ملتقى دمشق التأميني يدعو الحكومات لفرض تشريعات إلزامية للتأمين ويؤكد دور الإعلام في الارتقاء بواقع سوق التأمين
ناقش ملتقى دمشق التأميني الخامس على مدى يومين بمشاركة أكثر من 500 باحث ومهتم من سورية والدول العربية تطوير التشريعات وتأثيرها على التأمين وتأهيل الكوادر التأمينية
والارتقاء بمستواها والدروس المستفادة من تجربة إعادة التأمين والثقافة التأمينية ودور الإعلام في تنميتها وخلصوا في نهايتها إلى التأكيد على أهمية دور الإعلام في الارتقاء بواقع سوق التأمين العربية من خلال زيادة الوعي التأميني وتعريف المواطنين بمزايا وفوائد هذه الصناعة الحديثة.
وأكد المشاركون ضرورة العمل على زيادة أقساط التأمين في الدول العربية لتتناسب وحجم الاقتصاديات العربية مشيرين إلى أن أقساط التأمين لا تعير الأهمية النسبية لهذا القطاع المهم في الناتج المحلي الإجمالي لاسيما أنها ما تزال ضئيلة جدا مقارنة بأقساط التأمين العالمية.
ورأى الباحثون أن الواقع الذي يعيشه قطاع التأمين يرتبط بضعف اهتمام الحكومات بقطاع التأمين وضعف البنية الاقتصادية لبعض البلدان العربية واعتمادها علي قطاعات إنتاجية تقليدية تمثل المورد الرئيسي للدخل القومي وعدم قناعة الكثيرين بشرعية التأمين وانخفاض الدخول مما لايمكن المواطنين من الإنفاق على شراء وثائق التأمين وانحصار ذلك في الأوساط التجارية والطبقات الغنية إضافة إلى إهمال شركات التأمين نشر الوعي التأميني لدى الجمهور سواء بحاجاتهم والتغطيات التأمينية المتاحة وتوعية الأفراد بحقوقهم التأمينية.
ودعا الباحثون شركات التأمين العربية إلى زيادة الاهتمام بتأمينات الحياة والأشخاص كونها تمثل نحو 60 بالمئة من حجم أقساط التأمين في العالم والعمل على الارتقاء بأداء العاملين في الجهاز الإنتاجي في العديد من الأسواق من حيث الدراية الفنية وتكامل أداء الخدمة التأمينية وتطوير المنتجات التأمينية التقليدية والبحث عن منتجات جديدة والتركيز على المفاهيم التسويقية الحديثة فيما يتعلق بقياسات اتجاهات الأفراد ومفاهيم إرضاء العملاء وتكامل العملية الخدمية.
وانتقد الباحثون تركيز شركات التأمين العربية على مبدأ الربحية من خلال اعتمادها على الاتصال المباشر الذي يؤديه الوكلاء وابتعادها عن الاتصال بوسائل الإعلام لنشر ثقافة التأمين في المجتمع متجاهلة بذلك المكانة الكبيرة التي تحتلها وسائل الإعلام كواحدة من أهم روافد تشكيل الفكر وبناء الرأي العام وتحديث أنماط الحياة في المجتمع المعاصر واقتصار اتصال شركات التأمين بالإعلام على نشر إعلانات دعائية تصب في خانة مصلحة الترويج لخدماتها.
ورأى هراير كويومجيان رئيس قسم التدريب والتوظيف في شركة أليانز اللبنانية أن اتساع نطاق الوعي التأميني لايمثل هدفا في حد ذاته بل هو وسيلة هامة للتعريف بمفهوم التأمين لدى العملاء من الأشخاص المعرضين للخطر سواء كانوا طبيعيين أو اعتباريين وتحريك رغبة البعض منهم في التأمين إلى دوافع حقيقية تصل إلى مرتبة طلب التامين والاشتراك فيه طواعية، موضحا أن الوصول إلى ذلك الأمر يتطلب الكثير من الممارسات التي تقع على عاتق أجهزة الإشراف والرقابة وعلى شركات التأمين ووسطاء التأمين وخبراء تسوية الخسائر.
وأشار إلى ضرورة تدخل الحكومات في فرض تشريعات إلزامية للتأمين في المدى القصير لحين الارتقاء بالوعي التأميني إلى المستويات المرغوبة خاصة مجال تأمينات المسؤولية المدنية الخاصة والعامة كمسؤولية الأطباء والمعماريين ومجالات التأمينات العامة الأخرى ولاسيما التأمين الصحي الذي يجب فرضه إلزامياً لاعتبارات اجتماعية واقتصادية ضماناً لتحقيق الأمن والأمان لدى الأشخاص المعرضين للخطر.
وأوضح أمين عام الاتحاد السوري لشركات التأمين سامر العش أن أسواق التأمين الناشئة في الدول العربية تنطلق بقوة وفق تدرج تصعيدي ملحوظ وصولا الى الاستقرار مبينا أن تضاعف حجم قطاع التامين في سورية ثلاث مرات منذ عام 2006 ووصوله إلى 3ر14 مليار ليرة يعود إلى الاهتمام بالثقافة والوعي التأميني الذي يعاني منها الوطن العربي بشكل عام.
وأشار العش إلى أن مشاركة أكثر من 70 صحفيا في تغطية أعمال وفعاليات الملتقى ستلعب دورا كبيرا في إيصال الرسالة الإعلامية إلى جميع القطاعات والفئات مؤكدا ضرورة وجود إعلاميين متخصصين بالتأمين أسوة بباقي المجالات قادرين على متابعة تطورات سوق التأمين السورية والمساهمة في تطوير أدائها.
ولفت إلى أن قطاع التأمين السوري قطاع منفتح على إحداث شركات جديدة منبثقة عن شركات تمتلك خبرة كبيرة في العمل والحضور في الأسواق العربية كالشركات المتواجدة حاليا في السوق السورية التي تتميز بالعراقة في هذه المهنة معتبرا أن هذه الشركات تتحمل مسؤولية تطوير السوق وليس فقط حصد الأرباح انطلاقا من أن شركات التأمين تحتاج إلى فترة تأسيسية ثلاث سنوات مع الاخذ بعين الاعتبار أن وجود شركات التأمين يتحدد من خلال الخدمة والسعر وأن كل شركة تمتلك القدرة على تقديم خدمة جيدة وأسعار مستندة الى دراسات اكتوارية ستحقق النجاح مهما بلغ عدد الشركات.
ولفت مدير عام الشركة الإسلامية السورية للتأمين علي نيال إلى أن الملتقى بحث على مدى يومين سبل الوصول إلى تأمين متطور يبشر بإستراتيجية عامة تستفيد من اهتمام الجهات الوصائية بإيجاد سوق احترافي يلبي احتياجات المجتمع السوري من الخدمات والمنتجات التأمينية، معتبرا أن الملتقى ناقش المحاور المطروحة فيه بموضوعية بهدف تطوير سوق التأمين السورية بطريقة علمية تعكس تفاعل الجهات الوصائية وحرصها على زيادة حجم أقساط التأمين السورية.
ولفت المشاركون إلى أن التطور الكبير الذي شهدته شركات إعادة التأمين كان من خلال انفتاحها وتفاعلها على نطاق عالمي مستفيدة من الخبرات والديناميكية المتسارعة في تلبية حاجات كل مرحلة ودورها في تمكين الاقتصادات القومية من مواجهة الكوارث الطبيعية، موضحين أن هذه الشركات ساعدت في إتاحة الإمكانيات اللازمة بما يتلاءم مع التطور العلمي والتخصص في إعادة التأمين.
ودعا المشاركون إلى الالتزام مهنة إعادة التأمين بالشفافية والمهنية والكفاءة أو التخصص والتدرج في الوظيفة والتأهيل مع التركيز على حوكمة الشركات باعتباره المبدأ الأهم في عملها متوقعين أن تشهد الفترة القادمة نموا ملحوظا في دور وسطاء التأمين وإعادة التأمين المحترفين.
والأمر المؤكد أن نجاح تجربة قطاع التامين يتطلب زيادة رؤوس أموال الشركات وتطبيق اساليب الرقابة الحديثة على التأمين مع ضمان أن تكون نسبة الشركات من الأخطار التي تقبلها مناسبة والاهتمام ببحوث السوق اضافة إلى التعامل بحرفية مع العمل التأميني في سوق تنافسية تتسم بها غالبية أسواق التأمين العربية وتقديم تغطيات تأمينية مناسبة ووضع إستراتيجية تسويق واضحة مع تطبيق معايير الحوكمة وتأهيل كوادرها الفنية والعلمية.