الدين والسياسة والارهاب بقلم المهندس باسل قس نصر الله
تسارعت – في الماضي القريب – الايام لا بل السنين، تخللتها عدة حروب واحداث مريعة تسترت تحت ستار الدين، فكانت هذه الاحداث تتم تسميتها بالارهاب من طرف وبالجهاد في الطرف الآخر. وكان من بعض النتائج التي فرضتها هذه الاحداث ،
ايجاد اقسام جديدة أمنية في كل بلاد العالم تقريبا هدفها مكافحة الارهاب الذي أخذ صفة دينية بامتياز.
والسؤال الذي طرح نفسه واعتقدنا أنه جديد هو ما علاقة الدين بالسياسة ؟
لقد ربط الكثير من المفكرين – قديماً – بين الدين والسياسة الى حد كبير ، لا بل اكدوا أن اصلاح السياسة يبدأ بالاصلاح الديني ، فأول من سلك استخدام الدين في الاصلاح السياسي هم حكماء اليونان حيث تحايلوا على ملوكهم في حملهم على قبول الاشتراك في السياسة ، وفي البلاد العربية كان الكندي من الاوائل ، حتى العصور الحديثة حيث ربط الكواكبي ، ربطا وثيقا ، بين اصلاح السياسة واصلاح الدين ، فكشف في البدء العلاقة القائمة بين الحكام والامراء وبين من اسماهم بالعلماء "المدلسين والجهال المتعممين" ، الذين يقفون ضد اي اصلاح ديني ، وينفثون في صدور الامراء " لزوم الاستمرار على الاستقلال في الرأي ، والمحافظة على الحالة الجارية من مبدأ أن كل جديد بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إن الفهم الخاطىء للاسلام هو أحد أسباب، وجود خلل في نقل العلوم الشرعية ، وشرح خاطىء للفقه الاسلامي المنفتح على العالم ، وذلك من خلال اختيار للفتاوى المستندة على طرح متشدد للرؤى الدينية ، وهذا ما أدى الى مظاهر غريبة عن الاسلام لا بل عن كل الشرائع والاديان والاعراف ، فأعطاه – من يدَعون الاسلام – وهو بريء – صفة الدموي والهمجي وغير المنسجم مع الحضارة .
إذا كان للارهاب – والذي خُصِصَت لمكافحته ادارات واقسام امنية في كل الدول – صفة اسلامية ، فكم بالحري الاستعانة بالقراءات الصحيحة للدين ، وذلك في السياسة الخارجية لكل بلد بحيث يساهم الطرح الديني الواعي والمسؤول في تغيير قناعات العالم التي ارساها الارهاب الديني لكل دولة . لأن التحدي الاكبر الذي تجابهه الدول ليس الارهاب بقدر ما هي الوسيلة التي تعتمدها لمحاربته ، والتي تضمن بها امنها دون ان تضحي بحريتها .
ان الشراكة بين السياسة الخارجية والداخلية لدولة ما وبين رجال العلم الاسلامي الصادقين ، سيكون برأي السد المنيع تجاه الفهم الخاطىء والمتشنج الذي يولد الارهاب ، لأن الارهابيون الذين يمسكون البنادق الالية والمفرقعات.. يقف وراءهم.. سندا من الفكر الذي يفلسف هذا الارهاب ، ويقدم له التبرير العقلي.. ويضعه في قالب مقبول من المنطق المغلوط.. ويدس السم في العسل.. وقد يكون هذا العسل نظرية سياسية.. او دعوة اجتماعية.. او شعارا عاما وغامضا وهلاميا له جاذبية وليس له قوام محدد تمكن مناقشته ، ويتم الدفاع عن الارهاب بكل براعة المنطق واساليب التجميل الخادعة لاظهاره بمظهر الحركة الاصلاحية التي تسعى الى احياء القيم النبيلة ، واقامة حكم على اساس جديد من الطهارة والصلاح والتقوى .
كما ان الارهاب لا يمكن فهمه الا في ضوء فهم ما اصبح معروفا الان باسم " الجريمة عابرة القارات " لأن الارهاب يتم التخطيط له في بلد، وتدريب عناصره في بلد ثان ، ويستمد مبرراته الفكرية والعقائدية من مفكرين في بلد ثالث ، ويصل اليه السلاح من بلد رابع ، وتتدفق عليه الاموال من بلد خامس ، وهذا ما يحدو بي الى المناداة بتضافر الجهود الدولية بحيث تساهم كل دولة بتقديم (رجال علم اسلامي – دراسات – مؤتمرات دولية …) أي كل ما يساهم في محاربة الفكر المؤدي الى الارهاب وتسليط الضوء عليه وتقديم الخدمات اللازمة له (سفارات – دعم مادي – مشاركة في مؤتمرات عالمية – …)
عندما أطلق البرلمان الاوروبي في العام 2009 تسمية عام حوار الحضارات ، واختار له شخصيات دينية من مختلف الديانات (المسيحية مثَلها البطريرك المسكوني برتلماوس – البوذية مثلها الدالاي لاما …) كان الاسلام ممثلاً بالشيخ الدكتور احمد بدر الدين حسون مفتي عام سورية ، حيث رحب به رئيس البرلمان الاوروبي قائلا أنه "يمكن القول بأنه المدافع بامتياز في حوار الثقافات العالمية في بلد حيث الطوائف الدينية في تنوعها وحتى هذا اليوم تعيش وتتفاعل مع بعضها بسلام" .
إن الدور التوضيحي الذي قدمه مفتي سورية عن الاسلام الصحيح والحقيقي والكلام الجريء قياساً للمتداول الذي تفوه به والذي جعل اعضاء البرلمان الاوروبي يعتبرونه مفتي الانسانية ، جعلني افكر أن سورية تملك الفكر الواعي ممثلاً برجال علمها الاسلامي ورجال دينها المسيحي والحياة – وليس فقط العيش المشترك – التي تذخر بها والتي يندر تواجدها في العالم ، أقول أن هذه الميزات بحاجة الى اظهارها وتصديرها الى باقي الدول بمساعدة من الجالية السورية المنتشرة في العالم والتي يتراوح عددها حول عشرين مليون مغترب وبمساهمة فاعلة من السفارات لنقل التجربة السورية في هذه الميزات الى العالم للمساهمة في التصدي للفكر غير الصحيح الذي يساهم في ولادة الارهاب .
اللهم اشهد أني بلغت .
اولا المقالة تناولت موضوع نلمسه كثيرا ونراه في هذه الايام وكانت رائعة في تناولها للموضوع الا ان الكاتب الكريم خجل من ان يقول ان الدين الاسلامي ومسوقوه هم الجناة ويجب معاقبتهم (اي الدين والذين يسوقون له) وادنى عقاب لهذه الهمجية هو الاعدام (اعدام الدين)الاسلام لايكون اسلام الا اذا رحم لان ايا دين يجب ان يكون مسالنا وروحانيا وليس اجراميا وعدوانيا لذا يجب التعامل معه وبسرعة لان التاخر بمعالجته يفرز الاف النسخ المشوه والاجرامية وكل تاخير يأخرونا عن اللحاق بركب التطور بمتوالية هندسية .لذا اني احلم بغد يغدو الدين فيه روحانيا جميلا ومحبا للحياة والعيش لا للجريمة والقتل!!!