في الذكرى الثانية رحيل ( حكيم القدس ) ..! .. بقلم د. صلاح عودة الله
رجل بألف رجل , بل أكثر .. أنه الدكتور أحمد المسلماني ..
في الذكرى الثانية لرحيل"حكيم القدس"..! من الصعب أن يكون الانسان طبيبا ومناضلا وقائدا ومعلما..لكن هذه الصفات مجتمعة أبت الا أن تنفرد وتكون في شخصية انسان قلما تنجب الأرحام مثله..انسان عاش من أجل أبناء شعبه..كانت حياته ملكا للاخرين المعدومين, وما أجملها من حياة, وكما قال شكسبير:"ان أجمل وأنجح وأفضل حياة تستحق أن تعاش هي تلك الحياة التي تعاش من أجل الاخرين"..انه الدكتور أحمد المسلماني.
وآهٍ من الحرفِ لمّا يغيب، ففيكَ تكونُ الحروفُ تحدٍ،، وفيكَ تصيرُ اللغاتُ سرابْ،،نعمٌ بحسرةْ، ففيك تكون اللغة مستحيلةْ ، وتعيشُ الحروفُ أزمةَ المعنى الجليلْ ، وبين الرجالِ يصعُب الحديثُ بنعومة، فلا تبتئسْ إن كانت الكلماتُ فيها وجعْ، وظاهرةٌ على محيّاها الدموعْ..فما هذا العذابُ يا رفيقي بل يا أعز الرفاق؟.
ما أن نبدأ في فهم الحياةِ حتى نموتْ..وما أن نستلذَ العيشَ موطناً في الأرضِ حتى يداهمنا الرحيل، لم تتغير القصة منذ الأزلْ وماضية هي حتى الأبد..يبقى أن أناديك من شرفةِ المستحيلِ,هيّا تعالْ، تعالَ علّمنا مما عُلّمت وعملت، علّمنا مما علمتكَ الحياةُ ان تكون عظيم الوطنيين المخلصين، وارسم لنا في زمان الضياع إتجاهٍ و رؤياْ نلوذ بها.
صادفت يوم أمس الجمعة الذكرى السنوية الثانية لرحيل الرفيق والزميل والمناضل العزيز الدكتور أحمد المسلماني" أبو وسام"..نعم قبل عامين وفي غفلة من الزمن، وموعد غير متوقع، غادرنا رجل قل نظيره في التضحية والعطاء والكفاح والنضال والوفاء، عرفته كل ساحات العمل الوطني، ومارس كل أشكال وأنواع النضال، وترك بصماته فيها جماهيرياً، سياسياً، كفاحياً، اعتقالياً، مجتمعياً وإنسانياً..رحل الرجل الذي استحق وبامتياز لقب" حكيم القدس وضميرها" تماما كما استحق الشهيد الدكتور جورج حبش لقب" حكيم الثورة الفلسطينية وضميرها..ويا لسخرية القدر, في كانون ثاني عام 2008 رحل الحكيمان.. ففي الثامن منه رحل حكيم القدس عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن عمر يناهز الخمسة عقود, وفي السادس والعشرين منه رحل حكيم الثورة الفلسطينية ومؤسس الجبهة الشعبية وحركة القوميين العرب د. جورج حبش عن عمر يناهز الثمانية عقود.
لا ندري لماذا في هذا الزمن الصعب، زمن الانكسار والتراجع، يغادرنا الرجال الأوفياء، المبدئيين، المخلصين، زمن نحن في أشد الحاجة فيه إليهم..ولكن لا بأس يا رفيقنا كن واثقاً، أننا سنبقى أوفياء لكل أهدافك ومبادئك، وسنواصل السير على هديك ودربك ونهجك، ولن نسلم الراية أو نساوم على مبادئنا وحقوق شعبنا وسنستمر في النضال والكفاح حتى يبزغ فجر الحرية وغد مشرق لأبناء شعبنا الفلسطيني.
ولد الرفيق العزيزد. احمد المسلماني في مدينة القدس في قلب بلدتها القديمة عام 1958 وتلقى تعليمه في مدارسها، واكمل تحصيله العلمي في الجامعات الرومانية حيث درسنا الطب العام وتعرفت اليه هناك وكان هذا في اواخر سبعينيات القرن الماضي، واكمل مسيرته في تأسيس وبناء وقيادة مؤسسة لجان العمل الصحي، وليصبح مديرها العام، رغم ثقل المهام والمسئوليات عليه.
لقد كنت المناضل العنيد، والجسور في مواجهة الاحتلال، والمدافع الصلب عن حقوق شعبنا في العودة والحرية وتقرير المصير، مضيفة أنه شكل بذلك نموذجاً لحزبه ورفاقه وأبناء شعبه في الشجاعة والعطاء، ونكران الذات والثبات على المواقف والمبادئ، وفي بناء مؤسسات الوطن الصحية والمجتمعية. ان الرفيق والزميل العزيزالراحل يعتبر أحد أعلام العمل الأهلي في فلسطين، وله دور بارز في حشد التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم المقاومة الشعبية لمشاريع الاحتلال الإسرائيلي التوسعية، والذي ترك بصمات واضحة برؤيته للعمل التنموي والأهلي في فلسطين، إضافة إلى دوره البارز في تقديم الخدمات الصحية للمحتاجين من أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف المواقع والتجمعات السكنية. القائد والرفيق العزيز “أبو وسام” كما كنت كبيراً في الحياة، فأنت كبير في الممات ، فالقدس التي أحببتها وولدت وترعرعت فيها، وظليت مدافعاً عن أرضها وعروبتها وإسلاميتها، ووفياً لها حتى الرمق الأخير، خرجت عن بكرة أبيها في وداعك ، حتى الذين اختلفت معهم، وكان وداعك بالحجم والقدر الذي يليق بك، وبتاريخك ووفاءك ونضالاتك، وكان وداعك عرس وطني للقدس، لم تشهده منذ كثير من سنوات خلت، والعلم الفلسطيني الذي طالمت تغنيت به ودفعت ثمنه دماً وسجون، من أجل ان يبقى خفاقاً ، ويرفرف عالياً فوق مآذن وكنائس القدس، رفرف عالياً في مسيرة وداعك، وأقسم كل الرفاق والأصدقاء والمحبين، أنهم سيستمرون في السير على نهجك ودربك ، حتى يبقى علم فلسطين ، يرفرف وللآبد فوق كل هضاب وشعاب القدس، القدس التي عشقتها واحتضنتك في جوفها..كيف لا وقد كنت احد ابرز المدافعين عنها. بفقدان الدكتور المسلماني، غاب أحد أبرز رموز العمل الأهلي في فلسطين، تاركاً خلفه إرثاً نضالياً من العمل الدؤوب والمثابر في خدمة أبناء شعبه وقضيته الوطنية, ولكن لا بأس رفيقنا كن واثقاً، أننا سنبقى أوفياء لكل أهدافك ومبادئك، وسنواصل السير على هديك ودربك ونهجك، ولن نسلم الراية أو نساوم على مبادئنا وحقوق شعبنا وسنستمر في النضال والكفاح حتى يبزغ فجر الحرية وغد مشرق لأبناء شعبنا الفلسطيني. سأظل افتقدك يا رفيقي العزيز ولن انساك ما حييت, فالعظماء لا يموتون أبدا..والى الأخت"أم وسام" والأولاد والعائلة المعطاءة أقول:قلوبنا معكم ستبقى الى أبد الآبدين..والى الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والذي كان الرفيق عضوا في لجنتها المركزية العامة نقول, ان الجبهة"حلوب" لم ولا ولن تبخل في انجاب القادة العظماء..في ذكرى رحيلك الثانية يا "أبا وسام", لن ننثني يا سنوات الجمر واننا حتما لمنتصرون..وهنا أستذكر قول القائل: سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم ***و في الليلة الظلماءِ يفتقد البدر.