هذه هي الدنيا .. بقلم زينة حسين
تقول إحدى الأساطير أنّ شاباً قال لوالده : يا أبي لقد أصبحت الآن شاباً وأريد الزواج من فتاة رأيتها وأعجبني جمالها وسحر عيونها..
سُرّ الأب كثيراً لأنّ ابنه أصبح كبيراً ويسعى إلى تكوين أسرة وإلى أن يصبح في مصافّ الرجال ، وقال لابنه : أين هذه الفتاة حتى أخطبها لك يا بني؟
قال الابن : نذهب سويّة إلى منزلها لكي تراها..
فلمّا ذهبا ورأى الأب الفتاة أُعجِبَ بها كثيراً ، وقال لابنه : اسمع يا بنيّ ، هذه الفتاة ليست من مستواك وأنت لا تصلح لها ، هذه يجب أن تكون لرجل لديه خبرة في الحياة لكي تتمكّن من الاعتماد عليه ، وهذا الرجل هو أنا؟؟!
دُهشَ الولد من كلام أبيه وقال له : بل أنا سأتزوجها يا أبي وليس أنت.. تخاصما واختلفا بشأن الفتاة ، وذهبا إلى مركز الشرطة ليحلّوا المشكلة ، وعندما حَكَيا للضابط قصتهما قال لهما : أحضروا الفتاة لكي نسألها مَنْ تريد الولد أم الأب..
وعندما أُحضِرَتْ ورآها الضابط بَهره حسنها وافتتن بها وقال لهما : هذه لا تصلح لكما ، بل تصلح لشخص ذي مركز مرموق مثلي!! وتخاصم الثلاثة بشأنها ، ثم اتّفقوا على أن الحل يكون عند الوزير.. وذهبوا إلى الوزير ، ولكن عندما رآها الوزير سحره حسنها وجمالها وقال لهم : هذه لا يتزوجها إلا الوزراء مثلي!! وعاد الخصام من جديد ، ولكن هذه المرّة اتّسعت دائرته ، ولم يكُنْ أمامهم سوى اللجوء إلى أمير البلدة وهو السلطة الأعلى الذي ستكون له الكلمة الفصل في هذه القضية..
وعندما حضروا جميعاً إلى أمير البلدة ومعهم الفتاة ، قال أنا سأحلّ لكم المشكلة ، قال لهم ذلك وهو مبهور ومسحور ومفتون بجمال الفتاة ، وتطلّع الجميع باتجاه الأمير الذي سيحلّ لهم المشكلة بشكل نهائي..
قال الأمير : هذه الفتاة الجميلة.. الفتانة.. الساحرة.. لا يستحق أن يتزوجها إلا أمير مثلي؟!! دُهشَ الجميع من هذا الحل وعادوا إلى الاختلاف..
سُرَّتْ الفتاة كثيراً عندما أحسّت بأنها ملكت قلوب الجميع ، وشعرت بأن ألاعيبها وخداعها ومكرها قد أدى إلى النتيجة المطلوبة..
وهنا تدخّلت الفتاة وقالت للجميع : أنا لدي الحل الذي سيرضي الجميع!! رضي الجميع بما قالته وبالحل الذي ستقترحه ظنّاً من كل واحد منهم بأنها ستكون له دون سواه.. وسألوها عن الحل.. فقالت : سوف أركض وأنتم تركضون خلفي ، والذي يمسكني أولاً سأكون من نصيبه ويتزوجني!!
رضي الجميع بذلك ، واندفعت تركض بسرعة مذهلة وخلفها ركض الجميع الشاب والأب والضابط والوزير والأمير..
وفجأة وبينما هم يركضون خلفها بحماس وعزم وقوة سقط الخمسة في حفرة عميقة كانت في طريقهم وهم يركضون ، وضمن هذه الحفرة كانوا كلهم سواء..
كانوا ضحية مكر الفتاة ، التي عادت ونظرت إليهم وهم في قعر الحفرة ، وقالت لهم ساخرة : هل عرفتم مَنْ أنا ؟! أنا التي يقتل من أجلي الإخوة والأحبّة ويصبحون ألدّ الأعداء وأوصلهم إلى هذه الحفرة ، دون أن يتّعظ لاحق بسابق… أنا الدّنيا ؟!!
************************************************
زينة حسين/طرطوس
احسنت واتقنت فعلا عمل رائع لفكرة جميلة غابت عن اذهان الناس ونسيو انهم في هذ الدنيااغرورة
اسلوبك الهادئ وعناصر التشويق التي تخزنها كلماتك وجملك توصلنا إلى نتائج غير متوقعة
وتنير زوايا كانت الظلمة قد نسجت شباكها على ذاكرتنا
شكرا لفكرك النير