محاورة ذاتية .. :بين التألم والتأمل بقلم : مأمون شحادة
في وقت كانت فيه الشمس تميل للغروب وأمامه إبريق الشاي، يجلس تحت شجرة الخوخ ناظراً إلى الشمس وهي تغيب، حينها راودته الأفكار ما بين السؤال وفحوى الإجابة،.. هل أصبحنا نحن الفلسطينيين نبحث عن عالمية قضيتنا
وفق ما تقرره الأرقام القياسية لموسوعة جينس، نتسابق إليها بطبق من الكنافة وستة آلاف طائرة ورقية تعلو فوق الأرض، ونسينا أن هناك ما هو أهم من ذلك ، القضية الفلسطينية، التي يتظاهر من أجلها العالم أجمع.
صحيح أن طبق الكنافة حقق رقماً قياسياً بدخوله موسوعة جينس للأرقام القياسية، لكنه قسم بعد ذلك على الحضور، كل أخذ قطعته ولم يتبق بعد ذلك إلا المفعول به، الكنافة، ….وكذلك الطائرات الورقية التي علت سماء قطاع غزة دخلت موسوعة جينس كظاهرة تحدث لأول مرة، لكنها سقطت بعد علوها ولم يتبق للعلو إلا الرقم القياسي.
إن القضية الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير فهي استطاعت أن تدخل الضمير العالمي والتعاطف الشعبي مخترقة القلوب والعواطف، مسجلة أكبر رقم قياسي تحققه قضية عشقها الجميع إقليميا وعالميا، ولكن!!! وفي ظل الانقسام ما بين الضفة وغزة ، وصراع الضد والضد البيني ما بين إخوة السلاح وعدالة القضية، سؤال يطرح نفسه… أين نحن الآن؟ وما الذي يحدث؟
هنا توقف الكاتب و اعترف للجميع وهو يردد ما قاله الشاعر نزار قباني " أهديناك مكان الوردة سكينا"،.. أفبعد ذلك نهدي أما احتضنت الجميع مكان الوردة سكينا؟، ونسينا أن القضية الفلسطينية، قضية جوهرية تسكن عقولنا وفكرنا ووجداننا، حيث إنها تعبر عن شيء واحد وهو فلسطين ، بوابة الشرق وقبلة الثوار ومحط أنظار الجماهير شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، الذي يلزمها عمل للمحافظة عليها كقضية يلتف حولها الجميع، عملا وفكر، ونحن نعرف أن هناك شعباً عربياً محتلاً ينتظر فرحة النصر واحتضان العالم العربي، أفبعد ذلك نشظي أنفسنا ما بين الضفة وغزة وننسَ الماضي، …. بالله عليكم اقرؤوا لي المستقبل إن استطعتم ؟
إن قضية فلسطين الآن تتراوح ما بين التقسيم والسقوط فهي أمانة في أعناقنا جميعا، فلا نريدها تقسيما وسقوطا بل نريدها رقما قياسيا في الحفاظ على مصلحة الشعب الفلسطيني لرأب الصدع ما بين الضفة وغزة.
أخذ الكاتب يستمع إلى صديقه "الكاتب" الفلسطيني الدكتور إبراهيم ابراش: " الانقسام خطير، يهدد وحدة المشروع الوطني كمشروع حركة تحرر وطني بهدف واحد واستراتيجية عمل وطني واحدة و يضرب بالصميم قدرة الشعب على الوصول لهدفه الوطني"،…. ولكن ، متى يسجل هذا الرقم القياسي ؟
وقف الكاتب على أكبر جبل "فكري" مخاطبا إياهم : " لكي نحافظ على مستقبلنا نحن الفلسطينيين يجب علينا أن نحافظ على معادلة الأرقام القياسية الفلسطينية التي تتشكل من كلمات جوهرية، وحدة ، واتحاد، ومصالحة، ومصلحة شعب، ومستقبل، وأم لا تحتمل أن يتخاصم أولادها ،…. معادلة وإن كانت صعبة على الحل، لكن مفاتيحها بأيدينا.
ها هو الكاتب يجلس وحيدا مرة أخرى، يرتشف فنجان القهوة تحت شجرة السنديان، أمامه صحيفة معنونة ومذيلة بالأخبار، تناولها من على الطاولة، يقلب صفحاتها، فوقع ناظريه على صورة تحمل رأسين، مزارع فلسطيني يحمل نعجة برأسين… يا للعجب!!!
أخذ الكاتب يحاور نفسه مرة أخرى محدقا بالصحيفة… ولمَ العجب !!!، و نحن أبناء الشعب الفلسطيني، أبناء الأرض الواحدة منقسمون إلى نصفين (غزة وضفة) .. متسائلا أليس الحري بنا أن نتعجب من انقسام أنفسنا وليس من انقسام النعجة !!! ، ضحينا بالغالي والنفيس ونحن أبناء شعب واحد، والآن ضحينا بالغالي والنفيس من أجل الانقسام….. إن حالتنا اليوم يسودها العجب أمام العالم الخارجي..!! ، لقد أصبحت قضية فلسطين تحتمل المسميات، بل أصبحت مسألة فلسطينية تحتمل كل الحلول…. أهذا ما نريده مرورا بتلك المحطة التي توصل إلى ما وصلنا إليه، حيث إن "فوبيا" الاندهاش من تلك الصورة كمثل قضيتنا تدهش العالم الخارجي !!!. فقضية النعجة خرجت من يد المزارع وأصبحت مسألة عالمية " تحتمل كل الحلول "، فليس للمزارع الفلسطيني سيطرة عليها، لأن مسألة نعجته أصبحت في خبر كان من كثرة الاختبارات التي أجريت عليها !!!!!
حاول الكاتب أن يخاطب نفسه مرة أخرى " بلغة المخاطبة الداخلية " أفبعد ذلك يا إخوة التراب الواحد والهامة السمراء القمحاوية التي عجنت من سنابل تلك الأرض لتشكل منها مزارعا فلسطينيا ضحى وما زال يضحي من أجل أرضه …. إن الواجب منا ونحن أبناء تلك الأرض الواحدة أن نضع الكف بالكف ونسير نحو هدف واحد وليس أن نسير في طريق ضياع الشعب والتي لا نجني منها إلا الشوك وغزارة الدماء …
غراب فوق شجرة السنديان ينعق بصوت عالٍ فاستيقظ الكاتب من محاورته الداخلية مع نفسه، وضع الصحيفة على الطاولة ومضى في طريقه حتى وجد نفسه تحت شجرة زيتون تعلوها حمامة بيضاء وصحيفة تلتحف ظل الشجرة .
متى ماكانت الأنا الذاتية موجودة والمكاسب الفردية لكل فئة ورتباطها بالمصالح الشخصية لن يكون تفاهم ولالالالا اي شيء من الوحدة الوطنية ويلعب الأستعمار واذياله دور حفار الخشب