الرئيس الأسد : لم نتدخل في الانتخابات النيابية و لن نتدخل في تأليف الحكومة
رغم أن الإعلان الرسمي للاتصالات السعودية ـــــ السورية وتوزيع صور الاجتماعات في القصر الجمهوري السوري قد تركا تفسيرات مختلفة في بيروت، إلا أن الوارد عن نتائج زيارة نجل الملك السعودي عبد العزيز بن عبد الله ووزير
الإعلام عبد العزيز الخوجة إلى دمشق لا يشير إلى تفاهمات من النوع الذي يفتح الأبواب في بيروت. ونقلت المصادر عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله للموفد السعودي إن «سوريا لم تتدخل في الانتخابات النيابية ولا في موضوع تسمية رئيس الحكومة، وهي لن تتدخل في المفاوضات الخاصة بتأليف الحكومة، وهي ستدعم ما يتفق عليه اللبنانيون».
وحسب الوارد، فإن الجانب السعودي طرح الأمر من زاوية «ما يمكن أن تقوم به دمشق لمساعدة الإخوة اللبنانيين على تجاوز الأزمة السياسية، وما يسهّل انطلاقة الحكومة الجديدة وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع بيروت». لكن هذا العنوان عاد وحمل تحت سلسلة من المطالب التي تراها السعودية «من واجبات سوريا»، ومنها ما يتعلق «بدعم دمشق الجهود الآيلة إلى تأليف الحكومة سريعاً وضمان الاتصالات اللازمة (أي الضغط) مع قوى المعارضة لإقناعها بعدم وضع شروط تعجيزية (الثلث الضامن)، إضافة إلى المسائل التي تقع تحت عنوان ملف العلاقات اللبنانية ـــــ السورية» .
وبحسب المصادر المعنية، فإن دمشق كررت قولها: «إننا لا نملك النفوذ الكافي لإقناع أطراف المعارضة بهذا الطرح أو ذاك، وإن في المعارضة قوى صديقة يمكننا أن نتناقش معها في كل الأمور، لكننا لا نملك أن نفرض عليها رأينا، وهناك قوى أخرى أساسية مثل العماد ميشال عون لا نملك أي تأثير عليها» وذلك حسب جريدة الأخبار اللبنانية
وسارع السوريون إلى تقديم نصيحة إلى الوفد السعودي « حاولوا أنتم التواصل مع المعارضة في لبنان. ما نعرفه أنهم يريدون الثلث الضامن حتى لا تتكرر تجارب سابقة، ونحن لن نقف في وجه ما يقبلون به في نهاية الأمر، لكن من الأفضل أن تجتمعوا معهم وتناقشوا معهم الأمور أيضاً».
أما بشأن ملف العلاقات اللبنانية ـــــ السورية التي تشمل المؤسسات المشتركة من المجلس الأعلى والاتفاقيات إلى جانب ملف الحدود وترسيمها، فإن سوريا أبلغت الوفد السعودي «أنها مسائل تخصّ البلدين، وهناك أطر رسمية ودبلوماسية يمكن أن تناقش من خلالها، وليعرض اللبنانيون ما يريدون ونحن حاضرون، بما في ذلك إلغاء أو إعادة النظر في الاتفاقيات المعقودة بين الطرفين. أما بشأن ترسيم الحدود، فهذا أمر غير ممكن قبل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق المتنازع عليها».
إلا أن بعض المصادر أشارت إلى أن النقاش تطرّق، ربما للمرة الأولى، إلى مسألة العلاقة المباشرة بين دمشق والنائبين الحريري ووليد جنبلاط، ورسالة تحية إلى الأسد من الملك السعودي «الذي يرغب في زيارة دمشق في أقرب وقت». وقد ردّ المسؤولون السوريون مجددين الترحيب بالملك السعودي، لكنهم أحالوا ملف العلاقة مع القيادات اللبنانية المعارضة إلى إطار آخر. ونقل أن دمشق قالت إنها «رحّبت وترحّب بتكليف الحريري تأليف الحكومة، وهي لا تمانع في أي علاقة معه، وهي تريد العلاقات من خلال الأطر الرسمية»، في ما فهم أنه إشارة «مترددة إزاء جنبلاط أولاً، ولأجل وضع إطار رسمي للعلاقة مع الحريري، وخصوصاً أن في سوريا من يشير إلى تجارب سابقة ليست إيجابية، وأن دمشق غير مستعدة لتكرار الأمر».
وفي أول تواصل سعودي ـــــ سوري رسمي معلَن بعد الانتخابات النيابية اللبنانية، استقبل الرئيس بشار الأسد، الأحد، الأمير عبد العزيز بن عبد الله، مبعوث الملك السعودي، يرافقه وزير الإعلام والثقافة عبد العزيز الخوجة. ودار الحديث في اللقاء، الذي حضره وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حول «الأوضاع العربية الراهنة، وخاصة التطورات على الساحة اللبنانية».
وتأتي هذه الزيارة عقب تكليف النائب سعد الحريري بتأليف الحكومة اللبنانية، وبعد عقد قمة سعودية ـــــ مصرية في الرياض تناولت الأوضاع العربية.
ويمكن اعتبار هذه الزيارة إشارة إلى «استمرار التشاور والتداول بين دمشق والرياض، بما يساعد على تحصين الوضع الداخلي اللبناني وضمان الهدوء على الساحة اللبنانية». ولم تستبعد مصادر مطلعة «أن تكون هذه الزيارة تمهيداً لاتصالات لاحقة بين دمشق وبيروت يكون للحريري مكان فيها»، وذلك إذا أخذنا في الاعتبار ما سبق أن صرّح به وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن سوريا ليس لديها موقف من الحكومة اللبنانية الجديدة، وأنها ستنظر إلى أدائها «في ضوء ما تقرره بشأن علاقاتها مع سوريا»، وأمله أن «تحقق الحكومة الوفاق الوطني في لبنان، لأن هذا الوفاق يؤدي إلى الاستقرار وإلى مستقبل أفضل».