مقالات وآراء

بعد أبو غريب… فظائع وانتهاكات بنكهة بريطانية .. بقلم هشام منوّر

في الوقت الذي تنشغل فيه الأحزاب والتيارات والكتل العراقية بمتابعة مشاريع التحالفات السياسية فيما بينها، وممارسة الضغوطات على بعضها بغية تأمين حصتها من المواقع والنفوذ والسلطة في أي حصيلة قد تفضي إليها الانتخابات البرلمانية مطلع العام المقبل ..

 ينسى سياسيو العراق (أو يتناسون) أن يلتفتوا إلى هموم ناخبيهم واهتماماته، ومتابعة الهاجس الأكبر لأي مواطن عراقي، مهما كان انتماؤه السياسي أو ولاؤه، وهو الاحتلال العسكري الذي لا يزال جاثماً على صدور العراق وأهله ..

فقبل خمسة أعوام تقريباً، وفي شهر نيسان/أبريل من عام 2004، انتشرت صور التعذيب الأولى من سجن أبو غريب في جميع أنحاء العالم. وفي واحدة من تلك الصور، كانت تظهر جندية أمريكية شابة، تسحب بيد سجينًا عاريًا بحبل، وتمسك يدها الأخرى بسيجارة. ومنذ ذلك الحين انتشر القتل في العراق، وفيما كانت الهجمات تستهدف قبل نشر صور التعذيب، في أغلب الحالات، أهدافاً عسكرية والأشخاص الذين يتعاونون مع قوى الاحتلال، أصبحت الهجمات الإرهابية تطال الجميع. 

ولم يكد العراقيون والعالم ينسون تلك الفظائع، سيما بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إغلاق سجن أبو غريب عام 2006م، وهدمه أو تحويله إلى متحف وطني، حسب ما أعلنته الحكومة العراقية، حتى أعلنت في شهر كانون الثاني/ يناير من العام الحالي أنَّه ستتم إعادة فتح سجن أبو غريب باسم جديد، وتجديده بتمويل أمريكي، وبررت الحكومة العراقية ذلك بحالة الاكتظاظ التي تعاني منها سجون العراق الأخرى. 

وفي السياق ذاته، انشغلت وسائل الإعلام بما أعلنته وزارة الدفاع البريطانية من أنها تجري تحقيقاً في معلومات تفيد أن جنوداً بريطانيين متورطون بانتهاكات جنسية وجسدية بحق سجناء ومدنيين عراقيين تماثل ممارسات الجنود الأميركيين في سجن أبو غريب. 

وعلقت صحيفة (الإندبندنت) التي تناولت الخبر قائلة إن تلك المزاعم الجديدة تطرح تساؤلات هامة بشأن التواطؤ بين بريطانيا وأميركا في إساءة معاملة السجناء العراقيين أثناء ما سمته "فترة التمرد". وكشفت (الإندبندنت) أن إحدى القضايا تتمحور حول اتهام جنود بريطانيين بوضع محتجزين بعضهم فوق بعض وصعقهم بالتيار الكهربائي. مشبهة ذلك بما جرى من انتهاكات في سجن أبو غريب على مشارف بغداد. 

وتتعلق قضية أخرى بالإساءة إلى صبي في السادسة عشرة يقول إن جنديين بريطانيين اغتصباه عندما كان رهن الاحتجاز عام 2003. ويقول آخرون إنهم أجبروا على التعري وتعرضوا للإساءة وجرى تصويرهم وهم كذلك ونشر صورهم على الانترنت. وقد وصل عدد القضايا المفتوحة في هذا الصدد إلى أكثر من 33 قضية منذ غزو العراق عام 2003م. 

ورغم أن بريطانيا قد قامت بسحب معظم قواتها من العراق ولم يبق سوى مائة مدرب من القوات البحرية يساعدون في حماية أرصفة النفط الجنوبية، من المتوقع أن يبقوا في العراق سنة أخرى، إلا أن تشابه الحالات المقدمة إلى المحاكم البريطانية، والتأكيد على أنها اشتملت على مزاعم الإساءة الجنسية، يؤكد أن تلك الممارسات قد أصبحت جزءاً من ثقافة التعذيب المنتشرة على نطاق أوسع، فيما يتم التعتيم عليها بحيل السياسة وأحابيلها.

بواسطة
هشام منوّر
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى