كلام لا علاقة له بالأمور السياسية….(2) بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
قالوا بأن أحلام المرء كثيرة فتى كان أم فتاة,ومنها أن يكون لكل منهما قرين يرتاح إليها أو ترتاح إليه. بحيث يبني كل واحد منهما مع الآخر حياته الجديدة كما كان قد سبقه إليها أبواه من قبل.
وحين يتحقق هذا الحلم فإن المشاكل قد تطل برأسها في ما بينهما لتضطرم نيران الخلافات كي تحتدم وتلتهب ويشتد أوارها. وحينها ينتاب أحدهما أو كليهما شعور بأن المواصفات والشروط التي كان يظنها متوفرة في شريكه إما مفقودة أو ناقصة أو لم تكتمل وتنضج بعد. وربما يشتط الأمر بأحدهما فينتابه شعور بالإحساس على أنه أساء الاختيار, أو أنه قد غبن وغش أو خدع ودلس عليه أو تعرض لعملية احتيال ونصب. والشروط أو المواصفات التي يحددها كل طرف قد يتحكم فيهما مزاجه, وحينها لن
تسلم من عمليات إضافات وشطب.والتي هي انعكاس لمدى الثقافة والتربية, ودرجة الوعي ومستوى التفكير وحجم المعانة لديه.حتى لو أن أحد اختبره بها لاشتكى وتذمر من صعوبتها.وراح يتهم واضعها أنه جائر أو معقد,وربما قد لا يسلم من نقد وذم وقدح.
فقد تكون شروطه عقلانية ومنطقية, أو تعجيزية وغير منطقية. وقد يبالغ بشروطه على الآخر أن لا يكون قد فتح عينيه على صفحة الحب أو ترنم بما كتب عنها إلا عليه وحده,أو أن يكون جاهل بكل حروفها ومفرداتها قبل أن يسمعها منه. فهو من له الحق وحده أن يعلم قرينه قواعدها ونحوها وصرفها وجمعها وإعرابها وتشكيل جملها. أو أن لا يكون قد ذاق من طعمها من قبل.وأن يتعهد أن لا يتذوق أو يشم شيء من الحب إلا منه ومعه.أو أن يكون مطيعاً له بكل أمر,أو أن يعتبر طباعه نموذجية لا مثيل لها. وكثيرا ما يجد الطرف الأخر أن مثل هذه الشروط مقبولة ويوقع عليها مع كل ما يقاربها
ويدانيها عقداَ على بياض.وكثيرا ما يغتال الحب أو يموت أو ينحر أو يدمى نتيجة التشدد والمغالاة أو الجشع والطمع والجور في كثير من الشروط والطلبات.
وحين تتعطل مسيرة الحياة الزوجية نتيجة الخلافات,أو يفصل عراها الطلاق أو الهجر,تنطلق الأصوات للدفاع عن حقوق المرأة المغتصبة في وطننا العربي فقط. أو تشرح بالتوضيح الآثار السلبية التي لحقت بطرفي الأسرة والأطفال إن وجدوا بسبب الطلاق أو الهجر أو الفراق. مع أن هذه الحالات متوفرة في الشرق والغرب.
وقد يطل علينا البعض ليعلمنا طرق النقاش والجدال والنقد,وطرق الخطاب والكلام ,أو الطرق التي نكسب من خلالها صداقة الآخر والأهل والأصدقاء. أو ينبري أحدهم ليروج بأن المرأة في المجتمعات الغربية قد ظفرت بكل حقوقها بينما مازالت المرأة العربية منتهكة من السيد ومستعبدة من الرجل والأهل.وبنظره فأن المرأة إنما تحصل على كامل حقوقها حين يسمح لها بحق الانتخاب والترشيح والانخراط في الأحزاب وفتح المجال لها لتكون قاضياً أو وزيرا أو رئيساً للدولة أو رئيساً لمجلس الوزراء. متجاهلاً انتهاك حقوق المرأة حين يتخذ عليها صديقة أو عدة عشيقات. أو يفعل
كما فعل ويفعل رئيس الوزراء الايطالي بيرلسكوني الذي شاخ وشاب ولم يشبع بعد من الصبية والبنات والنساء. أو أن يستبدلها بأخرى هي أفتى وأنضر كما فعل الرئيس ساركوزي. وكثيرا ما ينصب البعض من نفسه معلماً لغيره كما فعل دايل كارينجي الذي أسس معهد كارينجي في الولايات المتحدة الأمريكية,وألف كثير من الكتب في فن التعامل مع الآخر ومنها كتابه المشهور بعنوان كيف تكسب الأصدقاء, وكتاب بعنوان دع القلق وأبدأ الحياة . وكانت كتبه من أكثر الكتب رواجاًَ,وحطمت الرقم القياسي في نسبة المبيعات. ومع كل خبرته وجهوده في تعليم الآخرين طرق النجاة من القلق,
إلا أن حياته لم تسلم من عواصف القلق وريح التعاسة والإحباط والتي لم تجدي معها حلوله وخبراته فأقدم على الانتحار.
وينساق البعض وراء العواطف, أو يغرر به بمثل هذه الأقوال . فيدلي بدلوه ويلقي باللوم على الرجل والمجتمع الشرقي. ويتباكى آخر على حقوق المرأة المهدورة, وما تتعرض له من ظلم وجور في المجتمعات العربية والإسلامية .ولكنه لو حكم كل من هؤلاء ضميره ودقق بحال المرأة في المجتمعات الأوروبية والعربية والإسلامية وغيرهم لتبين له العجب العجاب مما تعانيه كثيراً من النساء من مختلف الأعمار من صعاب ومتاعب وضغوطات,مضافاً إليهم الجوانب السلبية للنظام البرجوازي الذي يهمه الربح والربح فقط.حيث تجد ظاهرة شجع بعض التجار وأصحاب الأموال والمؤسسات
والمنشآت الاقتصادية. مضافاً إليها مثالب النظامين الامبريالي والاستعماري, ومن قبلهما نظام العبودية والرق والإقطاع. هؤلاء هم من أسهموا في تعميم انتشار ظواهر التخلف والمرض والأمية والجهل والفقر وتغذية ظواهر العداء والكراهية والإرهاب.وجاراهم في ذلك بعض الأنظمة الشيوعية,وكذلك التطبيقات المشوهة للاشتراكية في بعض النظم الاشتراكية, بحيث نحرت فيهما كل محاولة إبداع من قبل كلاً من البيروقراطية وسياسة شد الحزام ,واللتان لم يعد يستحملها الرجال حتى تتحملها النساء!!!! ناهيك عن استشراء ظواهر الفساد والتعدي على الحقوق العامة والحريات
في كلا النظامين الشيوعي والرأسمالي. واللاتي بتن ينخرن عظامهما كما تنخر حشرة السوس الخشب. وما تعمد البعض في تجاهله لهذه الأمور في دول الغرب وإظهارها فقط في غيرها من المجتمعات الأخرى سوى دليل على وجود نوايا سيئة و مبيتة للإساءة للديانات السماوية وبعض المجتمعات, لتشويه صورهم حتى بأساليب التزييف والخداع والتضليل والمكر لتحقيق هدف استعماري يتاجر حتى بحقوق الأسرة والرجل والطفل والمرأة.
الإسلام كغيره من باقي الديانات السماوية أكد في كثير من آيات القرآن الكريم على إعطاء المرأة حقها وتكريمها والتعامل معها بالأسلوب الحسن. وأن الحياة الزوجية والتعامل بين كل من الرجل والمرأة أماً كانت أم بنتاً أو زوجة محكوماً برباطي المودة والرحمة, اللذان أو جدهما الله سبحانه وتعالى بين الرجل والمرأة.فإن ضعفت المودة أو فقدت فمن الواجب عدم نسيان الرحمة .فالمودة تدفع كل طرف لأن يكون رحيماً بالطرف الآخر. والرحمة تزيد في أواصر المودة وتعززها حتى لا تهن أو تضعف.والمودة والرحمة تفرض على كل من الرجل والمرأة أن لا ينتهك أياً منهما لحقوق
الآخر,وأن لا ينظر أو يتعامل مع الآخر بفوقية, لأن هذا مما حرمه الله سبحانه وتعالى, ونهى عنه الرسل والأنبياء كافة. أما ما تفرضه الإدارة الأمريكية وبعض الدول المتحالفة معها من قوانين جائرة بذريعة محاربة الإرهاب فهو الانتهاك بعينه لحقوق كل من الرجل والطفل والأسرة والمرأة. وما الحروب العدوانية والإرهابية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية واعتداءاتهما على شعوب ودول لتحقيق مصالح صهيونية وإمبريالية بغيضة ومقيتة وشاذة سوى هدر لحقوق الرجل والطفل والأسرة والمرأة.