إعلان الغردقة للمجتمع المدني العربي حول مفاوضات قمة كوبنهاجن لتغير المناخ
بمناسبة انعقاد الملتقي الثالث للبيئة الساحلية حول ( التغيرات المناخية وأثرها على السواحل العربية ) و بتنظيم من الاتحاد العربي للشباب والبيئة – جامعة الدول العربية ومنظمة الأيسيسكو ..
يتابع المشاركون من 18 دولة عربية أعمال مؤتمر كوبنهاجن لتغير المناخ ومراحل الإعداد والتمهيد لهذه القمة والمفاوضات التمهيدية لها ، وإذ تتمسك منظمات المجتمع المدني المشاركة في الملتقي بالوثائق الصادرة عن جامعة الدول العربية ( المكتب التنفيذي لمجلس وزراء البيئة العرب ) حول رؤية المنطقة العربية لموقف الدول الأعضاء بالجامعة العربية تجاه مفاوضات كوبنهاجن وكذلك تساند منظمات المجتمع المدني رؤية باقي تجمعات الدول النامية سواء المجموعة الإفريقية أو مجموعة دول الجزر لتؤكد المنظمات على ما يلي ..
أولاً : فيما يخص الموقف الدولي ..
1- تطبيق مبدأ الملوث يدفع الثمن والذي أقرته كافة الدول المشاركة في مؤتمر قمة الأرض عام 1992 ضمن أعمال أجندة 21 وكذلك إعلان الموافقة على إطار قانوني لمواجهة ظاهرة تغير المناخ بتوقيع 150 دولة في قمة الأرض عام 1992 وعليه فان الدول الصناعية المتقدمة هي المسئولة عن هذه الأزمة إذ لا يتجاوز مجموع ما تسببه مجموعة دول الجامعة العربية (مثلاً) عن 3.1% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة بينما تكون الولايات المتحدة الأمريكية مسئولة وحدها عن إنتاج 27% من إجمالي ثاني أكسيد الكربون في العالم وكذلك لا يتجاوز حجم دول الاتحاد الأوروبي عن 8% وأمريكا اللاتينية عن من 8 – 12 % من المساهمة، ويبقي في النهاية إن الــ 6 مليار نسمة هم سكان الكرة الأرضية أصبح لكل واحد منهم نصيب 4 طن كربون بينما لم يستهلك هو ذلك واستهلكه أفراد من شعوب أخرى تحاول حكوماتها اليوم التنصل من مسئولياتها.
2- إن احتكار (التكنولوجيا الخضراء) التي هي نتاج البحث العلمي العالمي لكل جهوده لم يفرق فيها بين الغنى والفقير أو دول عالم نامي أو متقدم ولا يجوز احتكاره حيث يمثل هذا الاحتكار نوع جديد من الاحتكار يمكن ان يطلق على الحقبة القادمة حقبة الاستعمار البيئي الذي من خلاله تخنق الدول المتقدمة الدول النامية، ويجب ان تكون هذه التكنولوجيا متاحة للجميع بلا قيود أو حدود وبأسعار تتناسب مع دخول الدول النامية او توازى حجم معاناتها من تدهور بيئي يؤثر على مواردها الطبيعية دون ذنب لها.
3- إن صناديق التمويل الخاصة بأعمال (التكيف مع ظاهرة التغير المناخي) وكذلك برنامج (الحد من الملوثات) يجب أن يعتمد على مساهمة اكبر من الدول المتقدمة والمؤسسات التمويلية الدولية وان رصد 10 مليار دولار سنويا أو إنفاق 1 % من الناتج العالمي سوف ينقذ الكرة الأرضية من هذه الظاهرة السلبية (وحيث انفق العالم 5 % من الناتج العالمي لمواجهة ظاهرة الأزمة المالية العالمية ) فمن المهم إن يتكفل العالم بتوفير الــ 1 % من الناتج العالمي لمواجهة آثار التدهور البيئي من جراء التغير المناخي وحيث إن الدول النامية المتأثرة لا تملك اقتصادياتها إمكانية المواجهة المالية لهذه الظاهرة.
4- إن (نظم الرصد والتنبؤ) للتغيرات المناخية في معظمها تتبع مراكز الرصد والأبحاث العالمية والتابعة للدول المتقدمة، وان إشراك شبكات من مراكز البحوث في الدول النامية لهو واجب إنساني قبل أن يكون ضرورة علمية، وعملية لبناء الكوادر العلمية وتجهيز البنية الأساسية العلمية لشبكات الرصد والتنبؤ، بل والمشاركة في النماذج الرياضية المتبعة للتنبؤ بآثار الأزمة المناخية على الموارد والثروات الطبيعية أصبحت كلها ضرورة واجبة لتجنب الأخطاء العلمية الغير مقصودة، ونفى أي تلاعب في نتائج هذه الأبحاث التي سوف تغير سياسات الدول في القرن الحالي وفي هذا المجال فان تمويل تشغيل شبكة من الأقمار الصناعية ونظم الاستشعار عن بعد هو ضرورة؟؟؟؟؟
5- إن التنوع البيولوجي هو القطاع الأكثر تأثراً في الدول النامية وهو القطاع الأقل تمويلا وتوفيرا للأموال والإمكانيات في تلك الدول، وعليه فان تبنى برنامج دولي لحماية هذا القطاع وحماية الأنواع من الانقراض وتمويل مشروعات الحماية والإكثار يشكل ضرورة عاجلة لهذه النظم التي لن تنتظر طويلا لتوفير التمويل المحلى لها في دول بالكاد تفي باحتياجات رغيف الخبز.. !!
ثانيا : ما يخص دول المياه العربية ..
1- إن التعاون والتنسيق بين الدول والحكومات العربية إن لم يكن واجبا في قطاعات أخرى فهو ضرورة لازمة في أزمة تغير المناخ وقد تلاحظ أن الجامعة العربية قد ألقت بالمسئولية على وزراء البيئة العرب وهو خطأ شائع في الدول النامية حيث تقع مسئولية مواجهة أزمة تغير المناخ على كل الوزارات وليس على مستوى وزارات البيئة، وهو أمر يستدعى دعوة رؤساء الحكومات في اجتماع عاجل لعرض آثار هذه الأزمة عليهم وضرورة تبنى إرادة سياسية عربية قوية لمواجهة هذه الظاهرة وإلزام الوزارات المعنية مثل الزراعة – الإسكان – السياحة – الصناع – البترول والطاقة – النقل وغيرها من الوزارات المعنية من خلال طرح برامج على 3 خطط خمسة لمواجهة آثار ظاهرة تغير المناخ.
2- إنشاء صندوق عربي لتغير المناخ يساهم في تمويل الأبحاث كمرحلة أولى والمشروعات التجريبية كمرحلة ثانية أصبح ضرورة واجبة لتكاتف الدول الغنية العربية مع شقيقاتها ذات الدخل الأقل، ومساهمة الدول العربية من خلال هذا الصندوق تشكل Seed Fund مجرد مساهمة تحفيزية للدول العربية لكي تضع الموازنات لتمويل مشروعات التكيف مع الظاهرة ، وتلك المسئولة عن الحد من الملوثات ..
3- إن إنشاء المركز العربي لبحوث تغير المناخ ( وقد يكون المركز الذي أنشأته المملكة السعودية ) وخطوة مطلوبة في القريب العاجل لتوفير المعلومات الدقيقة عن هذه الظاهرة، حتى لا نظل ضيوف على البحث العلمي في هذا المجال.
4- أن وزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية العربية مسئولة لتقديم نماذج جديدة لمشروعات التنمية الاقتصادية تراعى البعد البيئي بل ويكون احد شروط كافة مناقصات المشروعات القومية والمحلية حتى تتجنب الدول العربية مزيد من الخسائر في اقتصادياتها ويدخل في ذلك إعادة تخطيط استخدام الأراضي داخل الدول وكذلك البعد عن المواقع الخطرة المهددة بالغرق أو التجريف وكذلك مراعاة مواقع ومسارات الأعاصير والرياح والتنبؤ بشدة هذه المسارات.
5- إن نموذج "حياة الرفاهية" التي تعيشها كثير من الأسر العربية أصبح واجبا للمراجعة في الحد من الاستهلاك والحد من الزيادة السكانية في ظل فقر مائي وفقر طاقة وفقر موارد طبيعية وغذائية المنطقة مقبلة عليه.
6- إن أزمة الغذاء العربي تحتاج تدخل عاجل للتعاون بين الدول العربية وجيرانها في آسيا وأفريقيا والبحث عن أراضي في الدول الصديقة وتعتبر التركيب المحصولي داخل البيئة العربية هو الحل الوحيد المتاح حتى لا يأتي يوم لا تفي الدخول المالية العربية باحتياجات الغذاء
7- إن أزمة الصحة وانتشار الحوادث والكوارث والأمراض يحتاج خطة عاجلة لتوفير البنية الأساسية اللازمة لذلك.
وختاماً – هذا نداء للدول المتقدمة ..
إن إعلان واشنطن عن رفض وثيقة كوبنهاجن المقترحة لا يعبر عن السياسات التي أعلنها الرئيس أوباما حال انتخابه، ويعتبر موقف دول الاتحاد الأوروبي هو أقرب المواقف للعدالة، ولكن كلا من الصين والهند وروسيا والبرازيل مطالبة أن تعلن عن أعلى نسبة خفض لانبعاثاتها بعد أن تأخرت طويلاً في الانضمام لهذه السياسات.
ولكن منظمات المجتمع المدني العربي تساند مواقف منظمات المجتمع المدني الدولي مثل جرين بيس Green Peace وأصدقاء الأرض Friends of the Earth في ضرورة انصياع الدول المتقدمة للآليات اكثر عدالة سواء في (شراء حصص انبعاثات الدول النامية) بحيث لا يوقف نمو هذه الدول وهو ما يطلق عليه ( آلية التنمية النظيفة ) التى تفرح بها الدول النامية حاليا ببضع دولارات ولكنها ستخسر فرصتها في النمو الاقتصادي على المستوى القريب والمتوسط.
ولكن آلية " المشاركة والاتفاق " بين الدول المتقدمة في تعاونها للحد من ظاهرة التغير المناخى تحتاج مزيدا من هذا التعاون نظراً للبطء الشديد الذي تعانى منه هذه الآلية.
ويبقي أن " تجارة الكربون " والوساطة والسمسرة التي تعانى منها ومحدودية نجاحها هي الأمل لخفض الإنبعاثات الموازى للنمو، ولكن النمو هو للجميع وليس للدول المتقدمة فقط.