حذاء منتظر الزيدي وهجمات نيويورك بقلم د. صلاح عودة الله
من منا لا يعرف ظلم الاحتلال والاستعمار..ومقاومة الاحتلال أمر شرعته الأديان ومن بعدها الشرائع الدولية, والمقاومة أنواع كثيرة ومتعددة..من منا لا يعرف وقع السيف على الجسد, ولكن بعض الكلمات لها وقع أعظم وأشد.
"هذه قبلة الوداع يا كلب"..كلمات خمس اخترقت دماغ بوش وقام التاريخ بتسجيلها, ودخلت في عالم ثقافة الأحذية..انها كلمات الصحفي العراقي البطل منتظر الزيدي والتي قالها وهو يقذف بفردتي حذائه وجه مجرم الحرب العالمي جورج بوش الصغير, أمام كاميرات وسائل الاعلام العالمية خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الرابع عشر من شهر ديسمبرمن العام المنصرم.
نعم, ان حذاء منتظر الزيدي دخل التاريخ من أوسع أبوابه وهذا يذكرنا بالزعيم السوفييتي الأسبق نكيتا خورتشوف عندما طرق بحذائه طاولة مجلس الأمن الدولي ابان العدوان الثلاثي على مصر, وقام بتركه على الطاولة، وقال"باستطاعتي أن أغير مجرى التاريخ"..وفي حادثة مشابهة خلع خورتشوف حذاءه في اجتماع الأمم المتحدة ابان أزمة خليج الخنازير الكوبية في مطلع ستينيات القرن المنصرم وجعل يضرب به على المنصة في تحد صارخ لجميع الحاضرين..وفي اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 أجاب خورتشوف على سؤال لأحد الصحافيين عن رأيه عن الفرق بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جون كينيدي وريتشارد نيكسون"انهما متشابهان مثل فردتي حذاء"..ان حذاء خورتشوف قد يمحوه التاريخ, وأما حذاء الزيدي فهو أشهر ألف مرة ومرة ولن تستطيع موسوعة جينيس العالمية أن تتجاهلها من التوثيق, فهي حادثة ليس بمقدور التاريخ أن يقوم بمحوها.
قبل أربعة أيام مرت الذكرى الثامنة على أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما تم تدمير برج التجارة العالمي في نيويورك, وعلى قادة وجنرالات أمريكا أن يفهموا أن ضربة الحذاء في بغداد تشبه تماماً ضربة هذا البرج، وهي المرة الثانية التي تتعرض فيها الولايات المتحدة لإهانة بالغة لن تمحوها كل الأساطيل الحربية والأمنية التي سخرت لحماية أمريكا ورموزها العظمى التي لم تفلت من الضرب حتى بالجزم بدء من أبراج منهاتن ومروراً بفخامة الرئيس الإمبراطور وانتهاء بعلم بلاده الذي طالته الفردة الثانية من حذاء الزيدي.
ان ضربة بغداد هذه لن يستطيع أن يقوم بمحوها الاحتلال الأمريكي الغاشم للعراق ولا ألف احتلال ، ولن يستطيع أن يمحوها من خلف بوش في البيت الأبيض سود الله وجهه..انه أوباما صاحب البشرة السوداء والذي زاد سواد هذا البيت..وفي سياق ضربة بغداد التاريخية نذكر أوباما وحاشيته وكذلك شعبه أن يقوموا بتعلم الدرس والأخذ بالعبر, وأن يفهموا جيدا بأن العرب والمسلمين كانوا على موعد مع التاريخ حين سجل بأنهم أول من أذل الأمريكيين في عقر دارهم في سبتمبر 2001 وأول من لطم رئيس أقوى دولة في العالم بأحذيتهم. ان هذه الضربة طالت الإرادة الأمريكية الشعبية التي نصبت بوش مرتين على رأس الهرم السياسي الرمز الأعظم للاتحاد الأمريكي، وعلى الشعب الأمريكي أن يدرك أنه سيدفع الثمن، بالأحذية، هو ورئيسه لقاء ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعوب والأمم ولقاء غطرستهم واستهتارهم بحياة البشر.
ان هذه الضربة كانت بمثابة فضيحة مدويةً ضد ما يسمى بالاتفاقية الأمنية في العراق..والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي قيمة اتفاقية لم تستطع أن تحمي بوش من فردة نعل تصفع وجهه؟, وأما أولئك الذين وقعوا عليها وقدموا لها التبريرات الشرعية المزيفة لتمريرها فكثير عليهم أن يحظوا حتى بشرف إحدى فردات نعل الزيدي. ان ضربة بغداد ستسجل في التاريخ أن الأحذية العربية التي خلعت من الأقدام لتقاتل أضحت أثمن من السيوف التي تسلمها بوش أثناء ارتكاب الصهاينة لمجزرتهم الأخيرة بحق أبناء شعبنا في غزة وبضوء أخضر منه, هذه السيوف, سيوف الفتوحات الاسلامية التي تراقص بها شامتاً وساخراً من أصحابها السخيين بعض زعماء دول الخليج..انه تأتي أيضا ردا على كل المنادين بالتخلي عن المقاومة المسلحة ضد الاحتلال لصالح المقاومة السلمية والقبول بالمفاوضات العبثية في العراق وفلسطين.
اليوم خرج أسير الحرية الى"الحرية"..خرج من سجنه رافعا رأسه ورأس أحرار الشعب العراقي المقاوم للاحتلال ورؤوس كل الشعوب العربية والعالمية الحرة..لقد تعرض لكافة أنواع التعذيب, والتهمة قذف وجه مؤسس الارهاب العالمي بوش بحذائه..ما أصعب أن تصبح الضحية جلادا والجلاد هو الضحية.
اليوم قام الشرفاء الأحرار باستقبال بطلهم الذي قال:" ان الذي حرضني على ما قمت به هو الظلم الذي وقع على شعبي من الاحتلال الذي أراد أن يذل وطني، صور الاحتلال وما فعله كانت تلاحقني قبل أن أقوم بما قمت به, فأردت من رمي الحذاء على بوش التعبيرعن رفضي للاحتلال ونهبه لخيرات بلادي، بوش أراد توديعنا باستغفال التاريخ..وهذا ما لم أرضه فقمت بما قمت".."في الوقت الذي كان فيه المالكي يقول لكم انه اطمأن علي ووفر لي الفراش والغذاء, كانوا يعذبوني أشد أنواع العذاب"..وهنا تحضرني أبيات لشاعر المقاومة الفلسطينية الراحل محمود درويش استلهمها, وهو القائل:"عن إنسان..وضعوا على فمه السلاسل..ربطوا يديه بصخرة الموتى، وقالوا: أنت قاتل..أخذوا طعامه، والملابس، والبيارق..ورموه في زنزانة الموتى، وقالوا:أنت سارق..طردوه من كل المرافئ..أخذوا حبيبته الصغيرة،ثم قالوا: أنت لاجئ..يا دامي العينين، والكفين إن الليل زائل..لا غرفة التوقيف باقيةٌ ولا زرد السلاسل, نيرون مات، ولم تمت روما بعينيها تقاتل..وحبوب سنبلةٍ تموت..ستملأ الوادي سنابل..!"..وجدت في هذه ألابيات عزاء كبيرا ويقينا يطمئنني على مستقبل العراق وشعبه رغم القتل والدمار والحروب التي طالت الشجر والحجر والانسان والتاريخ في ذلك البلد الموغل في العراقة، مهد الحضارة الانسانية الذي علم البشرية الكتابة والقراءة واخترع الأبجدية والعجلة..نعم اخترع الأبجدية والعجلة، الاختراعين الأهم والأعظم في تاريخ البشرية..لذلك نقول ستنتصر بغداد وستتطهر بماء دجلة وتغسل أقدامها التي لوثها أعدائها الذين لن يطولوا قامتها لأنهم مغول العصر العابرون اما هي فباقية ما بقي الزمان تحرس أمجاد بني العباس وشرائع حمورابي وأبجدية مسمارية عمرها سبعة آلاف عام ..رغماعن "بوش" ومحافظيه الجدد الذين يجهلون التاريخ وهم معذورون، فهم لا تاريخ لهم.وللزيدي أقول, لا تتفاجأ يوما ما بأن يقوم نعلك بمعاتبتك عملا بالقول"زعماء اذا ضرب الحذاء بوجههم**صرخ الحذاء بأي ذنب أضرب.
نعم يا منتظر, أنت اليوم حر طليق, وأما جلادوك فهم في أسرهم تائهين, فشعب أنجبك لهو قادر على معاقبتهم وأسرهم, وأنهي بما افتتحت به خطابك بعد خروجك الى الحرية"ها أنا اليوم حر وما زال الوطن أسيرا"..ولكن كن على يقين بأن يوم النصر ات لا محالة وما بعد الليل الا بزوغ الفجر..لك تحياتي من مدينة القدس الأسيرة.
الحمد لله مازالت الأمات في بلادنا تنجب الأبطال والأحرار
اخي منتظر الزيدي ان مافعلته اليوم ممكن ان يكون عادي او غير ذو اهمية وغيظاً للمتأمريكين الوصوليين ذو المصالح الوضعية انت اغظتهم ولكن اقولها لك انت اكبر من هذه الأيام والتاريخ ينتظرك ويسجل لك عملك في قائمة الأبطال الذين خلدهم التاريخولكن انتظر يامنتظر سوف يخلدك التاريخ ويكتب عنك وتدرًس مادة الزيدي في مدارس الأبطال