وجزيل الشكر لفاروق القدومي على ما فعل.. بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم
تعتبر الغالبية من الفلسطينيينن أن السيد فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية إنما هو رجل نزيه وسياسي مخضرم وأقرب إلى الاعتدال وله قدرة على الاقناع ولم يتورط بالفساد.
ويحظى بإحترام الخصوم والاصدقاء في كافة المنظمات الفلسطينية بدون أستثناء وحظي بثقة ومحبة وتقدير الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى أن استشهد نيجة عملية أغتيالشارك فيها جورج بوش وشارون و ومحمود عباس ودحلان وموفاز .
وعلى ما يبدوا فإن هناك تنسيق تام بين بعض رموز سلطة محمود عباس وإسرائيل وإدارة جورج بوش من أجل التخلص من القدومي وغيره من الرفاق المخلصين للرئيس الشهيد عرفات , إلا أن الرئيس محمود عباس ورموز سلطته وأجهزته الأمنية لم يجرؤوا على الصدام مع القدومي حتى بعد استشهاد الرئيس ياسر عرفات.
وفاروق القدومي الذي كشف عن وثائق بغاية الأهمية, وحاول تبرير تأخره في نشرها قد تكون مقنعة له وللبعض وغير مقنعة للآخرين .إلا أنه بأداء الامانة التي أمنه عليها عرفات لم يشرك ولم يجحد بأنعم الله عليه,إنما على مايبدوا أراد بعد أن طال به العمر أن يرضي الله ويريح ضميره من تبعاتها وهو حي يرزق. وتأخر الرجل بأداء الامانة وإن كان خطأ لكونه بأدائه لها تراجع منه عن هذا الخطأ. والهجوم والتهجم عليه بسبب أمانة أداها لأنه مؤتمن عليها دليل على أن ماصدر عنه صحيح. ولو كان المتهمون شرفاء وأبرياء لسارعوا لتشكيل لجنة تحقيق فلسطينية, أو طالبوا بتشكيل محكمة عربية أو دولية تحقق في الموضوع وتكشف ملابساته وتستجلي غموضه. وعندها كانت الجماهير العربية والاسلامية ستشكك بإتهام القدومي وحتى بالوثائق التي عرضها .أما أنهم آثروا النيل من القدومي وتكذيبه فهو دليل على أنهم مشاركون أو متورطون في الجريمة.
فلربما خاف السيد القدومي على حياته من سطوة مجرمين كجورج بوش وشارون إن نشر هذه التقرير في حينه. أو ربما أنه وجد الظروف غير مناسبة ولن يتحقق الهدف المنشود. ولربما تجنب القدومي أن لايغامر في حياته ومستقبله بمنظمة التحرير وحركة فتح فقرر أن ينحني للعاصفة ريثما تستقر وتهدأ العواطف والأمور .
ولكن على مايبدوا وجد القدومي أن الاوضاع العالمية في هذا الظرف مناسبة فقرر نشر التقرير لعدة أسباب:
1. فإدارة الرئيس أوباما وجدت أن إطلاق الحرية ليديها في كثير من الأمور إنما يكون بهز وجلد طوابير العملاء وأنظمة الفساد وكل من ورط بلادها بجرها لغزو العراق بقوة وعنف, لكي لايكون لهم من دور سوى الرضوخ لأوامرها بدون قيد أوشرط.ومن يعاند فحسابه عسير وغسيله سينشر. ولذلك نرى زيارات متكررة لوزير الدفاع وموظفي وزراته ووزارة الخارجية إلى العراق وأربيل ورام الله وبيروت وتل أبيب. لتوضيح الأمور وإفهام عملائهم وحلفائهم بأن عليهم أن ينتظموا بالدوران بفلك واشنطن بإنتظام فهي صاحبة القرار. والتعنت والجعجعة والثرثرة وإضاعة الوقت لم يعد بمفيد.
2. ونشر تقرير ميدل إيست مونيتور الذي فضح تورط سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية، في الحرب على المقاومة في الضفة المحتلة، برعاية أمريكية وإشراف أوروبي ودعم إسرائيلي وبتوجيه من رئيس اللجنة الرباعية توني بلير وذلك مقابل أموال تجنيها سلطة رام الله من حلفاء واشنطن. ماكان له أن ينشر أو أن يرى النور لولا النهج الجديد الذي تنتهجه إدارة الرئيس باراك أوباما في كثير من الأمور.
3. ونشر بعض الصحف العربية نص رسائل أرسلها محمد دحلان إلى قادة العدو الصهيوني تكشف تورطه مع إسرائيل والادارة الأمريكية ماكان لها أن تنشر أصلاً لولا وجود ضوء أخضر أمريكي.
4. وسلسلة الفضائح لبعض قيادي حركة فتح ماكان لها أن تظهر للعلن وتباعاً لولا وجود قرار أمريكي وإسرائيلي بتهميش وتفتيت حركة فتح بعد جهود دايتون وعباس والتيار المتصهين في الحركة لتحويلها إلى أداة بيد الصهاينة والأمريكيين وحلفائهم الأوروبيين، لتخريب البيت الداخلي الفلسطيني، وإرباك جبهته الداخلية ، وتكريس الانقسام بين صفوفه،وجره إلى صراع دامي بهدف إجهاض قوى المقاومة الفلسطينية، والتغطية على الممارسات الصهيونية العدوانية والعنصرية.
5. وأفتضاح أمر سلطة محمود عباس بأنها لاتملك من أمرها شيئا سوى مطاردة واعتقال وإرهاب وتعذيب وتجويع وإفقار الفلسطينين في الضفة كي تجبرهم على الرضوخ والاستسلام لمشيئة العدو الصهيوني والادارة الأمريكية .أما صاحب الأمر والنهي والقرار في سلطة محمود عباس فإنما هو الجنرال الأمريكي كيث دايتون و الذي بات يتدخل بكل شيء بذريعة خلق فلسطيني جديد مستعد لأن يبيع كل شيء لديه بما فيه شعبه ووطنه ودينه وضميره وشرفه لتحقيق مصالحه الشخصية.وبناء أجهزة امنية وهياكل سلطة من هذه الطوابير التي أشرف على تدريبها وإعدادها وتأهيلها دايتون
6. وأفتضاح دور سلطة محمود عباس ودحلان في التواطوء مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة . وكذلك تواطوء عباس ودحلان مع إدارة جورج بوش وإسرائيل والنظام المصري في إحكام إغلاق المعابر وعدم إعادة بناء ماتهدم أو حتى تقديم المعونات لسكان القطاع بهدف تجويع سكان القطاع وإجبارهم إما على النزوح من القطاع والتشرد أو إجبارهم على الاستسلام لمشيئة الأعداء.
7. وتصفية كمال مدحت والتواطوء مع إسرائيل بمداهمة القرى والمساكن في الضفة بهدف تصفية وأعتقال كل من يصر على نهج المقاومة دليل على أن المرحلة القادمة ستشهد كثير من التصفيات الجسدية لكل من بقي أمينا على نهج ياسر عرفات أو نهج المقاومة وقد يطال حتى فاروق القدومي.
8. والجنرال كيث دايتون الذي مزق الضفة باكثر من 700 حاجز يلخص ما يقوم فيه بصريح العبارة ويقول:أنني ألتقي في يوم واحد وزير الداخلية أو قائد قوات الأمن في السلطة الفلسطينية صباحاً، ثم ألتقي بالمدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية بعد ظهر اليوم نفسه.
ولقد ركزت على تحويل قوات الأمن الوطني الفلسطينية إلى جندرما فلسطينية، مهمتها السيطرة على تظاهرات الشغب، وكيفية التعامل مع الاضطرابات والقلاقل المدنية.
ونحن لا نقدم شيئاً للفلسطينيين ما لم يتم التنسيق بشأنه مع دولة إسرائيل وبموافقة إسرائيلية. وما فعلناه هو بناء رجال جدد. تتراوح أعمارهم بين 20 و22 عاماً، وهؤلاء الشباب وضباطهم جعلتهم يعتقدون أن مهمتهم بناء دولة فلسطينية وحتى أ ن ضابط فلسطيني كبير تحدث إلى الخريجين في الأردن في شهر إبريل 2009. فقال: لم تأتوا إلى هنا لتتعلموا كيف تقاتلون إسرائيل، بل جئتم إلى هنا لتتعلموا كيف تحفظون النظام وتطبقون القانون من أجل العيش بأمن وسلام مع إسرائيل. وفي السنة ونصف الماضيةانخرط الفلسطينيون في الهجوم الأمني عبر الضفة الغربية، وبالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، لقد أثاروا اهتمام المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية، بقراراتهم وانضباطهم ودوافعهم والنتائج التي حقوقها وحين قمت بجولة على الخليل حيث تعمل الفرقة الثانية الخاصة لقوات الأمن الوطني الفلسطيني في المنطقة a وأيضاً في المنطقة b التي تتبع السيطرة الإسرائيلية حسب اتفاق أوسلو. ولما تساءلت لماذا هم في المنطقةb ؟ كان جواب القائد العسكري الإسرائيلي في المنطقة: أنا بحاجة إلى مساعدتهم وأنا أثق بهؤلاء الشباب، لم يعودوا يكذبون علي كالسابق.
ولم تعد هناك صدامات، سواء بين القوات الفلسطينية والجيش الإسرائيلي أو بين القوات الفلسطينية والمستوطنين الذين يعيشون في المنطقة. هذا أمر رائع، وأعتقد أننا سعداء بذلك.
وفي لقاءاتي مع القادة الفلسطينيين،تبين لي أن هناك ثقة عميقة في قدراتهم للتعاون مع الجيش الإسرائيلي في المنطقة.وكم دهشت حين أشار قائد المنطقة في بيت لحم بفخر أنه هو والقائد الإسرائيلي يعملان معا.ولم يتحقق الخوف الإسرائيلي من انفجار الوضع أثناء الهجوم على غزة، فقد كان القائد الفلسطيني وبطريقة نموذجية يبلغ القائد الإسرائيلي في المنطقة بقوله "لدينا تظاهرة ضد الغزو الإسرائيلي على غزة، متجهة من نقطة كذا إلى نقطة كذا، وهي قريبة من نقطة تفتيش لكم هنا في بيت إيل. نأمل أن تغادروا المنطقة لمدة ساعتين من أجل أن نتعامل معها، وعندها يمكنكم أن تعودوا وهذا ما فعلوه معاً، يا للروعة!والسلام عبر الأمن الإسرائيلي لم يعد حلماً مستحيلاً.
حتى أن السيدة سها عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل تعرضت لضغوط شديدة وحتى تهديدات من قبل محمود عباس وعملاء إسرائيل والموساد نقلها لها نمر حماد. مما دفعها لتنفي التصريحات التي سبق لها أن أدلت بها لصحيفة جمهوريت التركية، وقالت فيها إن الرئيس عرفات سبق له أن أطلعها على محضر الاجتماع الذي كشف عنه فاروق القدومي واشتكى لها من أنه غير أمين على حياته من محمود عباس ومحمد دحلان. حتى أن كل من محمود عباس ودحلان اللذان هما على علاقة وطيدة مع بيار رزق رجل الأعمال اللبناني ومستشار سها عرفات للشؤون المالية، وهو وراء كل القرارات التي تتخذها في هذا الشأن. وقالت الصحيفة إن الصلة بين سها عرفات ورزق الذي يحظى بثقة إسرائيل أبعد من ذلك، فهو من أقرب الأشخاص إليها. وبيار رزق أمضى بعضاً من الوقت في إسرائيل، وتمكن من خلال منصبه القيادي في حزب الكتائب من إقامة صلات مع عدد من أجهزة المخابرات الدولية، مما دفع بالسلطات اللبنانية عام 1997 إلى إصدار حكم بالإعدام بحقه بعد إدانته بالتعامل مع اسرائيل، وأنه منذ مغادرته لبنان مطلع التسعينيات يعيش في باريس،وفجأة صار رجل أعمال كبير وأجرى عددا من الصفقات مع سلطة عباس وبعض الحكومات وحصد من خلالها مئات الملايين.
وحتى أن الدكتور اشرف الكردي طبيب أبو عمار الخاص أعلن بكل وضوح وصراحة أن القيادة الفلسطينية عارضت تشريح جثة أبو عمار واخفت التقارير الطبية. ويتساءل من ياترى يقف وراء تمييع التحقيق ومنعه؟ والدكتور الكردي أبدى استغرابه واستهجانه لعدم إبلاغه بمرض أبو عمار وهو الذي كان يستدعى على الفور من قبل مكتب أبو عمار.حتى أنه قال: ما زلت متعجبا من عدم إبلاغي بمرض الرئيس الفلسطيني إلا في الأسبوع الثالث، وهو ما لم يحدث من قبل قط. كما أنني مندهش لأن أحدا لم يسألني بعد سفره عن حالته الصحية، وأنا طبيبه الذي لازمته خلال 25 عاما. ولم أجد تفسيرا مقنعا لاستبعادي من الفريق المعالج له.
وفي اللقاء التلفزيوني لمحمد دحلان على قناة فلسطين الفضائية قال دحلان وهو يبتسم و غير مهتم بان ما ألقاه ابو اللطف ليس سوى قنبلة صوتية فارغة. وراح يتبجح قائلا:أنا كنت ملازما لأبي عمار طيلة أربعة عشر عاماً ، وكنت كابنه ,لا بل من أقرب الناس اليه, ولازمته طيلة أربعة عشر عاماً و أعرف كيف كان يُفكر , وقد وكان يستشيرني في أمور حساسة جداً. و ربما نسي محمد دحلان أننا مازلنا نتذكر المظاهرات التي خرجت في غزة ضد القائد الشهيد ياسر عرفات بتحريض من الأجهزة الأمنية التي كان يرأسها دحلان، وبذره بذور الشقاق بين عرفات ورفاق دربه. وحتى الهتافات التي طالبت آنذاك بالإصلاح، أو التي صدح بها البعض بأن أبو عمار عجوز قد خرف إنما كانت من إنتاج محمد دحلان واجهزته الأمنية.ونسأل السيد محمد دحلان لماذا كان الرئيس جورج بوش يقول لزواره: أنا أحب هذا الولد الشاب الحليوة محمد دحلان.وما سر حب وهيام بوش بدحلان وعباس وسعد الحريري وجعجع و السنيورة والجلبي والمالكي وعلاوي والبارزاني والألوسي؟
أدان محمد دحلان نفسه وأدان معه محمود عباس وأثبت صحة أبو اللطف في تصريحاته لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 25/07/2009حين قال السيد دحلان: المؤتمر السادس لحركة فتح سيشكل انطلاقة جديدة للحركة وسيعيد الاعتبار للعمل السياسي الفلسطيني بطريقة ليس فيها تحريض، فيها محافظة على الثوابت، وفيها في نفس الوقت برنامج سياسي يتلاءم مع الحراك الدولي… المطلوب منا أن نأتي ببرنامج سياسي منطقي وواقعي ومتماسك ويحافظ على الثوابت ويتمسك بها. وأن يكون هذا البرنامج مقبولا دوليا حتى نكون جزءا من المعادلة الدولية. وهو بهذا التصريح عبر عما في نفسه من أنه يريد لحركة فتح أن تطلق بالثلاثة النضال والكفاح ضد العدو الصهيوني, وأن ترتضي لنفسها ان تكون تيارا لليبراليين الجدد المتصهينيين على شاكلة تيار المستقبل وباقي التيارات الملونة.بحيث تكون حركة فتح منزوعة المخالب والأنياب والأظافر تقر بحق إسرائيل في أغتصابها لفلسطين وتساهم في بناء شرق أوسط جديد يلبي تطلعات ومصالح إسرائيل والادارة الأمريكية وقوى الاستعمار وتكون تابعا للادارة الأمريكية وإسرائيل في حربهما على العروبة والاسلام بذريعة محاربة الارهاب.
كلام دحلان لايحتاج إلى توضيح فهو يريد عقد مؤتمر فتح في ظل الاحتلال كي لايتجرأ بطرح شعار مقاومة الاحتلال.و وإنما لتهيئة الظروف والأجواء لالقاء ماتبقى من الميثاق الفلسطيني بسلة القمامة. وصياغة برنامج بديل يقر بالاحتلال والأغتصاب والتوطين ويلبي مطامح ومصالح ورغبات العدو الصهيوني. وبناء سلطة ليس لها من مستقبل سوى أن تكون سجن ومخفر شرطة أو درك فقط تتحكم برقاب الفلسطينيين, وليس له من ملكية أو سيطرة على الأرض,ولاتملك أي حق سوى في تحويل الضفة والقطاع إلى سجن كبير, ومزرعة لأبناء عباس ومحمد دحلان. ويكون رئيس السلطة الفلسطينية ليس أكثر من رئيس مخفر شرطة ومختار بدرجة رئيس سلطة.ولهذا السبب أمرت إسرائيل عباس بعقد المؤتمر في الضفة لكي يكون له اليد الطولى في فرض ماتريد.