HRW: تطالب السعودية إلغاء أحكام الإعدام في قضايا السحر
دعت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان، هيومان رايتس ووتش محكمة سعودية الثلاثاء بإلغاء حكم بالإعدام صادر بحق أحد “السحرة”، والتوقف عن إطلاق الاتهامات بممارسة السحر، باعتبار أن تعريفها مازال مبهماً ويستخدم بشكل متعسف.
وقالت المنظمة الثلاثاء "إن على محكمة نقض مكة أن تُلغي حُكماً بالإعدام صدر بحق اللبناني ‘علي حسين سباط’ الصادر عن محكمة أقل درجة في المدينة المنورة يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة عمل السحر."
كذلك دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السعودية إلى الكف عن الزيادة المطردة في استخدامها لاتهامات "السحر" التي ما زالت مبهمة التعريف وتُستخدم بشكل متعسف.
وحول حكم الإعدام بحق علي سباط، أوضحت المنظمة أن الحُكم ناجم ما يبدو عن نصائح وتنبؤات أدلى بها للتلفزيون اللبناني.
وطبقاً لوسائل الإعلام السعودية، فبالإضافة إلى سباط، اعتقلت عناصر الأمر بالمعروف السعودية اثنين آخرين على الأقل بتهمة عمل السحر في الشهر الماضي وحده.
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، سارة ليا ويتسن: "أحكام المحاكم السعودية هي فعلياً أعمال مطاردة للسحرة تزاولها عناصر الأمر بالمعروف.. إن جريمة ‘السحر’ تُستخدم بحق أعمال وسلوكيات كثيرة، مصحوبة بتهديد قاس بالإعدام من قبل الدولة."
وذكرت المنظمة أن عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية (الشرطة الدينية) كانت قد اعتقلت علي سباط في حجرته بفندق بالمدينة المنورة، أثناء رحلة عمرة، يوم 7 مايو/أيار 2008، قبل عودته إلى وطنه لبنان.
وقبل القبض عليه كثيراً ما أدلى سباط بنصائح عن أسئلة عامة متعلقة بالحياة وتنبؤات بشأن المستقبل في الفضائية اللبنانية ‘شهرزاد’، طبقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية، وصحيفة "لوموند" الفرنسية، فيما يُقال إن ظهوره المذكور على شاشات التلفزيون هو الدليل الوحيد ضده.
وأفادت صحيفة المدينة السعودية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني إن محكمة أقل درجة في جدة بدأت محاكمة رجل سعودي أوقفته شرطة الأمر بالمعروف وقالت إنه هرّب كتاباً للسحر إلى المملكة.
وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول ذكرت صحيفة عكاظ السعودية أن الأمر بالمعروف في الطائف اعتقلت رجلاً آسيوياً بتهمة "السحر" و"الاحتيال" وتم اتهامه باستخدام قوى خارقة للطبيعة في تسوية الخلافات الزوجية والتسبب في وقوع الأشخاص في الحب.
وفي مارس/آذار 2008 طلبت هيومن رايتس ووتش من مسؤول رفيع المستوى في وزارة العدل السعودية توضيح تعريف جريمة السحر في السعودية والأدلة المطلوبة كي تثبت المحكمة مثل هذه الجريمة.
وأكد المسؤول عدم وجود تعريف قانوني ولم يوضح الأدلة ذات القيمة الثبوتية في محاكمات السحر. ولا يوجد في السعودية قانون عقوبات، وجميع القضايا تقريباً التي ينظرها القضاة تخضع لتعريفهم للأعمال التي يرونها إجرامية، كما أن لهم سلطة تحديد العقوبات الواجبة فيها.
وفي فبراير/شباط 2008 احتجّت هيومن رايتس ووتش على الإدانة في عام 2006 وحُكم الإعدام الصادر بتهمة السحر بحق المواطنة السعودية فوزة فالح.
وزير العدل عبد الله آل الشيخ رد قائلاً إن هيومن رايتس ووتش تتبنى فكرة غربية متحيزة ضد الشريعة الإسلامية، لكنه لم يُجب على أسئلة المنظمة بشأن اعتقال فوزة فالح تعسفاً وانتزاع الاعتراف منها بالإكراه أو محاكمتها غير المنصفة ثم إدانتها بالخطأ. وما زالت تنتظر تنفيذ حُكم الإعدام بحقها في سجن القريوات، القريب من الحدود مع الأردن، وتتناقل التقارير أنها في حالة صحية متدهورة.
وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني ذكرت صحيفة عكاظ إن محكمة المدينة أصدرت بدورها الحكم بحق سباط "تعزيرياً".
وتناقلت التقارير أن سباط والرجل السعودي المتهم بتهريب كتب السحر قد اعترفا بـ "جرائمهما".
ولم يكن لدى سباط محام في المحاكمة ولم يعترف إلا لأن المحققين قالوا إن بإمكانه الذهاب إلى لبنان إذا اعترف، طبقاً لمحاميته اللبنانية مي الخنسا.
وفي قضية أخرى، أدانت محكمة جنائية في جدة بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2006 محمد برهان إريتري الجنسية بتهمة "الاحتيال" بناء على حيازة برهان لكتيب لأرقام التليفونات فيه كتابات بالأبجدية التجرينية المستخدمة في إريتريا.
صنف الادعاء الكتيب على أنه "تعويذة" وقبلت المحكمة الدليل، وحكمت عليه بالسجن 20 شهراً و300 جلدة، ولم يتم عرض أية أدلة أو اتهامات إضافية في المحاكمة. وتم ترحيل برهان منذ ذلك الحين، بعد أن أمضى أكثر من ضعف المدة المحددة بحقه في السجن.
وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أعدمت السعودية المواطن المصري الذي كان يعمل في صيدلية بمدينة عرعر، مصطفى إبراهيم بتهمة السحر في الرياض، بعد أن ثبتت التهمة عليه بمحاولة التفريق بين الأزواج "باستخدام السحر"، طبقاً لبيان لوزارة الداخلية.
وقالت سارة ليا ويتسن: "عاقب القضاة السعوديون بقسوة من اعترفوا "بالسحر" لما يبدو في أسوأ الأحوال أنها محاولات للاحتيال، لكن ربما كانت أعمالهم لا ضرر منها.. يجب ألا تكون لدى القضاة السعوديين سلطة وضع حد لحياة الأفراد على الإطلاق، دعك ممن لم يضروا مادياً بالآخرين."
وفي عام 2007 أصدرت السعودية قانونين يقيدان من سلطات هيئات القضاء، وفي عام 2009 بدأ تنفيذ ما قيل إنه إصلاح قضائي شامل، تحت إشراف وزير العدل محمد العيسى، الذي تم تعيينه في فبراير/شباط 2009، إلا أن السعودية ما زالت لم تقنن قوانينها الجنائية، وجهود تحديث نظام الإجراءات الجزائية، الذي تعوزه الضمانات ضد الاعتراف القسري، مثل الحق في عدم تجريم المرء لنفسه، لم تثمر بعد.
وتعارض هيومن رايتس ووتش استخدام عقوبة الإعدام من حيث المبدأ في جميع الحالات، نظراً لطبيعتها القاسية المتأصلة فيها. والمعايير الدولية، مثل الواردة في قرار 1984/50 من المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، تطالب جميع الدول بالامتناع عن تنفيذ عقوبة الإعدام إلا في حالة فرضها في الجرائم "الأكثر جسامة."
وينبغي على القضاة السعوديين إلغاء الإدانة بتهمة السحر والإفراج عن جميع المعتقلين أو المدانين في جرائم على صلة بالسحر، على حد قول هيومن رايتس ووتش؛ داعية الملك عبد الله إلى توجيه أوامره على وجه السرعة بتقنين القوانين الجزائية السعودية وضمان اتفاقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.