سياسية

سياسة أولمرت الشارونية مرهونة بـتأييد واشنطن لها

يحاول أولمرت في أول زيارة له في واشنطن وضع نهاية لخارطة الطريق الدولية التي تتمسك بها واشنطن والفلسطينيون يدينون خطة أولمرت أحادية الجانب ويصفونها بأنها محاولة لحرمان الفلسطينيين من دولة تتمتع بمقومات للبقاء.

يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم الثلاثاء 23 أيار / مايو خلال أول زيارة له لواشنطن بعد توليه لرئاسة الحكومة محادثات في وزارة الدفاع الأمريكية والبيت الأبيض ساعيا إلى تنسيق السياسة الإسرائيلية وتوضيح توجهاتها الرئيسية بشأن الصراع مع الفلسطينيين والأزمة النووية الإيرانية. وكان أولمرت قد اجتمع مساء أمس على مأدبة للعشاء مع كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية من أجل الإعداد لأول لقاء له مع الرئيس الأمريكي جورج بوش. كما يتوقع أن يلقي إيهود أولمرت كلمة يوم الأربعاء في الكونغرس، وهو ما يعتبر امتيازاً تخص به واشنطن أقرب حلفائها. ومن غير المتوقع أن تتمخض قرارات هامة متعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني عن المحادثات الإسرائيلية الامريكية. فخطة إيهود أولمرت بشأن إعادة رسم خريطة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ما زالت قيد الإعداد. أما الفلسطينيون فقد أدانوا الاقتراحات الإسرائيلية أحادية الجانب ووصفوها بأنها محاولة لسلب الأراضي الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من دولة مستقلة ذات مقومات للبقاء.

"التفاوض مع عباس أولا"
صرح كبار المسئولين الأمريكيين أن بوش متردد في الموافقة على أفكار أولمرت إلى حين اقتناعه أن الخطة المقترحة من قبله لن تعرض في نهاية المطاف محادثات الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين للخطر. فواشنطن تريد من أولمرت أن يحاول أولا التفاوض مع عباس. وقد وافق أولمرت على إجراء محادثات مع الرئيس الفلسطيني، ولكنه قال إن عباس لا حول له ولا قوة بعد تولي حماس زمام الحكم في الأراضي الفلسطينية. وفي هذا الصدد قال السفير الإسرائيلي في واشنطن داني أيالون إن قمة السلام بين أولمرت وعباس لن تكون في جدول أعمال المحادثات التي ستجرى في واشنطن اليوم الثلاثاء. وقال أيالون لراديو إسرائيل في اتصال هاتفي:"ما سيتم بحثه هو الموقف الفلسطيني الداخلي وكيف يؤثر على فرص التقدم نحو الوصول إلى تسوية سلمية." وفي السياق نفسه صرح مسئولون إسرائيليون بأن تنفيذ خطة أولمرت سيأتي في إطار عملية تدريجية. كما أنه من غير المرجح أن يدخل بوش، الذي أضعفت موقفه حرب العراق في مبادرة دبلوماسية جديدة في الشرق الأوسط في أي وقت قريب." وقال مسئول إسرائيلي إن أولمرت " بحاجة إلى إقناع الولايات المتحدة بأن إسرائيل قد استنفذت كل الفرص وأنه ليس أمامها خيار آخر وأن عليها أن تمضي قدما في فصل الارتباط من جانب واحد."

مستقبل خطة الإنفصال في مقدمة جدول الأعمال
يعتزم أولمرت بموجب خطته المقترحة للضفة الغربية، وفي حالة عدم استئناف محادثات السلام وما يصفه بغياب شريك فلسطيني، إزالة المستوطنات اليهودية المعزولة في الضفة الغربية وتجميع التكتلات الاستيطانية الكبرى التي تقول إسرائيل إنها لن تفرط بها وأنها ستضع حدودها النهائية في الضفة الغربية بحلول عام 2010. كما أعرب أولمرت أنه يفضل التوصل إلى اتفاق عن طريق إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، غير أن الآمال بتحقيق توصل سلمي قد تقلصت مع تولي حركة المقاومة الإسلامية حماس زمام السلطة في آذار / مارس. أما واشنطن فتبقى حذرة حيال خطة الانسحاب الجزئي أحادية الجانب من الضفة الغربية التي يعتبرها الجانب الأمريكي أنها تتعارض مع "خارطة الطريق"، التي وضعتها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) والتي ظلت حتى الآن حبرا على ورق، حيث كان يتعين بموجبها إقامة دولة فلسطينية عام 2005 بعد وقف أعمال العنف ونزع سلاح الناشطين الفلسطينيين وتجميد حركة الاستيطان. ويتحتم على أولمرت إقناع واشنطن بأنه سيبذل قصارى جهده للتفاوض مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل مباشرة الانسحاب الأحادي. يذكر أنه لدى واشنطن عدد من الأسئلة التي لا تزال عالقة بنظرها والتي لا بد لأولمرت أولا من الإجابة عليها قبل مواصلة المحادثات، نحو مسألة أمن الحدود مع الأردن وأمن المواقع الدينية خارج الجدار التي تبنيه إسرائيل ولا سيما وضع هذا الجدار القانوني.

 
"أولمرت يواصل الشارونية دون شارون"
وفي مقابلة تلفونية أجراها موقعنا مع عضو الكنيست السابق والأمين العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي عصام مخول أشار فيها إلى أن "هدف زيارة أولمرت لواشنطن هي كسب الموافقة الأمريكية على برنامجه السياسي الذي خاض به معركة الانتخابات. وهو يعلن في زيارته هذه أيضا عن استعداد إسرائيل لتقديم خدماتها للمخططات الأمريكية في المنطقة، إضافة إلى الحديث عن مستحقات مالية تطلبها إسرائيل من الولايات المتحدة." وفي معرض تقييمه لدور واشنطن في تفعيل عملية السلام وفقا لخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية قال عضو الكنيست السابق: "إن حكومة أولمرت لا تذهب في هذا الاتجاه، بل إنها تسعى بالأحرى إلى مواصلة السياسة الشارونية دون شارون ببعدها الرئيسي وهو الاستمرار في اتخاذ خطوات أحادية الجانب." ووفقاً لرؤية السيد مخول فإن فلسفة هذه السياسة تتلخص في "تحويل مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى مسألة إسرائيلية داخلية والاحتفاظ بالشعب الفلسطيني كشريك في الصراع دون أن يكون شريكا في الحل."

 
كما نفى عصام مخول كون هذه الخطوات مجرد جزء من العملية السياسية ووصفها بأنها بديل للعملية السياسية نفسها. وفيما يتعلق بإمكانية استخدام أمريكا للورقة المالية كوسيلة لممارسة الضغوط على إسرائيل لكي تقوم الأخيرة بدفع عجلة السلام في المنطقة والعودة إلى طاولة المفاوضات قال عضو الكنيست السابق:" إن لدى الولايات المتحدة طبعا كل الإمكانيات للضغط على إسرائيل. وإذا كانت واشنطن معنية بذلك فعلا، لكانت إسرائيل قد قامت بكل ذلك منذ زمن بعيد." وأضاف قائلا: " إذا كان تورط أمريكا في العراق يضطرها إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة، فقد تسهم واشنطن في دفع عجلة السلام. أما إذا كانت مصالحها تشترط أن يبقى الصراع مشتعلا، فإنها تعرف حق المعرفة كيف توحي لإسرائيل بمواصلة التعنت والعناد ورفض الشرعية الدولية ورفض تنفيذ قراراتها."   

المصدر
DW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى