مأزق فريق 14 آذار في تشكيله للحكومة اللبنانية بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
وكأن فريق 14 آذار بات لا قوة ولا حيلة لزعمائه سوى تدبيج الخطب وإطلاق التصريحات وكيل الاتهامات. وربما كان خطأ فادح وغير محسوب من زعماء هذا الفريق حين لم يقرئوا مجرى الحوادث و نتائج الانتخابات
التي أثبتت أن حجم المال الذي صرفوه في هذه الانتخابات لم يحقق الحد الأدنى المطلوب,وكذلك لم يستوعبوا الكثير من المتغيرات وما نجم عنها من تجسيد لواقع جديد على الأرض. وحين يتابع المرء ما صدر ويصدر عن زعماء هذا الفريق وبعض أتباعهم يشعر بأن منطقهم وموقعهم السياسي والوطني يعاني الوهن والهزال.
لم ينسى أحد بعد كيف صدعوا الرؤوس بمهاجمتهم لمنطق الوصاية,فإذا برئيس الحكومة المكلف من المجلس النيابي اللبناني لتشكيل حكومة لبنانية عاجز عن تشكيل هذه الحكومة رغم مرور شهرين, وأنه وبعض حلفائه يتسولون الوصاية من جهات عربية وخارجية علها تساعد وتسهل المهمة في تشكيل حكومته العتيدة. ومازال يقبع في قريطم أو يطير إلى عواصم أخرى ليأخذ منهم الضوء الأخضر , ويبرر عجزه وتقصيره وعدم امتلاكه للقرار بصب جام غضبه على إيران والعماد ميشال عون وقوى المعارضة ووليد جنبلاط.
والحق يقال أن سبب عجز الشيخ سعد الحريري عن تشكيل حكومته لا علاقة له بتاتاً بموضوع توزير الصهر السيد الوزير جبران باسيل ولا الموقف الجديد الذي أتخذه السيد وليد جنبلاط وأعتبره البعض بمثابة إنقلاب. وربما تعطيل تشكيل الحكومة له أسبابه ومبرراته والتي نجهلها ويعرفها زعماء فريق 14 آذار . وهذا ليس تجني وإنما هي الحقيقة التي تجسدها تصريحات زعماء هذا الفريق المتضاربة والمتخبطة. ومنها على سبيل المثال:
• فالرئيس أمين الجميل الذي يتهم المعارضة والتي هي الطرف الخاسر بظنه أنها تحاول إملاء إرادتها وينسى بأن فريقه لم يعد يمثل الأكثرية بعد الموقف الجديد للسيد وليد جنبلاط , وحكومة الوحدة الوطنية التي يسعى الجميع لتشكيلها تعطي المعارضة عدداً يزيد عن الثلث المعطل الذي تطالب فيه. فالتعطيل مرده كما قال الرئيس الجميل:أن ما نشهده من عقد داخلية قد يكون مرتبطا بأمور أبعد.
• ويتهم بعض فريق 14آذار سوريا بتدخلها لتعطيل تشكيل الحكومة, وهذا الاتهام يكذبه الرئيس أمين الجميل حين قال: نتمنى كل الخير لدمشق رغم أننا لا نرى السفير السوري وهو بعداد المفقودين.
• ويتهم فريق 14 آذار ومنهم النائب محمد قباني العماد عون بالعرقلة بسبب طلباته التعجيزبة وإصراره على توزير صهره باسيل,ويتجاهل قباني أن هناك من وزر أو سيوزر أبنه أو عمته أو أبن عمته أو زوجة أو أبنة صديقه أو قريبه العزيز. ويأتي تصريح الرئيس أمين الجميل ليكذب الجميع حيث يقول: المراجع اللبنانية تتحمل مسؤولية جعل الخارج يتدخل في الشأن اللبناني أكثر مما يطلبه ربما وأنه يستخدم الفرقاء اللبنانيين أدوات لتحقيق مصالحه. ثم يتابع الجميل قوله فيقول: هناك فضيحة البعض ربط تأليف الحكومة بنتائج زيارة الرئيس السوري لطهران وقبلها ربط البعض الآخر تأليف الحكومة بزيارة الملك السعودي لدمشق ولذلك لا أقول إن هناك طرفا واحداً هو المسؤول عن التعثر بل لا أحد معصوم عن الخطأ ولجميع مشتركون في تبعة ما يجري. وهذا الكلام يدحض التهمة عن العماد عون وتياره,ويكذب كل من يلقي التهمة من فريق 14 آذار على أطراف في المعارضة.
• ويتهم البعض من تيار المستقبل وفريق 14 آذار العماد عون باستخدام مستوى متدنٍ في خطاب وفرضه لشروط تعجيزية والكل بات يعرف أن من أبتكر الخطاب الرديء والمتدن إنما هم زعماء ومنظري فريق الأكثرية,وأنطوان زهرا بتصريحه الذي قال فيه: القوات اللبنانية لم تتمسك بالحصول على حقيبة الأشغال الوزارية ولم تتخلى عن المطالبة بها.وهذا الكلام تعجيزي وفيه الكثير من الإبهام.
• والشيخ سعد الحريري يعرف بأن في فريقه من يريد ويسعى لتفجير الوضع الأمني إلا أن جهوده ومساعيه تذهب أدراج الرياح لسبب وحيد هو رفض فريق المعارضة لأي عمل يخل بصيغة التعايش بين الطوائف أو يهدد حالة السلم الأهلي والوضع الأمني أو يعكر صفو الاستقرار الداخلي.
• والنائب أميل رحمة ينقل قولاً لأمين عام جامعة الدول العربية يقول فيه:أن معادلة س س م (سورية ,السعودية,مصر) مفيدة جدا للبنان وتساعده على تذليل غالبية الصعوبات التي يمكن أن تعترضه, فلبنان يبقى في حاجة إلى الأشقاء العرب. وهذا الكلام لا يسر بعض زعماء فريق 14 آذار ممن كان أو مازال لهم علاقات سرية مع إسرائيل وأيدوا إقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد,أو ممن وجدوا أصلا أو نموا وترعرعوا وازدهروا وأرتفع صوتهم في أجواء الخلافات والصراعات العربية فقط.
• وآخر يحمل المسؤولية في تعثر تشكيل الحكومة للسيد وليد بموقفه الجديد ويتناسى أن السيد وليد جنبلاط كان الخاسر الوحيد في هذا الفريق حين قزم دوره من زعيم وطني كبيرا على المستويين العالمي والعربي إلى تابعٍ لصبية صغار وغلمان ورثوا المجد والمال والجاه بدون أن يعرق لهم جبين.
• ويدعي فريق 14 آذار أنهم يدعمون الرئيس العماد ميشال سليمان ويسعون لتعزيز استقلال لبنان, وهم سمعوا حين زاروا واشنطن أو استقبلوا موفديها ما قاله مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية دايفيد ساتر فيلد: الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى لينان بصفته دولة مستقلة بحاجة لأن تديره دولة إقليمية بموافقة أميركية. ورغم أن كل منهم يخفي تأنيب ديك تشيني أو مساعديه له فإن جون هانا المساعد الأول لديك تشيني صرح لوسائط الإعلام بأن تشيني طلب ملف قائد الجيش العماد ميشال سليمان,وبعد اطلاعه عليه قال: كيف رضي به أركان ثورة الأرز رئيسا للبنان وهو على علاقة جيدة ومزمنة بسوريا؟ لن أوافق على أن يكون ميشال سليمان رئيسا للبنان ولو على جثتي.
تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة سببه عدم امتلاك فريق 14 آذار لقراره,ووجود ارتباطات لبعض أطرافه بدوائر خارجية. وأن هذا الفريق لم يكن جادا ولا صادقا في أي من شعاراته. فكيف يستقيم من يطرح شعار لبنان أولاً وقراره مرهون لدول عربية ودولية.والحفاظ على الاستقلال و القضاء على نظام الوصاية التي يتبجح بهما زعماء ومنظروا فريق 14 آذار دحضهما الفريق بنفسه حين بات القرار في كل أمر لبناني يَصْدر أو يسلم بالظرف المختوم من السفيرة سيسون أو من سفراء دول أوروبية أو سفراء وموفدون لدول عربية وإسلامية حليفة للولايات المتحدة الأمريكية ,أو ترتبط مع إسرائيل بمعاهدات سلام. حتى أن إسرائيل باتت تتدخل بشكل سافر في الشأن اللبناني بظل فريق 14 آذار حين راحت تهدد بشن حرب على لبنان إن شارك في الحكومة اللبنانية وزراء من حزب الله. وإزاء هذا التدخل السافر من إسرائيل كان على الرئيس المكلف الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية لا الصمت المتعمد الذي يتبعه بعض زعماء وأطراف فريق 14آذار.