشرة لواشنطن وحلفائها الغربيين من إن طائرات “الأطلسي” ستسقط فوق سوريا لو تقدمت.
والانتصارات التي يحققها الجيش السوري على الأرض من حلب حتى القصير ومن حمص حتى درعا زادت من نار التراجع الأميركي- الغربي- الاسرائيلي – العربي – الأقليمي الخياني والعمل بعجالة على لملمة الوضع المضطرب والمهزوز على ساحة “المعارضة المسلحة” ودفعها نحو قبول الجلوس على طاولة الحوار مع النظام السوري والذي ستعلن موافقتها خلال الايام القليلة القادمة ما دفع بواشنطن وموسكو تأخير عقد اجتماع “جنيف 2” وتغيير بوصلة الاصرار على إسقاط دمشق نحو التفاوض معها.
فالمطالبة المرجوة من كل ذلك الدمار الذي حل بالبلاد والعباد قد تحققت وكسب العدو الغاشم ماكان يصبو اليه وحللت فتاوى مفتي الناتو “القرضاوي” ضرورة الانصياع لرغبة راعي البقر الأميركي ووجوب شكره على العبث في بلاد المسلمين وتقطيع أوصال شعوبها بنيران أسلحته الفتاكة ودك قلاع المقاومة، حيث التفاوض الاميركي – الغربي – الاردني قائم على قدم وساق لبحث “الوطن البديل” خلف الأبواب المغلقة في عمان وواشنطن وبروكسل، وأخرى قائمة بين محور”الاعتدال العربي” واسياده في واشنطن وقطر وعواصم عربية اخرى لدفع الأنظمة العربية نحو الاعتراف ب”يهودية الدولة” وحدودها يعني “فلسطين” .

بواسطة
جميل ظاهري
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى