اليوم العالمي للمياه – التعاون من أجل مقاومة نقص المياه
يعاني أكثر من ملياري إنسان على وجه الأرض من مشكلة نقص المياه النقية، ومن المتوقع أن تتفاقم المشكلة في الأعوام المقبلة. المساعدات التنموية الألمانية تساهم في عدة مشاريع في أنحاء العالم لمواجهة تلك الأزمة.
مع مرور كل 20 ثانية، يقضي طفل نحبه من جرّاء ظروف الصرف الصحي الشديدة الرداءة، التي يكابدها نحو 2.6 مليار شخص في العالم. ولذلك فقد خصصت الأمم المتحدة سنة 2008 لتصبح السنة الدولية للصرف الصحي، وهي القضية التي يركز عليها اليوم العالمي للمياه هذا العام بشكل خاص، حيث ترى الأمم المتحدة أنه ينبغي تحفيز البشر على التصدي لأزمة باتت تؤثر في أكثر من شخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في أرجاء المعمورة.
والجدير بالذكر أن قادة العالم لم يتمسكوا بالأهداف الإنمائية للألفية، والتي قرروها في عام 2000، والتي كانت تشمل خفض عدد الذين يفتقرون إلى خدمات الصرف الصحي الأساسي بنسبة النصف بحلول عام 2015، لكن تقارير هيئة الأمم المتحدة تؤكد أننا بعيدين كل البعد عن بلوغ ذلك الهدف. والخبراء يتوقعون أن يظل هناك 2.1 مليار شخص يفتقرون إلى الصرف الصحي الأساسي بحلول عام 2015، كما يؤكدون أنه بالوتيرة الحالية، فلن تبلغ أفريقيا جنوب الصحراء الهدف المنشود حتى عام 2076.
أسباب متعددة لانتشار ظاهرة نقص المياه في العالم
وتتضافر رداءة الصرف الصحي مع انعدام مياه الشرب المأمونة وعدم كفاية النظافة الصحية لتفضي إلى هذا العدد الكبير من الخسائر في الأرواح عبر العالم، فهناك حوالي ملياري شخص يعانون من نقص المياه النظيفة، وهذا الرقم قد يتضاعف في السنوات القادمة. ومنذ عام 1993، خصصت هيئة الأمم المتحدة يوم 22 مارس/آذار من كل عام ليكون يوم المياه العالمي، للتذكير بأهمية هذا المصدر وللقيام بأنشطة في كل أنحاء العالم للتوعية بكيفية إدارة المياه والتعامل مع هذا المصدر الحيوي.
ولنقص المياه عدة أسباب، والسبب الرئيسي هو النمو السكاني وعدم العدالة في توزيع المياه، فالمواطن في أمريكا الشمالية يستهلك نحو 500 لتر من المياه يومياً، والأوروبي يستهلك بين 200 و300 لتر، بينما لا يتوفر للإفريقي سوى 10 إلى 20 لتر مياه في اليوم. بالإضافة إلى تفشي الفقر وعدم كفاية الاستثمارات للتصدي للمشكلة وغياب الإرادة السياسية في حلها. أما ما يزيد من حدة المشكلة، فهو مشكلة التغير المناخي التي تؤدي إلى تصحر الكثير من المناطق.
"الاستثمار في مجال المياه سيعود بفوائد هائلة"
ويعتقد الخبراء في الأمم المتحدة أن إنفاق عشرة مليارات دولار سنوياً سيتيح للعالم الوصول إلى هدف تحسين الصرف الصحي في الدول النامية بحلول عام 2015، مع تحقيق فوائد جانبية هائلة مثل الحد من الفقر وتحسين مستوى الصحة العام. وأكد الخبراء أثناء الاحتفال باليوم العالمي للمياه هذا العام، إن كل دولار سيتم إنفاقه على تحسين الصرف الصحي بمشروعات تتراوح بين إقامة المراحيض ومد شبكات الصرف، سيعود بتسعة دولارات من الفوائد مثل ارتفاع النمو الاقتصادي أو خفض نفقات العلاج في المستشفيات. وقالت كلاريسا بروكلهيرست، رئيسة قسم المياه والصرف الصحي في صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف): "لا يمكن تحقيق الأهداف المتصلة بالصحة والتعليم ولا يمكن إبقاء الأطفال في المدارس إذا لم يكن لديك مياه نظيفة وصرف صحي".
الاستفادة بالخبرة الألمانية في إيجاد حلول لإدارة المياه
أما الأستاذ أولريش روت، مدير معهد دراسات المياه بجامعة شتوتجارت، فيرى أن هناك مشكلتين أساسيتين يجب إدراكهما للتمكن من حل مشكلة المياه. أولهما هي صعوبة التعامل مع المناطق النائية، قليلة السكان ويقول في هذا الإطار: "يصعب توصيل المياه إلى تلك المناطق بتكلفة مناسبة من الناحية الاقتصادية". وبمقارنة الأوضاع في ألمانيا، نجد أن مد المياه للقرى النائية كلف الدولة مبالغ كبيرة.
لكن على الصعيد الآخر، عدم توصيل المياه إلى هذه القرى النائية، يجعل السكان يهربون منها نحو المدن الكبرى، وهو ما يزيد من تفاقم المشكلة في رأي روت، لأنه كلما تضخمت المدينة، كلما أصبح من الصعب أن تكفي مصادر المياه بها احتياجات السكان، وهو ما يسبب نفس المشكلة الأولى، ويتطلب ميزانية ضخمة لجلب المياه من مناطق أخرى. ويقول في هذا الإطار: "في هذه الحالة يجب بناء بنية تحتية ضخمة للتعامل مع المياه، بالإضافة إلى أن تلك المياه يجب إخراجها من المدينة بعد استخدامها عن طريق الصرف الصحي ".
المساعدات التنموية جزء من الحل
ومنذ نحو 40 عاماً، كانت ألمانيا تعاني أيضاً من مشاكل التخلص من مياه الصرف الصحي وتنقيتها، خاصة في المدن الكبرى. لكنها خلال تلك الفترة، تمكنت من اكتساب الخبرة الكافية في هذا المجال، الأمر الذي يؤهلها الآن لمساعدة الدول الأخرى، ولاستغلال أموال المساعدة التنموية المخصصة لإدارة المياه، والتي تقدر سنوياً بنحو 350 مليون يورو، على أفضل وجه.
وبالفعل تقوم منظمة التعاون التقني الألمانية (جي.تي.تزد)، بإقامة العديد من المشاريع في عدة دول. فقد تمكنت المنظمة من المساعدة على تحسين إدارة المياه في بوليفيا بعد تكوين جمعيات ومنظمات خاصة بالمياه هناك، كما أمكن خفض كمية المياه المهدرة في الأردن بنحو 40 بالمائة عن طريق تقديم المشورة للعاملين في هذا المجال بالإضافة إلى المساعدة على سن قوانين في زامبيا لإدارة المياه. ويعد تدريب الكوادر من هذه البلاد في ألمانيا إحدى الوسائل الهامة في مساعدتها على التحسين من استخدام المياه، وتكوين كفاءات يمكنها بعد ذلك توسيع تلك المشروعات في الدول المستهدفة. لكن التقنية وحدها ليست هي الحل في رأي روت، حيث تلعب التوعية الدور الأكبر، الأمر الذي يجعله من الأساسي أن تقام حملات توعية في تلك البلدان.
يا عم أيه العبط ده أنتو ناس فاضية