من حوران إلى القلمون المتعة مستمرة
«دعونا نمشي فقد تأخرنا عن رؤية العجائب التي سمعنا عنها، فالساعة ناهزت الثامنة ولابد لنا أن ننطلق». كلمات مفعمة بالشوق لرؤية التحف الفنية الموجودة في أرجاء بلدنا الحبيب شمال دمشق،
قالها السيد أسامة المستريحي مخاطباً المهندس يونس الشلبي رئيس فرع درعا لجمعية العاديات وذلك أمام المركز الثقافي بمدينة درعا قبل أيام، تنفيذاً للرحلة العلمية التي كانت الجمعية قد أعلنت عنها في وقتٍ سابق.
وفعلاً فقد انطلقت القافلة متجهةً صوب معلولا الجاثمة بين صخور الجبال، نزل أفراد الرحلة أمام كنيسة القديسين سركيس وباخوس، سرعان ما رأوا نافورةً في غاية الجمال موجودة أمام الدير الكائن في أعلى قمة بالجبل الأشم، وفيها ماء نمير بارد شربوا منه شاكرين المولى عز وجل على هذه النعمة. دخلوا من الباب الضيق للدير فعاجلهم أحد القائمين عليه بكلمات الترحيب الأصيلة، داعياً إياهم للدخول والتمتع بجمال الكنيسة الأثرية التي يحتويها المكان.
فقدمت آنسة لطيفة من الدير شرحاً مفصلاً عن الكنيسة الأثرية، التي ترجع بتاريخها للفترة الممتدة بين 313-325 للميلاد، وكانت معبداً وثنياً مكرساً لإله الشمس. وأنها على شرف القديسين "سركيس وباخوس" من مدينة الرصافة الفراتية. وفيها الكثير من العناصر الحجرية القديمة، وبعض الأخشاب التي يعود تاريخها لألفي عام، وقد وضعت فوق سواكف الأبواب حمايةً للمكان من الهزات الأرضية. قبل أن تستمع لأسئلة الحاضرين واستفساراتهم وتودعهم بمثل ما استقبلتهم. ثم تجول أعضاء الوفد في أجنحة الدير فشاهدوا متحف التقاليد الشعبية والصور والكتب السياحية والأثرية.
تابعوا مسيرهم مشياً على الأقدام إلى الفج الصخري، الواقع للشرق حيث الممر العجائبي، والقبور الصخرية والأقنية والكوات الجدارية التي لا تشعر المرء بالملل، وصولاً لكنيسة القديسة "تقلا" في بطن الجبل التي تتميز بجمال لا مثيل له.
«دعونا نحزم أمتعتنا ونتابع المسير باتجاه صيد نايا». قال المهندس يونس الشلبي فلا يزال أمامنا متسعاً لرؤية المزيد من الأماكن الجميلة. ركبوا الحافلة وانطلقوا باتجاه المدينة الدينية الأخرى التي تعني بالسريانية الآرامية (سيدتنا)، وصعدوا درجاً جميلاً لكنه لا يخلو من الصعوبة. في الدير يوجد كنيسة ذات طرازٍ مصلب فيها الكثير من الأيقونات، وتجولوا في أقسامه.
الساعة ناهزت الخامسة مساءً ولابد للطيور أن تعود إلى أعشاشها، إنما لا مشكلة في وجبة خفيفة وقسطاً من التسوق في (التاون سنتر) على طريق العودة. نزل الجميع متجولين في أقسام المول الضخم. سرعان ما قال الشاعر عبد الكريم الحمصي: «ما هذا؟! إنه شيء في غاية الروعة، لم يكن على أيامنا في الستينات كل هذا الزخم، أتمنى للأجيال الحالية أن تتنعم بهذا التطور».
وصلت الحافلة للمكان الذي كانت قد انطلقت منه، وافترق الجميع بعد يومٍ ميداني لم يخلو من المتعة والفائدة. ختم الشلبي الأمور بالقول: لا تذهبوا بعيداً ففي الشهر القادم نيسان 2010م، أنتم على موعد لرحلة أخرى للمنطقة الوسطى حمص وحماة.