التعليم العالي تدعو لمصالحة حقيقية مع تراثنا العربي في افتتاح المؤتمر السنوي الثامن لمجمع اللغة العربية
افتتح صباح اليوم المؤتمر السنوي الثامن لمجمع اللغة العربية تحت عنوان نحو رؤية معاصرة للتراث في قاعة المحاضرات بمكتبة الأسد الوطنية.
ولفت الدكتور غياث بركات وزير التعليم العالي في الافتتاح الى أهمية هذا المؤتمر في تقديم الرؤية السليمة المعاصرة للتراث العربي بما فيه من قضايا علمية وفكرية واجتماعية مؤكدا ضرورة المصالحة الحقيقية والموضوعية مع تراثنا الذي نعتز به ونأخذ منه ما يساعدنا على استشراف المستقبل وتطوير الواقع0
وأضاف الدكتور بركات أن هذا المؤتمر يصب في الطموح الذي نسعى إليه من أجل بناء سورية الحديثة والنهوض بوطننا وأمتنا دون الانعزال عن الآخرين بل من خلال التواصل والتفاعل مع الأمم الأخرى من أجل الانطلاق نحو المستقبل المأمول.
بدوره أوضح الدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق أن المؤتمر السنوي الثامن يهدف الى إلقاء نظرة فاحصة على عدد من المجالات التي تميزت بها الحضارة العربية بهدف استقصاء المرتكزات التي بنيت عليها والتعرف الى المسالك التي طرقها أسلافنا والتي أوصلتهم الى تشييد ذلك الصرح الحضاري المبهر.
وأضاف المحاسني أن المقصود بإلقاء نظرة معاصرة على تراثنا هو التجاوب مع التراث والانفتاح على حقائقه ورموزه ومعانيه وإيجاد سياقات الاتفاق والتوافق بما يوصلنا الى بلورة أجوبة لتساؤلاتنا الثقافية لافتا الى أن لغتنا العربية بقيت بطاقاتها الفريدة الحامل الممتاز لما كان في الحضارات السابقة من علوم ومعارف تمكنت من الإحاطة بجميع مفاهيمها.
من جانبه قدم الدكتور مكي الحسنى الجزائري أمين مجمع اللغة العربية تقريرا بين فيه منجزات المجمع منذ المؤتمر السابق وخلاصة أعمال بعض لجانه موضحا أنه تم خلال العام الماضي التركيز على وضع المصطلحات العلمية والتقانية في مختلف مجالات العلوم.
واستعرض الجزائري ما حققته كل من لجنة مصطلحات ألفاظ الحضارة ما يقارب 600 مصطلح ولجنة مصطلحات الفيزياء التي تابعت وضع تعريفات المصطلحات الفيزيائية محققة 30000 مصطلح جديد ولجنة مصطلحات الكيمياء التي أنجزت 2500 مصطلح.
وأضاف أمين المجمع أن لجنتي علوم الأحياء النباتية والحيوانية حققتا 3400 مصطلح ولجنة علوم الزراعة أنجزت 1500 مصطلح جديد في حين أن لجنة الجيولوجيا حققت ما يقارب الـ3000 مصطلح ولجنة طب الأسنان 500 مصطلح.
وبين الجزائري أن لجنة المخطوطات وإحياء التراث طبعت الجزء الخمسين لتاريخ دمشق في 756 صفحة إضافة الى كتاب حديقة الأذهان في حقيقة البيان لطاهر بن صالح الجزائري وكتاب شرح من مقصورة ابن دريد لافتا الى انجازات لجنة النشاط الثقافية ولجنة أعمال أعضاء المجمع منذ تأسيسه ولجنة المجلة والمطبوعات التي حققت 84 مطبوعة فضلا عن لجنة اللغة العربية وعلومها وتحقيقها لكتاب قواعد الاملاء.
بدوره أوضح الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس المجمع الأردني وممثل الأساتذة الباحثين أن مجمع اللغة العربية بدمشق من أقدم المجامع العربية ورائدها في الحفاظ على اللغة العربية مبينا الدور التاريخي الذي لعبته دمشق كونها منطلقا تاريخيا للنهضة الفكرية بما حققته من ترجمة لعلوم الأقدمين والانفتاح على الحضارات فضلا عن دورها في إرساء القواعد الأساسية لتمكين اللغة العربية.
وأضاف خليفة أن اللغة رافد مهم للحضارة الإنسانية في مختلف المجالات لافتا الى ضرورة تتبع المسيرة التاريخية للفكر والحضارة من أجل بناء المستقبل مع التركيز على القيمة التربوية لتحقيق التراث بما يشكل حافزا للأجيال القادمة للتعرف أكثر على إسهامات أجدادهم في ميادين الفكر الإنساني والحضارة العالمية.
وبدأت فعاليات المؤتمر بمحاضرة ألقاها الدكتور محمود السيد نائب رئيس مجمع اللغة العربية تحت عنوان (التراث بين الماضي الحي والغد المنشود) مبينا من خلالها مفهوم التراث على أنه كل ما هو حاضر فينا من ماضينا وماضي غيرنا موضحا سمات التراث العربي كالعراقة والشمولية والعقلنة واعتماد المنهج التجريبي في الوصول الى الحقائق إضافة الى التوازن والتكامل والانفتاح على الثقافات الأخرى ضمن أسس إنسانية.
واستعرض السيد كيف ينظر الأجانب الى تراثنا العربي على اختلاف تلك الرؤى سلبية كانت أم ايجابية مبينا أن الحضارة العربية حفظت للإنسانية تراثها وزادت عليه ونقلته الى من تلاها.
وأوضح نائب رئيس مجمع اللغة العربية أن المقصود من مصطلح نحو رؤية معاصرة للتراث هو التعامل مع التراث ضمن نظرة واعية له تحترم عالميته وخصوصيته التاريخية وعناصره القابلة للحياة والتطوير معتبرا أن التراث هو خزان للأفكار والرؤى والتصورات تأخذ منه الأمة ما يفيدها في حاضرها أو ما هو قابل لان يعينها على الحركة والتقدم.
وتناول السيد بالبحث بعض الصفحات المشرقة في تراثنا العربي على الصعيد العلمي التجريبي وعلى المستوى التربوي واللغوي والاجتماعي والإنساني لافتا الى ضرورة استكشاف التراث الحي الذي لم يحقق بعد واستلهام التراث وتحويله الى مؤثرات فاعلة في حياتنا المعاصرة من خلال اعتماد اللغة العربية في جميع مناحي الحياة والعلم.
ويستمر المؤتمر حتى الثالث عشر من الشهر الجاري متضمنا أربعة محاور هي التراث العلمي عند العرب التراث الاجتماعي والفكري نقل التراث والتواصل بين الحضارات التراث بين الأصالة والمعاصرة.