بوتين :موقفنا ثابت إزاء الدرع الصاروخي الاميركي
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقف بلاده إزاء مخططات الدرع الصاروخي الأمريكي المنوي إقامته في أوروبا مشيراً في الوقت ذاته إلى حدوث بعض التغييرات على هذا الاتجاه. وأعرب بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي جورج بوش بعد اختتام مباحثاتهما
في سوتشي عن تفاؤله الحذر فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاقات نهائية مع الولايات المتحدة في مجال الدفاع المضاد للصواريخ مؤكداً أن أهم ما في الأمر ان يتفق الخبراء على ماهية تدابير الثقة وكيفية تطبيقها في الواقع العملي على الأرض.
وقال..إن الجانب الأمريكي أصغى أخيراً إلى دواعي القلق الروسي وتقدم بمجموعة من الاقتراحات لتعزيز تدابير الثقة والشفافية في مجال الدفاع المضاد للصواريخ مما يتيح ظهور ساحة للعمل المشترك مشيراً إلى أنه لايزال من المبكر الحديث عن هذه الاقتراحات الأمريكية بصورة ملموسة قبل دراستها من قبل الخبراء.
واعترف بوتين بأن لقاء سوتشي لم يحل جميع القضايا المرتبطة بالدفاع المضاد للصواريخ ونصب عناصر للدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا الشرقية مضيفاً أنه من المهم جداً أن تواصل روسيا والولايات المتحدة العمل المشترك لحل هذه القضايا.
وأضاف بوتين أن أفضل أسلوب لإزالة دواعي قلق روسيا بصدد الدفاع المضاد للصواريخ هو القيام بعمل مشترك لإنشاء منظومة عالمية شاملة للدفاع المضاد للصواريخ شريطة الشراكة المتكافئة في إدارتها وتبادل التكنولوجيا وتبادل المعلومات مؤكداً أن ذلك سيشكل أفضل ضمانة لأمن الجميع.
وأشار إلى أن روسيا والولايات المتحدة لم تتمكنا من تجاوز الخلافات بصدد المعاهدة القادمة حول الأسلحة الهجومية الاستراتيجية مشيراً إلى وجوب إيجاد نقاط تماس بين الجانبين من أجل الاستمرار في عملية نزع السلاح.
وأشار إلى أن المباحثات مع بوش تناولت أيضاً مواضيع السياسة التوسعية لحلف الناتو ومعاهدة القوات المسلحة العادية في أوروبا معرباً عن الارتياح للجو الصريح الذي جرت فيه المباحثات.
ووصف بوتين الاستمرار في توسيع حلف الناتو بأنه من مظاهر المنطق القديم عندما كانوا ينظرون إلى روسيا كخصم مشيراً إلى أنه من الأفضل تطوير وتحسين العلاقات مع موسكو بدلاً من إقحام الجمهوريات السوفييتية السابقة في هذا الحلف العسكري السياسي.
وقال إن العلاقات الروسية الأمريكية التي جرى إقرارها في سوتشي لاتقدم حلولاً ناجعة للقضايا المطروحة ولكنها تشير إلى نقاط الخلاف وكذلك إلى الجوانب الإيجابية في العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية لتعاونه مع الرئيس الأمريكي ولاسيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل والتكنولوجيات الصاروخية والإجرام الدولي ومكافحة المخدرات.
وأعرب بوتين عن أمله أن تقوم الولايات المتحدة بإلغاء التمييزات في القوانين الأمريكية المتعلقة بالتجارة مع روسيا مشيراً إلى استعداد الرئيس الأمريكي للإسهام في انتساب روسيا إلى منظمة التجارة العالمية.
بدوره أعرب بوش عن استعداد الولايات المتحدة لإضفاء طابع الشفافية على جميع المعلومات والتكنولوجيات عند نصب عناصر درعها الصاروخية في أوروبا الشرقية مشيراً إلى أن هذا الدرع هو سلاح دفاعي وليس هجومياً وغير موجه ضد روسيا داعياً قادة بولونيا وتشيكيا إلى إدراك أن روسيا ليست خصما.
وأعرب بوش كذلك عن تقديره العالي لسياسة روسيا تجاه إيران وأشار إلى ان روسيا تدعم البرنامج النووي السلمي لإيران وتقدم لها الوقود النووي اللازم لذلك وترى أنه لايجب على إيران القيام بتخصيب اليورانيوم.
وأعلن بوش عن تاييده لانضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وإلغاء التمييزات في القوانين الأمريكية في مجال التجارة مع روسيا لتخرج العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد.
وعبر بوش عن أمله بإقامة علاقات تعاون مثمر مع الرئيس الروسي المنتخب ديميتري ميدفيديف الذي وصفه بأنه ترك انطباعاً جيداً وهو شخص مستقيم يقول مباشرة ما يفكر به.
وكان ميدفيديف أعلن بعد لقائه مع بوش في سوتشي أن العلاقات الروسية الأمريكية تشكل عاملاً أساسياً للأمن الدولي مؤكداً سعيه لتطوير هذه العلاقات بعد تسلم مهام منصبه رسمياً.
وكان الرئيس بوتين أكد قبل ذلك في اللقاء مع بوش أن الرئيس ميدفيديف سيمثل روسيا في اجتماعات مجموعة البلدان الثماني مشيراً إلى أن السياسة الخارجية في روسيا يحددها رئيس الدولة.
وقد جددت روسيا رفضها لقرار نصب عناصر للدرع الصاروخ الأمريكي في بولونيا وتشيكيا.
وقال بيان مشترك صدر في ختام اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جورج بوش في سوتشي على ضفاف البحر الأسود إن روسيا تعتبر الاقتراحات الأمريكية في هذا المجال مهمة ومفيدة إذا جرى تنسيقها وإقرارها من وجهة نظر تخفيف دواعي القلق الروسي إزاء هذا الدرع كما اتفقت روسيا والولايات المتحدة على مواصلة الحوار المكثف بعد سوتشي في المسائل المتعلقة بالدفاع المضاد للصواريخ سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الجوانب.
واتفق الجانبان أيضاً على مواصلة العمل لتجاوز الخلافات في المسائل المتصلة بتوسيع حلف الناتو وسريان مفعول معاهدة القوات المسلحة العادية في أوروبا.
وأشار البيان إلى أن روسيا والولايات المتحدة ستعملان لوضع اتفاقية ملزمة قانونياً بدلاً من معاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية التي ينتهي سريان مفعولها العام القادم.
وأكد الجانبان في بيانهما التمسك بالسبل السياسية الديبلوماسية لحل مسألة الملف النووي الإيراني عن طريق المفاوضات بما يضمن الطابع السلمي حصراً لهذا الملف وضرورة تقيد إيران بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرارات مجلس الأمن بما في ذلك الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم ومعالجته.
ورحب البيان بموافقة روسيا على إرسال وقود نووي إلى محطة بوشهر الكهروذرية في إيران واسترداده من هناك بعد استخدامه ما يسمح لإيران بامتلاك قدرة الطاقة النووية دون الحاجة لإقامة مشاريع لتخصيب اليورانيوم ومعالجة الوقود المستخدم.
واتفقت روسيا والولايات المتحدة على تقديم المساعدة للبلدان الراغبة في تطوير الطاقة النووية وإقامة البنية التحتية الضرورية وإرسال الوقود النووي الطازج لها.
وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم مبلغ 50 مليون دولار لتأسيس مصرف دولي للطاقة يتبع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إرسال الوقود النووي بصورة مضمونة إلى الدول الراغبة فيه.
وأكد البيان أن روسيا والولايات المتحدة لاتنظران إلى بعضهما كمصدر للأخطار الاستراتيجية وتنبذان مبادىء الحرب الباردة وتؤكدان سعيهما للعمل المشترك مع الدول الأخرى من أجل التصدي للتحديات والأخطار الجديدة والخروج بالعلاقات الروسية الأمريكية من حالة التنافس الاستراتيجي ووضعها على سكة الشراكة الاستراتيجية والتعاون في مكافحة الإرهاب الدولي وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأشار البيان إلى بقاء خلافات عالقة بين الجانبين مع السعي لتجاوزها بروح الاحترام المتبادل.
هادلي: بوتين وبوش يمكن أن يتركا قضية الدرع الصاروخي لسلفيهما
من جهته قال ستيفان هادلي مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جورج بوش إنه يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبوش أن يتركا قضية الدرع الصاروخي لسلفيهما بعد الفشل في التوصل الى اتفاق خلال لقائهما الأخير كرئيسين.
وقال هادلي في تصريحات أدلى بها من على متن الطائرة الرئاسية الأمريكية عقب محادثات بوش وبوتين حول امكانية التوصل الى اتفاق بشأن الدرع الصاروخى قبل مغادرة بوش للمكتب الرئاسى في كانون الثاني المقبل انه يمكن ترك هذا الملف لسلفيهما.
وأضاف هادلي أن بوتين الذي سيغادر المكتب الرئاسي في موسكو في السابع من أيار المقبل سيخلف قضية الدرع الصاروخي ومسائل سياسية خارجية أخرى وهو أمر جيد من وجهة نظره