تحقيقات

الاقتصادي هاني مخلوف في حوار لزهرة سورية : تطوير الاقتصاد لا يحتمل التأخير، والتسويف، والخوف

المطلوب مشاريع اقتصادية تستوعب الشباب الذي يبحث عن فرص للعمل , الدراما صناعة مهمة لأنها تعنى بالفكر و هي توازي الصناعات الثقيلة ..

منذ اللحظة الأولى بدا لنا ودوداً طيباً مضيافاً رأيناه وسط مجموعة من مدراء شركاته يناقش المهندسين والفنيين مناقشة الخبير بأدق تفاصيل الأعمال الهندسية والفنية.. يوجه.. شخصية هادئة تشع ذكاء.. متحدث.. متابع لما يدور في العالم من تطورات.. يحلل الأحداث بنظرة ثاقبة وعقل منفتح.. رجل أعمال يحاول وضع علامات مميزة في مسيرة الاقتصاد السوري.. انه رجل الأعمال السوري المتميز هاني مخلوف صاحب مجموعة الهاني التجارية المتنوعة في اختصاصاتها والموزعة في مهامها بين الصناعة والتجارة والخدمات والدراما . فمن أعمال التعهدات إلى التجارة الداخلية والخارجية إلى السياحية إلى العمل في مجالات النقل البري والبحري وأخيرا ولن يكون أخراً هو مشروع معمل الكلس.و لا يقتصر وجود رجل الأعمال السوري البارز على مجال واحد إنما نجد بصماته في أكثر من مجال، هذه المحاور احتلت حيزاً كبيراً من الحوار نظراً للأهمية التي تلعبها في الاقتصاد السوري وفي التنمية لاسيما مع السعي الحثيث الذي يبذله هاني مخلوف لتنشيط هذا المجال . 

* تعمل منذ مدة على وضع بصمة في الصناعة السياحة في سورية حيث تعد السياحة بنظر الكثير من المجالات الآمنة للاستثمار (لتوافر موادها الأولية)، فهل هذا ما دفعك نحوها؟ 

بالنسبة للسياحة في سورية، فهي تتمتع بكل أنواع الجذب السياحي، إذ تتوفر لديها المواد الأولية وجميع أنواع السياحة من آثار وبحر. بمعنى آخر لديها البنية التحتية وتنقصها البنية الفوقية.هناك نقص هائل في الفنادق في سورية. وهذا خطأ حصل ولا مجال لتعداد أسبابه. إذا ما قارنا ما بين سورية و الأردن، نجد أن كل السلاسل الفندقية موجودة في الأردن منذ 20 عاماً، بينما في سورية لا يوجد سوى عدد قليل ،وهذا لا يعقل، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار مساحة الأردن ومساحة سورية. كذلك إذا قارنا ما بين سورية ودبي، و إذا تأملنا دبي فهي تضم 440 فندقاً.يجب مجاراة المتغيرات العالمية، لم نعد نستطيع التكلم بالسياحة كما كنا نتكلم بها قبل 20 سنة. إذا أردنا الحديث عن السياحة يجب الحديث عن سلسلة كاملة، لأن كل هذه العوامل مرتبطة يبعضها. فموقع سورية الاستراتيجي المتميز يجعلها بلداً سياحياً بارزاً لكن ما من خطوات لتفعيل ونمو السياحة. وهنا تجدر الإشارة إلى أننا لن نستطيع العمل بلا انسجام في القوانين بين مختلف القطاعات.ويمكن القول إن السياحة أضحت العمود الفقري في الاقتصاد الوطني للعديد من البلاد، منها على سبيل المثال النمسا. ونحن في مجموعة الهاني اليوم ننجز مشروع «سياحي » في ما يتعلق بالفندقة بمدينة اللاذقية . 

* من الواضح أن الرئيس بشار الأسد يسعى إلى تطوير الاقتصاد من خلال إتباعه نهج الانفتاح وتشجيع إنشاء المصارف الخاصة. إلى أي مدى تعتبر هذه العوامل مساعدة لتنشيط السياحة؟ 

ـ الرئيس الدكتور بشار الأسد يبذل جهوداً جبارة في هذا المجال لكن للأسف بين حين وآخر تعترضه ظروف سياسية تعيقه وتأخذ الكثير من وقته المخصص للانجازات الاقتصادية. ثم برأيي انه ولتطوير الاقتصاد يجب توظيف كوادر متخصصة وحالياً هي غير متوفّرة. الخبرات محدودة جداً ويجب الاستعانة بالكفاءات الأجنبية. تطوير الاقتصاد عمل يحتاج إلى خبرات على مستوى دولي كي توجد سورية على خارطة الاقتصادية العالمية. لذلك يجب أن يكون التطوير ضمن مناخ استثماري متكامل. فلا بد من إيجاد هذا المناخ وحلول لتجاوز التشريعات القديمة. تعديل هذه التشريعات أمر بالغ التعقيد فلذلك أرى انه من الأفضل إصدار تشريعات جديدة وإلغاء القديم بدلاً من تجديدها. 

* تشهد سورية انفتاحاً اقتصادياً ملفتاً. إلى أي مدى من الممكن أن يشجع ذلك رجال الأعمال العرب على الاستثمار خصوصاً بعد عقد ملتقى الاستثمار بدمشق ؟ 

ـ تحاول سورية التحول من اقتصاد اشتراكي موسع إلى اقتصاد سوق وذلك يحتاج إلى عدد من المقومات و الإجراءات – تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن- ، الظروف السياسية التي كانت تشهدها المنطقة تعيقنا بالإضافة إلى عدم توفر الكوادر البشرية. الحل يكمن في استعادة السوريين العاملين في الخارج لان هذه الخبرات لا تخلق بين يوم و أخر وتتطلب جيلاً كاملاً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن وجود الجامعات الخاصة يفيد جداً. 

* ألا ترى بأن القطاع الخاص في سورية لم يتمكن هو أيضا من مسايرة المتغيرات، فضلاً عن أن مسؤوليته الاقتصادية تقتضي مساعدة الدولة في تحمل هذه المسؤولية؟ 

ـ صحيح أن القطاع الخاص لديه إمكانيات جيدة، ولكن المشكلة أن هناك جفاء وفراغاً بينه وبين الجهاز الإداري، هناك فجوة بين الطرفين والسبب أن الجهاز الإداري لم ينتقل بعد للعقلية التي نحتاجها اليوم. فدور الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش التي يرتعد لها كل موظف أصبح يقتصر على معاقبة وملاحقة المخطئين من الموظفين، في حين نراها تتجاهل تشجيع الموظفين الذين يبدعون في أعمالهم أو قاموا بأعمال جيدة. لا بد من أن يكون هناك تحديد واضح للصلاحيات والمسؤوليات، وفي حال الخطأ تكون الجهات التي تعالج الخطأ جهات كفوءة، وليس بعقلية العقاب فحسب. من هنا أصبح الموظف في الرتب العليا يرتعد للتوقيع وهذا أمر خطير، لأن تطوير الاقتصاد لا يحتمل التأخير، والتسويف، والخوف. وبالعودة لدور القطاع الخاص فإن هذا القطاع قام بعدة خطوات مهمة في سبيل تعزيز مسيرة التطوير والإصلاح الاقتصادي ودعم هذا التوجيه. 

* سورية تسير في اتجاه تعزيز مناخ استثماري جديد وقد خطت في هذا الاتجاه خطوات متعددة. إلى أي مدى ترى أن هذه الإجراءات قادرة على جذب المزيد من رؤوس الأموال السورية؟ 

ـ هذه مشكلة حقيقية. لا يوجد تفهم لمعنى عبارة مناخ الاستثمار، بالشكل المطلوب، الجميع يتحدث عن الرغبة في مناخ الاستثمار، وأنه يسعى إلى ذلك، لكن الرؤية لمناخ الاستثمار ليست موجودة بالشكل المطلوب. فمثلاً تلجأ الدولة لتقديم مزيد من الإعفاءات الضريبية، أو التسهيلات، من خلال المجلس الأعلى للاستثمار ، ودعني هنا أضع لك تعريفاً لمناخ الاستثمار بالقول إن هناك فرقا بين الاستثمار، ومناخ الاستثمار، والمشكلة هي تفهم هذا الفرق. البيروقراطيون يعتقدون أن مناخ الاستثمار ليس سوى إعطاء التسهيلات والإعفاءات الضريبية، وهذا تفسير خاطئ لمعنى مناخ الاستثمار والذي يعني جملة من الإجراءات المالية والقانونية التي تفرز مناخاً استثمارياً جديداً. 

المطلوب اليوم مشاريع اقتصادية تستطيع أن تستوعب هذا العدد الهائل من الشباب الذي يبحث عن فرص للعمل، وتستطيع أن تجد حلاً جذرياً للبطالة المقنعة الموجودة في القطاع العام، تستطيع أن تجد فرص عمل لآلاف الخريجين في كل عام. معنى ذلك أن الموضوع أعقد وأعمق من قرار. إن عماد مناخ الاستثمار هو الثقة في الاستثمار وفي استمرار يته، وهذه تأتي من خلال الثقة في القانون، وفي مصداقية كل الجهات الرسمية المعنية في تطبيق النصوص القانونية والعقدية، واحترام استقلالية القضاء، وعدم الاجتهاد الشخصي في مورد النص الصريح. 

* مجموعتكم في الاتحاد العربي لمرحلي البضائع و اللوجستيات حدثنا عن عمل الاتحاد ؟ 

من أهم المؤسسين لهذا الاتحاد كانت عدد من الشركات السورية وأهمها شركة سنجار إحدى شركات مجموعة الهاني التجارية وشركة أطلس وجمعية مؤسسي شحن البضائع وشركة مالكي لشحن البضائع وعدد من الشركات العراقية والليبية والمصرية . وأهمية قطاع ترحيل البضائع والخدمات اللوجستية المرافقة تأتي من إنشاء اتحاد عربي يكون مرجعاً ومشجعاً للتعاون بين كافة الشركات العربية العاملة في هذا القطاع وكبر عدد الشركات العاملة فيه وحجم الاستثمارات في هذا المجال تلاقي رغبة هذه الشركات لخلق آلية عربية لمواكبة التطورات والتكتلات الاقتصادية العالمية من خلال تفعيل عمل الاتحادات العربية النوعية و الجمهورية العربية السورية حكومة وشعباً من أوائل الدول العربية التي تشجع إقامة هذه الاتحادات من خلال التسهيلات والخدمات التي تقدمها لمكاتب وفروع وموظفي هذه وكان لسورية شرف استضافة المكتب الإقليمي للاتحاد بعد صدور قرار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية رسمياً وبعد موافقة الحكومة السورية . 

*العلاقة السورية التركية إلى أي مدى ساهمت بدفع عجلة الاقتصاد ؟ 

الزيارات الاقتصادية التي حدثت بين القطاع الخاص في سورية وتركيا هامة جداً ", هناك إرادة مشتركة لإنشاء شراكة اقتصادية حقيقية تخدم مصالح البلدين". فقد ووقعت سورية وتركيا, خلال أعمال الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي السوري التركي الذي عقد بدمشق, على 51 اتفاقية ثنائية في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية من بينها اتفاقيات تعاون في مجالات البحث العلمي وإحداث برامج علمية مشتركة. 

ماذا عن الدراما ؟ 

الدراما صناعة مهمة لأنها تعنى بالفكر وكل صناعة تعنى بالفكر هي صناعة توازي الصناعات الثقيلة فقد بدأنا بهذه الصناعة منذ عامين فأنتجنا مسلسل شركاء يتقاسمون الخراب ومسلسل رجال الحسم واليوم نحن بصدد التحضير لمشروعين دراميين جديدين سنعلن عنهما قريباً. 

*كلمة أخيرة ؟ 

شكرا ً لك على هذا اللقاء 

فلاش ..

هاني محمد مخلوف من مواليد محافظة اللذقية مدينة القرداحة
متزوج وله خمسة أطفال
له حب للرياضة وخصوصا الفروسية والخيول
ترأس نادي القرداحة لعدة أعوام
أسس مجموعة الهاني التجارية في سورية عام 1990م

بواسطة
محمد فراس منصور
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى