سياسية

أجواء الرعب تخيم على الشيشان من جديد

يوقف رجال شرطة ملتحون في ملابس مموهة ويحملون بنادق وخناجر السيارات ذات النوافذ القاتمة في العاصمة الشيشانية في إطار مساعيهم لتعقب المقاتلين الاسلاميين.
تقف سيارة على جانب الطريق ويفتح شرطي الباب الخلفي وينزع الطبقة الملونة القاتمة عن زجاج السيارة بخنجر يبلغ طوله 25 سنتيمترا.

بدا الانفعال على وجه قائد السيارة ومن بجانبه فصاح فيهما الشرطي كاشفا عن أسنان ذهبية لامعة "اذا لم يعجبكما هذا.. فارفعا الأمر للرئيس. ربما يختفي متشددون وراء هذا".

وتقول جماعات لحقوق الانسان إن جمهورية الشيشان الجنوبية التي خاضت حربين انفصاليتين مع موسكو منذ منتصف التسعينيات أضحت منطقة يتملكها الخوف حيث تتمتع ميليشيا الرئيس رمضان قديروف المتمرد الذي تحول إلى حليف للكرملين بسلطة هائلة.

ويفزع الكثير من الشيشانيين لرؤية ضباط الشرطة الذين تحمل قبعاتهم الصوفية السوداء الحروف الأولى من اسم الرئيس رمضان أحمدوفيتش قديروف.

ويحرص الآلاف من ميليشيا قديروف على اثبات انهم يلحقون الهزيمة بالتمرد الاسلامي في شمال القوقاز الذي يسعى إلى إقامة دولة مسلمة مستقلة تطبق الشريعة.

والكثير من أفراد هذه الميليشيا قاتلوا لاستقلال عن موسكو لكن غيروا ولاءهم مثلهم مثل قديروف. وتقول جماعات حقوقية إنهم يطبقون المراسيم التي يصدرها قديروف مثل حظر الكحوليات وإجبار النساء على ارتداء الحجاب في المصالح الحكومية بغض النظر عن دستورية هذه القرارات.

ويرتعد السكان لرؤية أفراد الشرطة في أحذيتهم السوداء ذات الرقبة العالية والذين يمكنهم حسبما يقول شاب يدعى أصلان "القبض علينا لمعارضتنا قانونا لا نعرف حتى إن كان حقيقيا أو له وجود أصلا".

وتقول جماعة ميموريال الروسية المدافعة عن حقوق الانسان إن أجواء الخوف انتشرت بسرعة بعد أن رفع الكرملين قيودا أمنية في أبريل نيسان ونقل سلطات هائلة من موسكو إلى ميليشيا قديروف.

وتشتكي النساء من أن الميليشيا توبخهن لعدم ارتدائهن الحجاب بالقرب من المباني الحكومية مثل المطارات والمدارس التي تحمل صورا كبيرة لقديروف ووالده وسلفه أحمد الذي اغتيل في انفجار قنبلة عام 2004.

ويزيد من أجواء الرعب زيادة حالات الاختطاف التي تلقى جماعات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية بمسؤوليتها على السلطات وقوات الأمن.

ويشبه السكان الوضع بحالة الرعب الكبير التي تملكت السوفيت ابان حكم جوزيف ستالين في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي عندما سيق الملايين إلى معسكرات العمل أو المنفى بعد اعترافات ملفقة انتزعت تحت وطأة التعذيب.

وقالت امرأة في جروزني اختفى صديقها بعد مداهمة منزله "انه الرعب يسود مرة أخرى".

وقال علوي كريموف المتحدث باسم قديروف إن جماعات حقوق الانسان تسيء تفسير الموقف ولا تقدر أن الشيشان شهدت حربين مدمرتين.

وأضاف "انها "جماعات حقوق الانسان" لا تأخذ في الاعتبار أن الشيشان عانت من حربين مريرتين.. نحن في مرحلة ما بعد الصراع. السلطات تفعل ما بوسعها لتصفية المتشددين وتوفير الأمن واعادة بناء الاقتصاد".

وتقول جماعة ميموريال ان 86 شخصا على الأقل اختطفوا في التسعة أشهر الأولى من العام في الجمهورية التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة.

وتضيف الجماعة أن هذا الرقم يزيد مرتين عما كان عليه في 2008 ونحو ثلاث مرات عنه في 2007 لكنه أقل كثيرا من 2002 في ذروة حرب الشيشان الثانية عندما اختفى 544 عثر على جثث معظمهم.

وكانت ناتاليا ايستميروفا الناشطة في ميموريال قد اختطفت وقتلت في الشيشان في يوليو تموز الماضي في جريمة أثارت إدانة واسعة النطاق.

وذكر الكسندر تشيركاسوف من ميموريال أن من بين المختطفين هذا العام تسعة عثر على جثثهم لكن معظمهم كان قد اختفى ببساطة. ويقول أقارب للضحايا إن مسلحين اقتادوا ذويهم من منازلهم ليلا للاشتباه في أنهم متمردون اسلاميون.

وقال مينكايل ايجييف الذي أسس منتدى المجتمع المدني في الشيشان عام 2005 لتشجيع الحوار مع السلطات "ما من أحد يعرف أين هم أو إلى أين يقتادون أو ماذا يفعلون بهم. ليست هناك محاكمات.. إنهم يعذبون ويضربون… ثم ندفنهم".

ويضيف أن السلطات تعرض على المختطفين ما يصل إلى 500 ألف روبل "16260 دولارا" "للاعتراف" بانهم من المتمردين على شاشة التلفزيون.

ويقول ان المسؤولين يعرضون رشى على أسر المختطفين كي تدين أبناءها وتلجأ للخطف لتعزيز مزاعم السلطات بأنها تلحق الهزيمة بالتمرد الاسلامي.

ونفى قديروف مرارا المزاعم بالضلوع في عمليات خطف أو تعذيب ويقول إنه يقضي على المتمردين بالفعل.

وقالت نيكولا دكوورث مديرة برنامج أوروبا ووسط آسيا في منظمة العفو الدولية إن الاختطاف هو أكثر مشكلات الشيشان تعقيدا.

وأضافت لرويترز عبر البريد الالكتروني من لندن "كبر حجم المشكلة وعدم التحقيق في أمر المقابر الجماعية وفي حالات الاختفاء السابقة وعدم استخراج الجثث وتحديد هويتها.. كلها أمور تزيد من الرعب في الشيشان".

وفي الأسبوع الماضي قال الكسندر بورتنيكوف مدير المخابرات الروسية إن قوات الأمن احتجزت ما يقرب من 800 متشدد في شمال القوقاز هذا العام وصادرت 1600 سلاح ناري و490 قنبلة بدائية.

المصدر
زهرة سوريا / وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى