شهادة الزور .. بقلم فؤاد الأتاسي
ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور .. ببساطة أنا شاب سوري من عائلة متوسطه والدي موظف في مديرية من مديريات هذا الوطن الغالي لخمس وثلاثين عاما ولكن هذه المديرية (المصلحة ) ذات طابع خاص فنطاق عملها ومنطلقه إنساني بحت ولا يدخل في هذه الوظيفة
الوظيفة إلا من يهواها ويحبها فهي ليست كسائر الوظائف .
وأنا منذ نعومة أظفاري أذهب مع أبي إلى عمله أتابعه أراقبه بحركاته بسكناته مذهولا بعمله الإنساني .
عشت طفولتي ومراهقتي وشبابي في مصلحة والدي فكنت أختلق الحجج لكي أذهب إليه تارة لأحضر له الطعام وتارة لأجلب الثياب النظيفة و……و…….
كنت أمضي معظم نهاري عنده ألهو وألعب , أصدقائي هم أبناء زملاء والدي , كانوا مولعين مثلي بهذا المكان الطاهر وهذا العمل الإنساني المقدس .
كانت أمنيتي الوحيدة أني عندما أكبر أصبح مثل والدي لآخذ مكانه مع أنه كان دائما يحلم أن يكون مستقبلي أفضل من حاضره لذلك أجبرني بعد الثانوية على دخول الجامعة .
وعندما انتقلت إلى السنة الرابعة انتقل والدي إلى رحمة الله قبل أن يرى حلمه يتحقق
وبعد أيام قليلة شاءت الأقدار أن تطلب هذه المصلحة موظفين جدد على أساس الثانوية العامة فقط , فالتحقت بها لأحقق حلمي منذ الصغر فحلم أبي رحمه الله وجيز التحقيق .
عشت أجمل خمس سنوات في حياتي وأنا أعمل مكان أبي استخدم حاجياته أنام على سريره أجلس على مكتبه .
إلى أن جاء مدير جديد لهذه المصلحة ((وأعذروني أصدقائي القراء لأني لا أستطيع الكشف عن اسم هذه المصلحة كي لا تتشوه صورتها أمامكم فهي دائما في العالي ورايتها بيضاء بإذن الله وما يحدث الآن سيزول قريبا وينتصر الحق إن شاء الله ))
أتى هذا المدير الجديد للأسف حَول هذه المصلحة إلى بؤرة فساد كان جل اهتمامه كيف يملئ جيوبه مع أنه لا يفقه شيئا بطبيعة عملنا الذي شوهه بجشعه وطمعه الذي لا ينتهي ولكنه ضليع برمي الفتن خبير في حياكة المؤامرات له عيون في كل مكان شغله الشاغل أن يعرف ماذا قال عنه فلان وبماذا نعته علاََِن صراحة مكانه ليس هنا يجب أن يكون رئيس فرع مخابرات في أفغانستان مثلا , عارف بكل فنون السرقة لا يترك وراءه أثر , إنه صاحب الجريمة الكاملة .
فقد سعينا أنا وثلة من زملائي الشرفاء الغيورين على مصلحة الوطن عاما كاملا وراءه كي نمسك عليه ممسك بدون جدوى إلى أن جاءت اللحظة التي ننتظرها جميعاً ووقع في شر أعماله وكما يقولون غلطة الشاطر بألف وكان دليلي عليه شاهدٌ هو زميل لي بل صديق من أعز الأصدقاء في العمل وخارجه دخلنا المصلحة سوياً كنا معا طيلة سنين خلت عشرة عمر نتقاسم الخبز والملح على الدنيا في السراء والضراء حتى أن باقي الزملاء يصفونا بأننا روح واحده في جسدين وهنا سألت زميلي العزيز على إنفراد كي لا أحرجه : هل أنت جاهز لشهادة الحق فأقسم بالله قائلا ولو على رقبتي , كررت السؤال ثلاث مرات في ثلاث جلسات منفصلة لدرجة أنه تذمر وقال هل تشكك بي وبوطنيتي وأنت الذي تعرف تماما من أنا .
والحق يقال أنا أعرفه تماما رجل – شريف – شهم – شجاع – يأبى الظلم – يخاف الله – محبا لوطنه .
طبعاً حينها اطمأن قلبي وأوصلت الموضوع إلى أعلى المستويات وقد قام سيادة الوالي بتكليف لجنة من الولاية للتحقيق وقال سيادته : أن شهادة زميلك هذه تكفيني لإدانتهم جميعاً ولأن أزج هذا المدير الفاسد وأعوانه السجن أو على أقل تقدير أعفيه من منصبه لسوء أمانته وهدره للمال العام .
ولكن !!!
المفاجأة أن زميلي ذلك الرجل – الشريف – الشهم – الشجاع – الذي يأبى الظلم – يخاف الله – ويحب وطنه أو الذي هكذا كنت أظنه أقسم على كتاب الله ونطق شهادته التالية :{ أأكد أمام الجميع بأنه ما كتب و نسب إلي فهو كيدي و المراد به التشويه و الإساءة لسمعتي و لسمعة الزملاء وسمعة المصلحة و عار تماماً عن الصحة ولم أر أو أسمع أي شيء عن هذا الموضوع }.
للأسف بعد ثلاثة أيام جاءته نوبة قلبية نقل على إثرها إلى المستشفى أدت بعد مرورها لشلل جزئي على يده ورجله .
سامحه الله لا أستطيع الآن إلا أن أدعوا الله له بالشفاء العاجل وأن يعود لكامل صحته وعافيته إن لم يكن من أجله فمن أجل أولاده الأبرياء الذين لا ذنب لهم .
بعد أيام قليلة أمسكنا برؤوس الخيوط وأصبح لدينا الأدلة والإثباتات الكافية لإدانة السيد المدير وبطانته الفاسدة وبدون الحاجة لشهادة زميلي شفاه الله وأصبح الموضوع برمته قيد التحقيق وسينال السيد المدير جزاءه العادل قريباً إن شاء الله .
أصدقائي القراء ..
ما يغيظني ويقض مضجعي في كل هذه الرواية أن زميلي شفاه الله وعفا عنه أرسل لي زميلنا المشترك ( أبو حسين ) يعاتبني كيف أتكلم عليه هكذا وكيف أفضح أمره بين الزملاء وأقرأ عليهم نتيجة التحقيق لأشهر به , كيف نسيت العشرة والخبز والملح الذي بيننا ولا أستر على زميلي والله والله عيب علي ويتابع (أبو حسين )قائلا أن زميلي شفاه الله وعفر له منزعج للغاية لأن عامل المقسم اتصل به ليوبخه لشهادته زوراً وقسمه على كتاب الله كذبا وأن هذه {الجلطة}هي عقاب الله تعالى فالله يمهل ولا يهمل .
وللأسف جاء أحد أعوان المدير ليشمت بي وليخبرني أن ثمني كان جهاز نوكيا (N73) استلمه كهدية بعد الشهادة والله لو انتظر يوما واحداً فقط لكان ثمني على الأقل سيارة سياحية ولكنه باعني وباع المديرية برخيص برخيص جداً .
فتصورا يا رعاكم الله
وسؤالي هنا هل واجب علي أن أزوره وأحمل إليه علبة شوكولا داعياً له بالشفاء العاجل معتذراً منه لأني فضحت أمره أمام بقية الزملاء .
فما رأيكم دام فضلكم
تعقيب رئيس التحرير
نشكر السيد فؤاد الأتاسي لما قدمه من أسلوب مميزة في التعبير عن معاناته الصادقة ونتمى أن يكون العقل سيد الموقف لأننا ندين بعقيدتنا من خلال التفكر والتنور واللذان أوصلانا إلى ديننا الحنيف وشكراً لك صديقنا العزيز لأنك تجنب ذكر الأسماء أو الجهات لأننا نبحث دائماً عن حل المشكلة لا تعميقها .. تمنياتنا بالتوفيق للجميع
اخي الكاتب مشكور على ماقمت به انت الوطني المخلص والبلد بحاجة الى كثير من امثالك كان اااه معك وسدد خطاك وابعد عنك الأشرار وفعلآ انت صادق بما تقول والدلاله على ذلك مازلت تحرص على عدم الكشف عن الأسماء وهذا يدل على انك مزروع فيك الطيب والأصالة
الله يعطيك العافية لك التحية اخى فؤاد
نزار ابو حلب
مقالة أكثر من رائعة سلم قلمك الحر أستاذ فؤاد ولكن السؤال هل القصة حقيقية وهل يوجد في مجتمعنا هكذا أناس إن كان الجواب بنعم فعلى الدنيا السلام
في النهاية لايصح إلا الصحيح فسر إلى الأمام نصرك الله وأظهر الحق على يديك
ههههههههههههههههه تعليق رهيب جدا